النسيج الجمعوي التربوي ينظم أنشطة ترفيهية لفائدة الأطفال ضحايا الزلزال

خلف الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز منذ أكثر من عشرة أيام، الآلاف من المتوفين والجرحى، في وقت أبكت الملايين، ردود أفعال الأطفال الذين تم إنقاذهم ونجو من تحت الأنقاض، على غرار الطفل ياسين الذي تكفلت به إدارة نادي الرجاء البيضاوي، بعد أن فقد والديه وإخوانه في هذا الزلزال، وتناقلته مختلف وسائل الإعلام وهو يبكي بحرقة فقدان أحبته.

إلى جانب تلك الصورة، التي اهتزت لها الملايين عبر العالم، انتشرت صور أخرى، لأطفال وهم في حالة ذهول وصدمة قوية، دون أن تذرف عيونهم كما الكبار، إحدى هؤلاء الأطفال حكت للصحافة، وهي في حالة ذهول، ومشتتة التركيز، كيف أن إخوتها الذين كانوا معها في نفس الغرفة قضوا نحبهم، وبقيت هي ووالديها متروكين لمجابهة الحياة التي لا يعرف أحد ماذا تخبئ لهم.

الحركة الجمعوية التربوية، لم تتخلف عن الموعد، فقد سيرت قوافل تضامنية من نوع خاص، حيث أن أغلب الجمعيات المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للتخييم، ضمنها منظمة الطلائع أطفال المغرب، انتقل أطرها إلى المناطق المنكوبة، وقاموا بتنظيم أنشطة تربوية وترفيهية لفائدة الأطفال ضحايا هذه الكارثة الطبيعية، الذين تجاوبوا بشكل كبير مع تلك الأنشطة التربوية.

العمل الذي قامت به هذه الجمعيات التربوية، ينطلق من إيمانها بأهمية الدعم النفسي لهؤلاء الأطفال الذين يوجدون في حالة صدمة نفسية كبيرة، وهم في حاجة إلى دعم فردي ودعم جماعي وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عما حدث بشتى الطرق، سواء بالرسم أو الكتابة التعبيرية، أو المسرح أو غيرها من أصناف التعبير والحكي.

كل طفل نجا من الزلزال، له قصة ومشهد صعب يختزنه، وسيبقى مستمرا معه طوال حياته، بعد أن نجا من تحت الأنقاض، ففي الوهلة الأولى قد يبدوا لك أنهم صابرون على هذا البلاء، لكنهم في الواقع يتألمون بصمت حتى دون أن يتمكنوا من التعبير عن عواطفهم ومشاعرهم، يكون ذلك بشكل أقل عند الأطفال الذين حضنهم والداهم أثناء الزلزال أو حموهم من وقوع الأحجار والأتربة عليهم، عكس الأطفال الذين مات والداهم أمامهم وأصبحوا دون معيل أو سند لهم في الحياة.

إن الأنشطة التربوية التي نظمتها الجمعيات التربوية، والتي هي عبارة عن أنشطة البهلوان، وبعض المسابقات ذات الطابع الترفيهي، وألعاب الهواء الطلق، وأنشطة الرسم والتعبير الجسدي، بالإضافة إلى توزيع هدايا هي عبارة عن اللعب وقصص أطفال، هي كلها بمثابة نقطة ارتكاز بالنسبة لهؤلاء الأطفال، وهي أيضا بمثابة دعم وحياة جديدة رغم قسوة ما حدث معهم.

وأنت تقف على تلك الأنشطة، تلاحظ أن الأطر التربوية مبتسمة وتوزع الابتسامة على الأطفال من حولها، وكأنها غير مبالية بهول الفاجعة، أو أنها غير حزينة كما ينبغي أمام كارثة يتمت العشرات من الأطفال ووشمت ذكرى مؤلمة ليس من السهل محوها ولا تجاوزها، لكن الأطر التربوية تعرف جيدا أهمية الابتسامة في وجه أطفال خرجوا للتو من تجربة عصيبة، فهي ابتسامة تعاطف ودعم لا محدود، ممزوج بكمياء خاصة، تنفذ بشكل مباشر إلى نفسية أولئك الأطفال، لأن الابتسامة هي أولى خطوات الدعم النفسي، وإعادة الطمأنينة لهم، وإزالة الشعور بالخوف. 

الأطر التربوية المدربة، تعرف جيدا حاجة هؤلاء الأطفال إلى بيئة آمنة تماما بعيدة عن أي استفزازات أو اعتداءات أو أي نوع من أنواع العنف الممارس، وبالتالي فإن نظرات التعاطف، لا تعني الشفقة، فهي نظرات دعم ومساندة فيها فرح بالبقاء على قيد الحياة، وهي، أيضا، تمنح الأمن والآمان لهؤلاء الأطفال، بعيدا عن كثرة الأسئلة لأنهم يكونون غير قادرين على الإجابة، وهم في حاجة إلى مساعدتهم ودعم نفسي من أجل تجاوز هذه التجربة القاسية، لأن الدعم النفسي هو بمثابة “المضاد الحيوي” لتجاوز الصدمة وحالة الفقد حتى يعود الأطفال إلى حياتهم الاعتيادية.  

>محمد حجيوي

Top