قصفت الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية مختلف أنحاء قطاع غزة من شماله إلى جنوبه في حين تزداد النداءات والضغوط الدولية والشرق أوسطية خشية إفشال خطة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن كشف عنها الرئيس الأميركي جو بايدن ولم تعلن إسرائيل ولا حماس موقفا واضحا منها.
في الأثناء حذرت منظمة أوكسفام البريطانية الخيرية من أن الأوضاع “مروعة” في المواصي حيث أجبر الجيش الإسرائيلي مليون شخص على النزوح من رفح شمالا.
لكن يبدو أن المطالب المتناقضة للمعسكرين قد تنسف المقترح الذي أعلنه بايدن، بعد حوالي ثمانية أشهر على اندلاع الحرب.
بعد حوالي شهر على بدء الهجوم البري على مدينة رفح المتاخمة لمصر في جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر، والذي تقول إسرائيل على أنه المرحلة الأخيرة من حربها على حماس، يستمر القتال في جميع أنحاء قطاع غزة.
واستهدف القصف والغارات مدينة غزة في الشمال ومخيم البريج في وسط القطاع.
ومساء يوم الثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يهاجم بواسطة طائرات وقوات برية “أهدافا إرهابية” في قطاع البريج.
المقترح الذي عرضه بايدن وقال إنه خطة إسرائيلية، وقفا لإطلاق النار خلال فترة أولى من ستة أسابيع وتبادل رهائن مع فلسطينيين معتقلين في إسرائيل، قبل بدء إعادة إعمار غزة.
ويرمي المقترح وفق بايدن إلى إرساء وقف “دائم” لإطلاق النار في مرحلة لاحقة شرط احترام حماس لـ”تعهداتها”.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حماس إلى قبول الخطة ودعا إلى إعادة الرهائن وإنهاء معاناة فلسطيني غزة.
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري “لم نر بعد موقفا واضحا للغاية من الحكومة الإسرائيلية … قرأنا وشاهدنا التصريحات المتناقضة الصادرة عن الوزراء الإسرائيليين، وهو ما لا يعطينا ثقة كبيرة بوجود موقف موحد في إسرائيل تجاه هذا المقترح الحالي المطروح على الطاولة”.
وأردف المتحدث الذي تشارك بلاده في الوساطة “لم نر أي تصريحات من الجانبين تمنحنا الكثير من الثقة في العملية”، مع تأكيده استمرارها.
من جهة أخرى قال مصدر قطري إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز بصدد العودة إلى الدوحة من أجل “مواصلة العمل مع الوسطاء لإنجاز اتفاق” على وقف إطلاق النار.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن حكومة الحرب مجتمعة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
واتهم القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، إسرائيل بالسعي إلى مفاوضات مفتوحة “بدون سقف زمني”، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يمكن القبول باتفاق لا يضمن وقفا لإطلاق النار.
أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك تأييده لمقترح بايدن وقال إن “أي مبادرة تؤدي إلى وقف لإطلاق النار يفضي إلى إنهاء ما يحدث الآن هي بالطبع موضع ترحيب”. وعن الوضع في غزة قال “لم نعد نعرف حتى كيف نصفه. إنه أكثر من هش. إنه أكثر من كارثي”.
وقال إن الأسس والمعايير المتعلقة بإدارة الحرب “تنتهك بوحشية” و”لا أمان داخل غزة وهو وضع مأسوي للغاية”.
وأعلنت مجموعة السبع دعمها مقترح الرئيس الأميركي، وجاء في بيان لها أن قادتها “يؤيدون تماما” مقترح بايدن “الذي من شأنه أن يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن جميع الرهائن، وزيادة كبيرة ومستدامة في المساعدات الإنسانية لتوزيعها في جميع أنحاء غزة، ووضع حد دائم للأزمة، مع ضمان المصالح الأمنية لإسرائيل وسلامة المدنيين الغزيين”.
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أكد أن القتال لن يتوقف إلا مؤقتا للإفراج عن المحتجزين، وأن أحد أهداف إسرائيل الرئيسية يظل تدمير حماس.
ونعت إسرائيل أربعة رهائن قتلوا في غزة. لكن جثثهم ما زالت لدى حماس.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري إنه يعتقد أنهم “قتلوا معا في منطقة خان يونس خلال عمليتنا هناك ضد حماس”.
وقال منتدى عائلات الرهائن الذي شارك في سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة باتفاق هدنة، “كان يجب أن يعودوا أحياء إلى بلادهم وعائلاتهم”.
حث مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط توروينسلاند على قبول مقترح الهدنة وكتب على موقع إكس قائلا إنه “لا يوجد بديل، وأي تأخير، يكلف كل يوم ببساطة المزيد من الأرواح”..
سيطرت إسرائيل منذ دخولها رفح في 7 مايو على مواقع استراتيجية، مثل معبر رفح ومحور فيلادلفيا الحدودي. لكن القتال استؤنف في عدة قطاعات من شمال قطاع غزة ووسط كان قد أكده الجيش سابقا سيطرته عليها.
وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على “فشل” استراتيجية إسرائيل، كما يؤكد مايكل ميلشتين، المتخصص في القضايا الفلسطينية في جامعة تل أبيب. ويقول الباحث: “منذ ينايرأوفبراير، اتبعت إسرائيل استراتيجية العمليات المحدودة والدقيقة، بدلا من البقاء في كامل المنطقة …. لقد فشلت هذه الإستراتيجية”.
قبل هجومها على رفح أجبرت القوات الإسرائيلية مليون شخص على النزوح شمالا إلى المواصي حيث أعلنت إقامة “منطقة إنسانية”. لكن منظمة “أوكسفام” الخيرية تحدثت عن أوضاع “مروعة”.
وقالت في بيان إن “الظروف المعيشية مروعة لدرجة أنه لا يوجد في المواصي سوى 121 مرحاضا لكل 500 ألف شخص، ما يعني أنه يتعين على كل 4130 شخصا أن يتشاركوا مرحاضا واحدا”.
لاستجابة الإنسانية يجعلان عمليا وصول المنظمات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين والجائعين مستحيلا “.
وحذرت المسؤولة المحلية لمنظمة الصحة العالمية من اضطرار سكان في غزة لشرب مياه غير صالحة وتناول علف الحيوانات، داعية إلى زيادة فورية للمساعدات الإنسانية.
في موازاة ذلك، أقر البرلمان السلوفيني مرسوما يعترف بدولة فلسطين، بعد أسبوع على خطوة مماثلة أخذتها إسبانيا وإيرلندا والنرويج وانتقدتها إسرائيل بشدة.
< أ.ف.ب