المجتمع المدني العالمي يتعبأ من الدار البيضاء من أجل إعمال العدالة المناخية

بمبادرة من الائتلاف المغربي للعدالة المناخية، احتضنت مدينة الدارالبيضاء، يومي السبت والأحد الماضيين، اللقاء الإفريقي والدولي للمجتمع المدني، حول موضوع “رهانات وتحديات مؤتمر الأطراف 22”.
اللقاء الذي يندرج في سياق التحضير للدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ “كوب 22”- التي ستعقد أشغالها بمراكش خلال شهر نونبر القادم- شكل فرصة سانحة لممثلي أزيد من 200 إطار جمعوي ومدني من المغرب وأفريقيا والعالم، من أجل التبادل والتشاور، وذلك بهدف تحديد الخطوط العريضة لاستراتيجية عمل المجتمع المدني لأجل العدالة المناخية والتنمية المستدامة، سواء خلال أو حتى بعد مؤتمر مراكش.
وأكد المشاركون في هذا اللقاء على عزمهم القوي على جعل الدورة 22 لمؤتمر الأطراف بمراكش إطارا للعمل المشترك، على أسس رؤية موحدة تروم أساسا الضغط على الحكومات ومراكز القرار “حتى لا يتم تجاوز الخطوط الحمراء لمستقبل عادل وصالح للعيش”، كما جاء في إعلان الدار البيضاء الذي تمت تلاوته في نهاية هذه التظاهرة مساء أول أمس الأحد.
وشدد معظم المتدخلين الذي يمثلون 36 بلدا من مختلف بقاع العالم، إضافة إلى المغرب، على أن هيئات المجتمع المدني، بمختلف مشاربها واهتماماتها، يجب أن “تشكل قوة ضغط واقتراح خلال هذه التظاهرة العالمية، وأن تقدم حلولا وبدائل لمشاكل الاحتباس الحراري”، انطلاقا من خلاصات عملها الميداني ومن متطلبات المجتمعات التي تعاني من آثار التغير المناخي على مستويات مختلفة منها الاقتصادي والاجتماعي والصحي. واعتبروا أن رهان مواجهة آثار التغير المناخي، هو أيضا رهان سياسي واقتصادي، مرتبط باستمرار سن سياسات تنموية غير مستدامة وغير مراعية لاحتياجات الشعوب، ومن ثم ضرورة العمل على الإعمال الفعلي لمبادئ الاستدامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمناخية، من أجل مواجهة حقيقية لمظاهر وعوارض الاحترار المناخي.
وفي هذا الصدد أشار المتدخلون إلى أهمية ما حققه اتفاق باريس في انتزاع التزام مبدئي من الدول الأطراف بهدف الحد من الاحتباس الحراري، مؤكدين على ضرورة تعبئة تلك الأطراف من أجل العمل لحصر ارتفاع حرارة الأرض عند درجة 1.5، ولكن الرهان الذي يجب رفعه خلال مؤتمر مراكش هو “المرور من الأقوال إلى الأفعال” وترجمة الالتزامات إلى مبادرات فعلية لوقف الاستغلال والاستثمار في مجال الطاقة الأحفورية المسؤولة عن  80 بالمائة من الغازات الدفيئة المسببة للاحترار، فضلا عن سن سياسات جديدة للإنتاج وتغيير أنماط الاستهلاك وتحويلها إلى الاستدامة. وكل ذلك في إطار إيجاد صيغ فعلية لتمويل سياسات مكافحة التغير المناخي، وإيجاد آليات للمتابعة والتقييم المستمرين، وتعزيز تدابير الحكامة المسؤولة والجيدة في جميع المجالات.
واعتبر المشاركون أن أفريقيا، بوصفها أرض الهشاشة البيئية والتدهور المناخي، يجب أن تحظى بأولوية خاصة خلال احتضانها لأشغال الدورة 22 لمؤتمر الأطراف. فإذا كانت القارة غير مسؤولة عن ظاهرة التغير المناخي، فإنها أضحت تعاني بشكل كبير من آثارها، مما ينعكس بشكل خطير على الاستقرار والتنمية وعلى مصير الشعوب الأفريقية. وبالتالي فإنها أصبحت، أكثر من أي وقت مضى، في حاجة إلى تعزيز وسائل الدعم والتبادل شمال -جنوب، وكذا إلى تعبئة ذاتية، فردية وجماعية من أجل إيجاد حلول للتغير المناخي.
وبما أن المؤتمر عرف حضور ممثلين عن جمعيات المجتمع المدني من مختلف بقاع العالم، بما فيها دول كالفلبين واليابان وكندا واسبانيا وغيرها، فقد كان عموما مناسبة لرصد مظاهر التأثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي في كل مناحي الحياة الإنسانية وفي كل البقاع، وبالتالي فرصة لمقاربة الحلول والاقتراحات من وجهات نظر مختلفة وكذا باستحضار أهمية دور إشراك المجتمع المدني والمجتمعات المحلية وفئات النساء والشباب في إيجاد وإعمال الحلول الممكنة. ليتعهد المشاركون في الختام بضمان الاستمرارية لنفس التعبئة والعمل المشترك بعد “كوب 22″، عبر تشكيل مجموعات وإطارات عمل تضم ممثلين عن الهيئات التي حضرت المؤتمر، وتأخذ أبعادا قارية وإقليمية ودولية، وتكون لها لقاءات دورية تتابع وتشتغل باستمرار على إعمال واحترام أسس العدالة المناخية.

سميرة الشناوي

Related posts

Top