برلمانات الدول الإفريقية الأطلسية تجتمع بالرباط

أكد رشيد الطالبي العالمي رئيس مجلس النواب، أن القارة الإفريقية تتوفر على كافة إمكانيات النهوض وتحقيق التنمية المستدامة، من أراضي صالحة للزراعة ومعادن استراتيجية، وموارد بشرية، لكنها في حاجة إلى تمويلات كبرى، وإلى التكنولوجيات والمهارات.
وأضاف الطالبي العلمي في كلمة له خلال افتتاح اجتماع رؤساء البرلمانات الوطنية في الدول الإفريقية الأطلسية، صباح أمس الخميس، بمقر البرلمان بالرباط، أن المبادرة الأطلسية تشكل فرصة تاريخية لجلب الاستثمارات ورؤوس الأموال وتوطين المشاريع.
وشدد رئيس مجلس النواب المغربي، على أن مبادرة ومسلسل الدول الإفريقية الأطلسية الذي أطلق بالرباط منذ 2009، وعرف زخما جديدا منذ يونيو 2022 وفق رؤية جلالة الملك محمد السادس، هو بعيد كل البعد عن أي نزعة إقليمية، كما يتعين التوضيح أنه مشروع نبيل، وأحد روافد البناء القاري المتمثل في الاتحاد الإفريقي، ويتوخى أن يكون قيمة مضافة أساسية لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ورافدا في تعزيز التكتلات القارية الإفريقية ما دام أنه مشروع التقائي لما لا يقل عن ثلاثة من هذه التكتلات.
وأضاف الطالبي العالمي أن إطلاق المسلسل لم يكن اعتباطيا، بل تأسس على استحضار الرافعات التي تيسر له النجاح، ويتوخى تحقيق أهداف نبيلة ترسخ اقتدار القارة وتمكنها من التحكم في خيراتها وجعلها، بالتالي، قوة مؤثرة في القرارات الاقتصادية والجيوسياسية الدولية، مذكرا بأهم الرافعات التي يتأسس عليها المشروع، والمتمثلة أساسا في الأهمية الاستراتيجية للمحيط الأطلسي، بالنسبة لإفريقيا، إذ يعتبر بوابتها نحو الأمريكيتين وأوروبا الغربية والشمالية، ونحو حوض البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق جبل طارق، بالإضافة إلى طوله البالغ حوالي 15 ألف كلم أي حوالي 290 ألف كلم2 من المجال الإقليمي البحري، وحوالي أربعة ملايين و800 ألف كلم2 من المناطق الاقتصادية الخالصة.
ومن بين الرافعات التي أوردها الطالبي العالمي، الثروات السمكية التي يتوفر عليها الساحل الأطلسي الإفريقي، والتي يمكن أن تسد حاجيات بلداننا وتغذي شعوبا أخرى عبر العالم من خلال مشاريع شراكة عادلة ومتوازنة، أساسها الاستغلال المستدام لهذه الثروات وجعلها مصدر دخل وتشغيل، وفرصةً لاكتساب المهارات والتكنولوجيا المتطورة، بالإضافة إلى ما يتمتع به الساحل الأطلسي الإفريقي من استقرار وأمن، وتنقل آمن للبشر، ونقل آمن للبضائع، في سياق دولي من سماته التوترات في أكثر من مجال بحري عبر العالم، وكذا توفره على موارد بشرية، خاصة الشباب، وهو ما يوفر بحسب العالمي، العقول والسواعد والمهارات للإنتاج والبناء والتطوير.
ولم يغفل رئيس مجلس النواب المغربي، التأكيد على المشترك الثقافي والرصيد التاريخي والمصالح والمنافع المشتركة التي تجمع البلدان الإفريقية الأطلسية، مما ييسر التفاهم بين شعوبها، وتوحيدها في مواجهة الفقر والنقص في الخدمات الاجتماعية ومن التجهيزات الأساسية، مشيرا إلى أن من شأن الاستثمار الأمثل لكل هذه الإمكانيات، أن يطلق ديناميات كبرى في القارة الإفريقية وساحلها الأطلسي خاصة، حيث أن التجهيزات الأساسية من موانئ وطرق، وطرق سيارة، وسكك حديدية، ومطارات، ومنشآت أخرى، سوف لن تغير وجه الساحل الأطلسي الإفريقي فحسب، ولكنها ستغير مكانة إفريقيا نحو مزيد من الاقتدار والازدهار.


ويرى الطالبي العالمي أن من شأن الربط بين البلدان الإفريقية الأطلسية أن ييسر المبادلات داخل القارة، وينهض بالتكامل الاقتصادي بين بلدانها، ويجعلها تعتمد أكثر على إمكانياتها ومواردها ما من شأنه تعميق توجه الشراكة جنوب- جنوب على أساس التضامن والربح المشترك، في سياق عولمة تحكمها المصالح ومنطق السوق.
من جانبه، شدد ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي، على ضرورة تجاوز ما وصفه بـ”الصورة النمطية” التي سادت عن الفضاء الأطلسي كمصدر للتحديات، مشيرا إلى أن لبلدان الواجهة الأطلسية الإفريقية، ثقافة غنية بروافدها المتنوعة، وبوعي جمعي متجذر، وبهوية بحرية تليدة تلتحم حولها.
وأضاف بوريطة في كلمة له ألقاها بالنيابة عنه فؤاد يزوغ السفير المدير العام بوزارة الخارجية، أن لا سبيل لمواجهة تحديات الواجهة الأطلسية، وجني ما تجود به من ثمار، دون تكثيف الجهود ومضاعفة وتيرة منتديات الحوار والتفكير الجماعي في خلق آليات تعاون أنجع، مشيرا إلى أن الأطلسي شهد على كل ضفافه، إطلاق مبادرات جمة تنطوي على أوجه من التكامل عديدة، وكلها شاهدة على وعي جماعي بالأهمية الإستراتيجية لهذا الفضاء الفسيح، ويظل الطموح الأكبر بحسبه، تنسيق الجهود الرامية إلى تشبيك هذه المبادرات مستقبلا.
ويرى وزير الخارجية المغربي، أن الفضاء الإفريقي الأطلسي مجال جيوستراتيجي من الأهمية بمكان، إذ يحتضن 46 في المائة من سكان القارة، ويدر 55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي، فضلا عن كونه سوقا ضخمة تروج فيها 57 في المائة من التجارة القارية، مؤكدا على أهمية هذا اللقاء الذي يأتي في سياق مطبوع بالدينامية الإيجابية التي ولدتها المبادرة الملكية من أجل الأطلسي، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس، في شهر نونبر من سنة 2023، قصد تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
يشار إلى أن مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية ( (PEAAيهدف إلى تعزيز الحوار السياسي والأمني وتحسين الإدارة المستدامة للموارد المشتركة، وجذب الاستثمارات الإستراتيجية، بالإضافة إلى تعزيز الروابط البحرية، فيما يهدف هذا الاجتماع وفق ما جاء في الورقة التقدمية إلى تعزيز الحوار البرلماني بين دول إفريقيا الأطلسية لدعم مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، وكذا تعزيز التنسيق البرلماني حول القضايا المشتركة والتنمية المستدامة للموارد، والأمن البحري والاستثمار والتكامل الإقليمي.
كما يهدف اللقاء إلى تشجيع البرلمانات على الاضطلاع بدورها كقوة اقتراحية فعالة لدعم تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في إعلانات مسلسل الدول الإفريقية الأطلسي وإنشاء شبكة برلمانية إفريقية أطلسية لضمان متابعة منسقة ودائمة للمشاريع والمبادرات الإقليمية، وتحسين التنسيق بين البرلمانات والحكومات والمؤسسات الإقليمية، مما يعزز دور البرلمانات كجهات فاعلة رئيسة في تحقيق استقرار وتنمية المنطقة.

< محمد حجيوي
< تصوير: رضوان موسى

Top