
ما تزال عملية الإصلاحات المتكررة لمركب محمد الخامس مستمرة، وتثير الكثير من التساؤلات، في غياب رؤية واضحة، وتدبير سليم، واحترام المفهوم الحقيقي لإشراك فعلي الجهات المرتبطة بالموضوع.
ففي كل مرة يسود الاعتقاد بأنها ستكون الأفضل من سابقاتها، على اعتبار أنه لا يمكن تراكم الإخفاقات وعدم الاستفادة من الأخطاء السابقة، مع ما يترتب عن ذلك من تكلفة متعددة الأوجه، من هدر الوقت وضياع لموارد مالية كبيرة، كانت تكفي لتشييد مركب جديد بمواصفات دولية.
فالإغلاق الأخير كان أواخر سنة 2023، وبعد أن تأخرت عملية الإصلاح لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، تم الشروع في إحداث التغييرات المنصوص عليها بدفتر التحملات، لكن ببطء شديد وبتشوهات لا تطاق.
فبعد مدة غير قصيرة من الشروع في الأشغال، ظهرت للعلن بواجهة المركب مثلثات بيضاء عبارة عن “باش” مصنوع من القماش الأبيض، كاجتهاد في نظر المشرفين على المشروع، لتقديم واجهة جديدة، لكن المولود جاء مشوها، لا ابتكار ولا جمالية تستحق الذكر …
هذا ما سمي ابتكارا صدم البيضاويين، وتحول إلى مجال للسخرية والتنمر، إلى درجة أن هذا المركب كان سيتحول في نظرهم، إلى سوق أسبوعي بخيام عشوائية، يفتقد إلى التنسيق والجمالية، خاصة وأنه يقع وسط أهم المناطق الحضرية لمدينة كبيرة كالدار البيضاء.
بعد تدخل سلطات المدينة، وخصوصا الوالي محمد المهيدية تمت إزالة هذه المثلثات، والأغرب من ذلك أن عمدة المدينة نبيلة الرملي، أكدت في تصريحات سابقة، أنه تم اكتشاف لحظة إزالة الحديد الذي كان سيحمل الغطاء الأبيض “الباش”، سقوط بعض القطع الإسمنتية من الغلاف المحيط بالمركب، أي أن العملية كانت ستكون لها عواقب وخيمة مستقبلا على المنشأة ككل.
وفي وقت كان من المنتظر أن يعلن رسميا عن افتتاح المركب، قبل نهاية سنة 2024، كما أعلن في أكثر من مناسبة، ما يزال الغموض سيد الموقف، مع التعلم أن هناك ملاحظات أخرى من طرف سلطات المدينة، بخصوص ظهور إصلاحات أخرى مشوهة، تقتضي المصلحة إزالتها، حتى يتماشى الشكل الخارجي للمركب، مع ما هو متعارف عليه دوليا.
يستمر الإغلاق وتستمر معه الأخطاء، ويستمر هدر المال العام، وضياع المزيد من الوقت والفرص، ولعل السؤال الجوهري الذي يطرح في هذه الحالة؛ هل الشركة المشرفة على عملية ما يسمى بـ “الإصلاح” تشتغل لوحدها، دون مراقبة ولا تتبع دقيق؟ ثم هل كانت هناك دراسة تقنية قبلية تحت إشراف خبراء ومختصين، قبل الشروع في عملية الإصلاح؟
كل هذه الأسئلة وغيرها كثير، تعد أسئلة جوهرية في التعاطي مع ملف كثرت حوله الاحتجاجات والانتقادات، بل ذهبت أكثر من جهة إلى المطالبة بفتح تحقيقات، وليس تحقيق واحد، حول عمليات الإصلاح المتكررة لمركب تحول إلى مجال لممارسات غير سليمة تماما…
محمد الروحلي