برمجة غريبة في تلفزيوننا الوطني… مجرد ملاحظة..

بثت القناة الأولى حلقة مساء الثلاثاء الماضي: 04 مارس، من برنامجها الحواري السياسي (نقطة إلى السطر) للزميلة صباح بنداود في الحادية عشرة والنصف ليلا، وذلك بتأخير نصف ساعة عن التوقيت الذي أعلن عنه، وبقيت تعلن عنه لأكثر من مرة.
ليست المشكلة في تأخير بث حلقة واحدة من البرنامج بنصف ساعة، فربما كان سيكون الأمر مبررا لو حضرت دواعي مهنية أو طارئة أو تتصل بالبرمجة أو إكراهات أخرى واردة في العمل التلفزيوني، ولكن المشكلة تكمن في عقلية النظر إلى البرامج السياسية في تلفزيوننا الوطني بشكل عام، وما حدث أحد تجليات هذه العقلية فقط.
ملاحظتنا هذه ليست مرتبطة فقط بالحلقة الأخيرة من البرنامج المذكور أو بشخصية ضيف هذه الحلقة، ولكن هي تنبع من الحاجة المجتمعية للبرامج الحوارية والسياسية عبر إعلامنا السمعي البصري العمومي، ولمستوى أكبر من العناية والاهتمام والنظر للإعلام السياسي بشكل عام، ولأدوار التوعية والتثقيف والتحسيس والتأطير التي بإمكان التلفزيون القيام بها لمصلحة بلادنا وشعبنا.
إذا كنا نتوجه لشعبنا، وخصوصا للشباب والأجيال الصاعدة، بمثل هذه البرامج الحوارية والسياسية، فهل يعتقد الواقفون على البرمجة التلفزيونية أن أحسن توقيت لبث مثل هذه البرامج هو الحادية عشرة ليلا، ثم نزيد في التأخير بنصف ساعة، ونحن في ليلة يعقبها يوم عمل يفرض على الناس الاستيقاظ باكرا في اليوم الموالي؟
إن الإعلام السياسي يلعب دور الوسيط في العملية السياسية بالمجتمع، والجميع يتفق اليوم في بلادنا على ما انحدرت إليه السياسة في درك التدني، وعلى حاجة البلاد والمجتمع إلى إعادة المصداقية والنبل للسياسة، وعلى ضرورة تمتين الوعي والتعبئة وسط شعبنا وشبابنا للانخراط في الشأن العام، وفي كل هذا تحضر البرامج الحوارية في عمق العملية السياسية التوعوية، أي في صلب البرمجة، وهي صلة وصل أساسية بين صانع القرار والفاعل السياسي من جهة والجمهور والناخبين من جهة ثانية.
الكل يسجل اليوم أن برنامج الزميلة صباح بنداود يبقى الوحيد على القناة الأولى المندرج ضمن هذا الصنف الحواري السياسي، وهذا المعطى أصلا يكشف الضعف وقلة الاهتمام لدى أم قنواتنا الوطنية.
لسنا هنا في مقام تقييم البرنامج أو قراءة المنتوج المعروض في كل حلقاته بأدوات مهنية وسياسية، ولكننا نسجل فقط كونه النافذة الوحيدة في القناة الأولى للحوار السياسي، ورغم ذلك تتم برمجته في ساعة جد متأخرة من الليل، ولا يحظى بأي عناية بالنظر لأهمية المنتظر منه لإنماء وعي الجمهور وتوفير المعلومة والرأي السياسيين.
اليوم، برغم تحولات أنماط الاستهلاك الإعلامي عبر العالم، وفي بلادنا أيضا، فإن التلفزيون لا يزال يحتفظ بحضوره وسط الجمهور، ولا تزال البرامج الحوارية والسياسية تصنع تميز عدد من القنوات.
ويفرض هذا على قنواتنا الوطنية إنجاز برامج حوارية وسياسية ومجتمعية متعددة ومتنوعة، لكن يجب أن تتم ضمن شروط الصنعة التلفزيونية كما هو متعارف عليها في كل الدنيا، وأن تتجاوز الرتابة والنمطية والتكلس في الإعداد والتقديم والأداء المهني واختيار الضيوف، وفي مستويات الجرأة والانفتاح، وكذلك أن يحاط البرنامج السياسي أو الحوار بمقومات الإبداع والإبهار التلفزيونيين، وتتوفر فيه الجاذبية المهنية والفنية.
ومن المؤكد أنه في قنواتنا الوطنية يوجد مهنيون للنجاح في ذلك متى توفرت لهم العناية والحرية والإمكانيات التقنية والمادية وجودة البرمجة وحسن التخطيط.
برنامج «نقطة إلى السطر» تقدم فيه الزميلة صباح بنداود والفريق المهني والتقني المرافق لها جهدا مهنيا مقدرا، وتجسد فيه مقدمته مقومات الجدية المهنية والحضور التلفزيوني وامتلاك اللغة، ولكن إرجاء بث البرنامج إلى الساعات الأخيرة في الليل يجعل (لي حرث الجمل دكو).
مجرد ملاحظة للقناة الأولى مع صادق المودة في هذا الشهر الفضيل.

 محتات‭ ‬الرقاص

Top