انطلاق فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المحيطات بلشبونة

تنطلق يومه الاثنين بلشبونة بالبرتغال  فعاليات المؤتمر الأمم المتحدة الثاني المعني بالمحيط بحضور رؤساء دول وحكومات، وبمشاركة الأطراف المعنية بمسألة المحيط من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية العالمية والمنظمات غير الحكومية والباحثين والقطاع الخاص.

وللتعريف بهذا الحدث الدولي الهام الذي يستمر إلى غاية 1 يوليوز المقبل، نظم مركز الأمم المتحدة للإعلام بالرباط يوم الخميس الماضي لقاء لتسليط الضوء على المؤتمر الذي يتزامن مع سعي العالم لمعالجة عديد المشاكل التنموية المتجذرة والتي كشفتها جائحة كوفيد-19 للعيان بشكل واضح. وشارك في اللقاء محمد ياسين العروسي ممثلا عن قطاع الصيد البحري بوزارة الفلاحة ود. محمد علوي، مدير برنامج العلوم لمكتب اليونسكو بالمنطقة المغاربية.

يتنزل مؤتمر الأمم المتحدة الثاني بشأن المحيطات في وقت تتفاقم فيه الأزمة الثلاثية لتغير المناخ وانجراف التنوع البيولوجي والتلوث والتي تهدد صحة المحيطات واستدامة الأنشطة التنموية القائمة عليها. ويمثل تواصلا لجهود الأمم المتحدة الرامية لعكس نسق تدهور النظم البيئية البحرية وتأمين استدامتها وتسريع تنفيذ الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة. وقد كانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أبرزت، في تقريرها الذي أصدرته الشهر الماضي، أربع مؤشرات حطمت أرقاما قياسية في مجال المناخ العالمي لسنة 2021 على مستوى ارتفاع مستوى البحار، ودرجات حرارة وحموضة المحيطات وتكثيف تركز الغازات الدفيئة المسببة للإحترار.

مؤتمر الأمم المتحدة الثاني بشأن المحيطات  الذي يعقد تحت شعار ” تدعيم العمل من أجل المحيط اعتمادا على العلم والابتكار لتنفيذ الهدف 14: الشراكات والحلول” يأتي لتعزيز ما أنجز منذ المؤتمر الأول للأمم المتحدة بشأن المحيطات سنة 2017 وليدشن مرحلة جديدة من العمل العالمي من أجل حماية البيئة البحرية والنهوض بالاقتصاد الأزرق، على أساس الحلول المبتكرة والبحث العلمي لتطوير التكنولوجيا الخضراء والاستخدامات المبتكرة للموارد البحرية والتصدي للأخطار التي تهدد صحة المحيطات.

وينتظر أن يعتمد المؤتمر إعلانا سياسيا يجدد عزم العالم على التعاون الدولي لحماية المحيطات في علاقاتها بالقضايا المصيرية للمناخ والتنوع البيولوجي والتصدي لخطر التلوث يكون متضمنا لترحيب دولي بقرار الجمعية العامة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بدعوة لجنة دولية حكومية لإعداد اتفاق دولي ملزم بشأن التلوث بالبلاستيك بما فيها تلوث المحيطات. كما ينتظر أن يتضمن تجديد التأكيد على أهمية عقد الأمم المتحدة بشأن علم المحيطات من أجل التنمية المستدامة ودعم عمل اليونسكو في هذا المجال إضافة إلى حلول التمويل ونقل التكنولوجيا والحد من انبعاثات النقل البحري. وينتظر أن يشهد المؤتمر أيضا الإعلان عن سلسلة جديدة من الالتزامات الطوعية الملموسة من قبل الحكومات وبقية الأطراف المعنية للتصدي للتحديات التي تواجهها المحيطات والتي تؤثر على المجتمعات والتنمية.

وتنتظم أشغال المؤتمر ضمن ثماني حوارات مواضيعية بخصوص دعم الاقتصاد الأزرق، والحد من ارتفاع حموضة المحيطات، وتنمية قدرات البحث العلمي ونقل التكنولوجيا، ومكافحة التلوث البحري، وحماية واستصلاح الأنظمة البحرية والشاطئية، وتثمين الترابط بين الهدف 14 وبقية أهداف خطة 2030 للتنمية المستدامة، والصيد البحري وتسهيل وصول صغار الصيادين للأسواق إضافة لتحسين الحماية القانونية للمحيطات 

تجدر الإشارة إلى أن المحيطات التي تغطي 70 بالمائة من البسيطة تلعب دورا أساسيا في تأمين الحياة والرزق والنشاط الاقتصادي فهي تحتضن 80 في المائة من جميع أنواع الحياة على الكوكب، وتنتج  50 في المائة من الأكسجين الذي نحتاجه. كما تلعب دور حاجز حيوي أمام آثار تغير المناخ إذ أنها تمتص 25 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتلتقط 90 في المائة من الحرارة الإضافية الناتجة عن تلك الانبعاثات. والمحيطات أيضا مصدر رزق لـ3 مليار شخص يعتمدون على البحر في حياتهم ولأكثر من 200 مليون يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر في الصيد البحري.

غير أن العلم يوضح اليوم أن صحة المحيطات تتدهور بشكل خطير بسبب النشاط البشري وأن الأوان قد آن لوقفة عالمية حازمة لعكس التدهور وتأمين سلامة المحيطات باعتبارها مصدرا أساسيا للحياة على الكوكب. فالنشاط البشري يقف وراء 11 مليون طن من النفايات تصل كل سنة للبحر وتلحق الضرر بالحياة البحرية والصيد البحري والسياحة كما أن 80 في المائة من ملوثات المحيط تأتي من الأرض ومن أخطرها نفايات البلاستيك التي تسبب موت 1 مليون طير بحري وأكثر من 100 ألف من الثدييات البحرية. ويسبب التلوث الناجم عن نفايات البلاستيك كل سنة أضرارا للأنظمة البيئية البحرية تقدر بـ13 مليار دولار. 

ورغم كل ذلك يجمع الخبراء على أن الوضع غير ميؤوس منه وأن هناك حلولا عملية قادرة على تأمين الحماية الأزمة للمحيطات أمام التدهور واستعادة صحتها باعتماد مقاربات مستدامة في مجالات  النقل والصيد  البحري وحماية  مواقع التنوع البيولوجي  والتصدي للتلوث البحري خاصة نفايات البلاستيك.

وأمام خطورة الوضع كانت الأمم المتحدة بادرت مند 2017 بعقد أول مؤتمر للمحيطات بنيويورك مثل تحولا في المقاربة العالمية للتصدي لتدهور صحة المحيطات ولتوفير الحلول لتنفيذ الهدف 14 من خطة التنمية المستدامة المتعلق بحماية المحيطات والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة. وقد اعتمد هذا المؤتمر إعلانا حكوميا عالميا ( محيطنا مستقبلنا – نداء للعمل) وقائمة فاقت 1600 من الالتزامات التطوعية بحماية البيئة البحرية.

Related posts

Top