لهيب في الأسواق طيلة الأسبوع الأول من رمضان

ككل سنة يحل فيها رمضان بالمغرب، لابد أن يصاحب حلول هذا الشهر مجموعة من الزيادات في المواد الغذائية التي يستهلكها المغاربة، حركة غير عادية تعرفها معظم الأسواق في جميع أرجاء البلاد بدون اختلاف سواء في القرية أو في المدينة.. ويبقى الهاجس الذي يواجه المواطن هو توفير مصاريف التبضع طيلة الشهر، حيث ترتفع نفقات المواطنين بشكل كبير، فعكس ما يقال كون رمضان شهر التوفير، رمضان شهر استهلاكي بامتياز، حيث يرتفع الإقبال والطلب على مختلف المواد الغذائية بما فيها اللحوم والأسماك.. الخضر والفواكه.. والحلويات وغيرها من المواد الأساسية التي تؤثث لمائدة غنية خلال وجبة الإفطار.. يلاحظ كذلك خلال هذا الشهر بروز العديد من العادات السيئة التي يلجأ إليها بعض البائعين والمتجلية في تسويق منتوجات فاسدة ورفع الأسعار دون مبرر إضافة إلى تمظهرات أخرى من قبيل احتلال الملك العمومي والمنافسة غير الشريفة. عموما يمكن القول أن ارتفاع الأثمان في رمضان ظاهرة سنوية تعرفها العديد من المناطق المغربية وخصوصا المدن الكبرى.
بيان اليوم ترصد الظاهرة    
الجريدة بغية الإطلاع على الوضع، قامت بجولة بمجموعة من الأسواق بمدينة الرباط، وتوقفت على العديد من المظاهر، وكذا أسعار مجموعة من المواد الاستهلاكية، كما قامت بإجراء دردشات مع البائعين والزبناء كذلك من أجل أخذ الارتسامات حول الظاهرة، والإطلاع على ردود الأفعال حيال بعض السلوكات..

ارتفاع صاروخي في ثمن السمك

في جولة برواق خاص ببيع الأسماك بالسوق النموذجي “باب الحد” بالرباط ، توقفت “بيان اليوم” على زيادات صاروخية في أثمان السمك، فبعد سؤال مجموعة من الباعة عن أثمان بعض أنواع السمك، عرفت الجريدة أن  “السردين” الأكثر استهلاكا من طرف الفئات المتوسطة، انتقل من 15 إلى 30 درهما، فيما قفزت أنواع أخرى فوق 100 درهم، كـ”الصول” الذي ارتفع ثمنه من 70 إلى 120 درهما، و”كلمار” من90 إلى 130 درهما، و”الميرنا” من 60 إلى 100 درهم، و”الكروفيت” من 100 إلى 180 درهما. بعدما كانت هذه الأثمان مستقرة قبيل حلول هذا الشهر.. وعلق الباعة على هذا الارتفاع، كون أنهم يقتنونه من “المرسى” بثمن مرتفع” ما يجعلهم بدورهم يرفعون الثمن.. مؤكدين على أنه في أحيان كثيرة يضطرون إلى بيعه بثمنه الأصلي نتيجة تراجع الإقبال عليه، مما يخلق تخوفا لديهم، من إمكانية عدم بيعه، وبالتالي فساد البضاعة وفقدان رأس المال.
كذلك المواطنين عبروا عن استيائهم عن هذه الزيادة، حيث أكد العديد أن السمك يشكل بالنسبة إليهم وجبة رئيسية على مائدة الإفطار، نظرا لما له من أهمية غذائية، لكن يقول البعض أنه توقف عن اقتنائه بسبب الزيادة المفاجئة والتي جاءت في وقت حساس، حيث الإقبال كبير وحركة البيع والشراء تعرف رواجا.. فيما أن هذا الارتفاع يضعف الحركة ويدفع الكثيرين للعزوف عن استهلاك هذه المادة الغذائية المهمة.
ومن جهة أخرى، عبر العديد من المغاربة عن عدم رضاهم جراء غلاء ثمن الأسماك، حيث عرف العالم الأزرق “فيسبوك” سيلا من الانتقادات تزامنا مع ارتفاع هذه الأسعار، حيث قارن بعضهم بين أثمنة السمك في أوروبا والمغرب والفرق بينهما، خصوصا وأن المغرب يتوفر على واجهتين بحريتين وما تزخر به من ثروات سمكية هائلة، إلا أن ذلك لا يشفع للمغاربة بتناول السمك بأثمنة مناسبة أو تفضيلية تقول بعض التعليقات.. فيما تعليقات أخرى على مجموعة من الصفحات دعت إلى مقاطعة شراء السمك إلى حين استقراره في سعر مناسب.

الخضر والفواكه.. زيادات قليلة لكنها مؤثرة

سجلت “بيان اليوم” في جولة لها برحاب إحدى أسواق الرباط، تذمر العديد من المواطنين وسخطهم بسبب الأثمنة الملتهبة في الخضر والفواكه التي لم تسلم بدورها من الزيادة، إذ ارتفعت أثمان العديد من أصناف الخضر بعدما كانت مستقرة في أثمنة محددة، أياما قليلة قبل رمضان، حيث تجاوز ثمن البطاطس 5 دراهم وتراوح ثمن الطماطم، الأكثر إقبالا هذا الشهر، بين 5 و6 دراهم بعدما كان سعرها مستقرا في 4 دراهم هذا بالنسبة للنوع العادي، أما النوع الممتاز فيفوق 7 دراهم، وقس على ذلك الجزر وأنواع من الخضروات الأخرى التي زادت بدرهم أو بدرهم ونصف.. فيما استقر ثمن البصل في درهمين ونصف.. وعلى مستوى الفواكه كذلك قفز الموز من ثمنه الاعتيادي بين 8 و 10 دراهم إلى 15 درهما.. فيما ثمن البرتقال العادي يتراوح بين 5 و6 دراهم، أما الجيد فيفوق 8 دراهم، أما فاكهة التفاح فقد وصل ثمنها 24 درهما للنوع الممتاز. هي زيادة وإن كانت قليلة بدرهم أو درهم ونصف إلا أنها تشكل تأثيرا كبيرا على جيب المواطن وخصوصا ذوي الدخل المحدود.

البديل

وسط هذا الارتفاع الذي تعرفه الخضر والفواكه بأسواق مدينة الرباط، خصوصا الأسواق النموذجية، تبقى الأسواق “العشوائية” هي ملجأ العديد من المواطنين لوجود أثمنة أقل من تلك الموجودة في هذه الأسواق الحضرية، كالسوق النموذجي بـ “باب الحد”، ومن المواطنين الرباطيين كذلك من يلجأ إلى أسواق الضواحي بـ سلا، حيث أن الثمن هناك أقل بكثير من ذاك المفروض بالأسواق السالفة الذكر، خصوصاً بالنسبة للطماطم وأصناف الفواكه والخصر.
“بيان اليوم” خلال جولتها، لاحظت تذمرا بين البائعين كذلك، بسبب ضعف الإقبال على مجموعة من الأصناف، نتيجة غلاء الأسعار.. معلقين على ذلك بكون أن عدم الإقبال على التبضع يعرض سلعتهم للضياع والخسارة.. فيما يرد بعض المواطنين أن سبب تراجع إقبالهم على الخضر بالسوق المذكور راجع بالأساس لارتفاع الأسعار ورداءة المنتوج، حيث أن ثمن الخضر والفواكه مرتفع في حين أنها تفتقر للجودة، حيث يشير هؤلاء المواطنين في حديثهم للجريدة، إلى أن غلاء الأسعار يرجع بشكل أساسي لكثرة الطلب على هاته المواد الاستهلاكية خلال هذا الشهر، بحيث أن ارتفاع الطلب يؤدي مباشرة إلى زيادة الأسعار نتيجة المضاربات التي تعرفها الأسعار بسوق الجملة، كما يؤدي كذلك حسب هؤلاء الأشخاص إلى عدم احترام جودة المنتوجات وتسويقها كيف ما كانت ما يضطر العديدين على سبيل المثال على اقتناء طماطم فاسدة وقس على ذلك باقي المنتوجات سواء كانت خضرا أو غير ذلك..

سلوكات موازية

مجموعة من السلوكات رصدتها الجريدة في جولتها والتي تخلق نوعا من العشوائية، من بين هذه السلوكات انتشار الباعة غير النظاميين الذين يحتلون الملك العمومي، ولا يؤدون أي فواتير، الشيء الذي يسمح لهم بتخفيض أثمان الخضر والفواكه ومجموعة من المواد الأساسية إلى الحد الأدنى مقارنة مع أصحاب المحلات، الشيء الذي يجعل الإقبال عليهم مرتفع، وبالتالي ضياع حقوق أصحاب المحلات الذين عبروا عن عدم رضاهم عن هذه المنافسة غير الشريفة، والسلوكات التي تعود عليهم سلبا بالدرجة الأولى، كما أنه ومن جهة أخرى تعرف الشوارع اكتظاظا وازدحاما بسبب احتلال الملك العمومي وسد طريق المرور سواء بعض الأزقة الخاصة بالمارة أو بعض الطرقات الخاصة بالسيارات، هذا فضلا عن مخلفات هؤلاء الباعة، التي يقذفونها في الشارع العام دون احترام للأماكن المخصصة للنفايات.
هذا ومن السلوكات الموازية خلال رمضان انتشار المهربين وباعة المواد الفاسدة الذي يروجون أصناف من المواد الاستهلاكية المنتهية الصلاحية ومواد أخرى فاسدة، مستغلين كثرة الطلب خلال هذا الشهر، من أجل كسب أموال طائلة وراء هذه التجارة. وذلك في غياب تعميم المراقبة على جميع الأسواق وعدم قدرات المصالح المختصة على مسايرة كل سوق على حدة. وذلك ما يترك المجال مفتوحا أمام العديد من التجار، لاستغلال مثل هذه المناسبات، والتصرف بدون وازع أو ضمير تجاه المستهلكين، دون اعتبار لأوضاعهم الاجتماعية أو أي شيء آخر، إذ أن همهم الوحيد تحقيق الربح السريع، حتى وإن كان ذلك بطرق غير سليمة ولا شرعية.

تفعيل المراقبة

ظل “تفعيل المراقبة” أهم مطلب يلح عليه المواطنون، وذلك من أجل حمايتهم من عدة  تجاوزات وسلوكات تعرفها الأسواق والتي تم ذكر بعض منها سابقا، على رأسها تباين الأثمان، والزيادات العشوائية التي يفرضها بعض الباعة الذين يحتكرون السوق.. كما أن تفعيل المراقبة يساهم كذلك في حماية المستهلك من أي خرق لسلامة المواد الاستهلاكية، ويوقف العديد من الأنشطة المشبوهة في تسويق السلع المهربة.

 أنجزه: محمد توفيق أمزيان
 تصوير: رضوان موسى

Related posts

*

*

Top