بعد إلغاء المجلس الدستوري لثلاث مقاعد في الجهة الشرقية

تكهنات بصدور قرار مماثل في الشمال و”الممنوعون” بطنجة يُعبدون طريق العودة إلى مجلس المستشارين

قالت مصادر متعددة بطنجة وتطوان، أن أحزابا سياسية ووجوها انتخابية معروفة بالشمال، تلقت القرار الصادر عن المجلس الدستوري مؤخرا، الذي قضى بإلغاء ثلاثة مقاعد بمجلس المستشارين دفعة واحدة وتلي في الجلسة العمومية للمجلس الثلاثاء الماضي، بتفاؤل مرده توقعهم أن يتكرر المشهد نفسه في جهة طنجة تطوان، سيما أن مصادر عدة تكهنت بإمكانية حدوث ذلك  واحتمال صدور قرار مماثل في الأيام القليلة المقبلة. وكشفت مصادر أن السلطات المحلية بطنجة، أسرت لبعض القياديين الحزبيين عن جهوزية إصدار القرار من المجلس الدستوري، بل وطلبت منهم الإعداد للترشح، كما لوحظت تحركات لبعض الممنوعين السابقين من الترشح، نحو حشد بعض الدعم، بل والبحث عن تزكيات حزبية، ومع هذه التحركات، شُرع في إعادة رسم  التوقعات والنتائج من جديد.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن حيثيات القرار الصادر عن المجلس الدستوري، تتشابه مع الحيثيات المعتمدة في  الطعن الذي تقدم به محمد أقبيب الذي كان  قد ترشح حينئذ باسم الاتحاد الدستوري، غير أن مصادر أخرى على اطلاع بالملف، تحدثت عن “تفاؤل حذر” يشوب مشاعر الجهات الطامحة إلى الوصول إلى مجلس المستشارين بقبول طعن أقبيب، حيث أصرت على القول بأن الخارطة السياسية تغيرت بعد انتخابات الغرفة الثانية في أكتوبر الماضي، وليس بمقدور أي قرار صادر عن المجلس الدستوري تغيير النتائج بالشكل المأمول من لدن البعض.

ووفق هذه المصادر، فإن هذه الفرضية تتعزز بمعطيات سياسية أبرزها منع محمد بوهريز من الترشح  لولايتين من طرف المحكمة الابتدائية بطنجة في ملف “فساد انتخابي”، ثم امتناع أغلب المرفوضين خلال فترة إيداع الترشيحات، من التقدم بطعن لدى المجلس الدستوري ضد السلطات المحلية، وهؤلاء هم محمد الأربعين الذي ترشح باسم الحركة الديمقراطية الاجتماعية ثم عاد لصفوف التجمع الوطني للأحرار بعد رفض ترشيحه، ومرشحي لائحة حزب العدالة والتنمية، ثم إن الضغوط التي مورست على أقبيب من أجل دفعه إلى التراجع عن طعنه، ليست مؤشرا إيجابيا عن تغيير في ممارسة قد تعيد رسم نفس النتائج.

وهذه المعطيات في مجملها، بحسب تفسير المصادر، تدفع أيضا إلى الاعتقاد بأن هنالك “تطبيعا سياسيا مع النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات في أكتوبر، بحيث رسمت تحالفات جديدة، من المستبعد أن يقع التراجع عنها في الوقت الحالي، ما لم  تظهر مؤشرات على  دخول مرشحين غير خاضعين لسيطرة صانعي القرار الحزبي بالجهة”·

غير أن هذه التفسيرات لم تبد مقنعة لمصادر أخرى تحدثت لبيان اليوم، إذ قال مصدر مقرب من بوهريز فضل عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول للإدلاء بإفادته في هذا الموضوع من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار، إن الحكم الصادر  ضد بوهريز من جهة، “غير نهائي”، بل هو “حكم ابتدائي وقد استأنف من طرف دفاع بوهريز”، كما أن صدوره “أحاطت به ملابسات سياسية تغيرت الآن”، في إشارة منه إلى اصطفاف بوهريز إلى جانب عمدة طنجة داخل مجلس المدينة، أضف إلى ذلك، أن “الحكم لم يمنع بوهريز من الترشح للانتخابات البرلمانية بل الجماعية فحسب”، وكونه مستشارا جماعيا في الوقت الحالي، فإن الحق في الترشح لمجلس المستشارين بحسب المصدر، “حق أتوماتيكي يمنحه له القانون وغير ذي علاقة بالحكم المذكور، لأنه لا يسري سوى على الانتخابات الجماعية القادمة”· ومع ذلك، يضيف المصدر ذاته، أن “الحزب لم يعد قويا بتلك الدرجة التي كان عليها خلال شهر أكتوبر الماضي”، سيما بعد فقدانه لأزيد من أربعين مستشارا جماعيا وعددا من ممثليه داخل المجلس الجهوي والغرف المهنية بالجهة، بعدما استقطبهم حزب الأصالة والمعاصرة بإقليم الفحص أنجرة. ورغم أن الحزب لا يزال بمقدوره الفوز بمقعدين في حال إعادة الانتخابات، “إلا أن صراعات بين أقطابه، يقول هذا المصدر، “قد تظهر وتضيع ذلك”·

وقد يكون حزب الأصالة والمعاصرة أكبر الخاسرين من هذه العملية، رغم عمليات الاستقطاب المتتالية في الجهة، إذ أن قرارات الطرد التي صدرت مؤخرا ضد منتخبيه، وشملت خمس رؤساء جماعات في الجهة الشمالية، بينهم نائب برلماني ووجوه انتخابية نافذة، قد تؤثر على حظوظ الحزب، وقد تفقد سمير عبد المولى مقعده البرلماني. ويجري هذا في وقت يستفيد فيه حزب الاستقلال الذي حصل على مقعدين من عمليات الطرد، باستقطابه لعدد من هؤلاء المطرودين، مثله في ذلك مثل التجمعيين.

لكن ذلك لا يمنع من التوجس من مصير مقاعد حزب الاستقلال ومعه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث من المحتمل أن يكونا من أبرز المتضررين من أي قرار يقضي بإلغاء المقاعد الخمسة بمجلس المستشارين عن جهة طنجة تطوان، لأن هذين الحزبين، بحسب المتابعات الصحفية وقتئذ، استفادا من تصويت عقابي وجهه الإسلاميون والتجمعيون ضد قرارات السلطة المجلية التي نظر إليها ك”تعبيد لطريق حزب الأصالة والمعاصرة للاستحواذ على مقاعد الجهة في الغرفة الثانية”، فقد صوت التجمعيون حينئذ لفائدة حزب الاستقلال، فيما صوت الإسلاميون لصالح الاتحاد الاشتراكي، مرجحين بذلك، كفة هذين الحزبين على “البام”، الذي نال مقعدا وحيدا فحسب كان من نصيب عمدة طنجة.

وبحسب متحدث باسم حزب العدالة والتنمية، فإن دخول المعركة لمرة ثانية، في حال صدور قرار الإلغاء، “أمر طبيعي، بل ويحفزه رصيد الحزب من المنتخبين ما يمنحه فرصة كبيرة في ضمان مقعد على الأقل”، فيما قال مصدر من الاتحاد الاشتراكي إن الحزب “يتخوف من فقدان مقعديه معا”، في حال صدور هذا القرار، فيما لم يضمن مصدر استقلالي سوى مقعدا وحيدا بدل المقعدين الذين في حوزته الآن.

وفي المحصلة، فإن صدور قرار مماثل عن المجلس الدستوري قد يعيد ترتيب الأحزاب في الجهة على مستوى مجلس المستشارين،  وقد تكون في أفضل الأحوال، مقعدا لكل واحد منها أو فقدان “البام” والاتحاد لمقعديهما لصالح جهات انتخابية نافذة مثل أقبيب والأربعين.

ويشار إلى أن السلطات المحلية رفضت في أكتوبر، عدة ترشيحات بدعوى نقصان الملفات من وثائق ضرورية أهمها نسخة السوابق المسلمة من مصالح الأمن الوطني، فيما رفضت ترشيحات أخرى دون تبرير، كما أن بعض قرارات الرفض هذه، لم تبلغ إلى المعنيين بها سوى بعد انقضاء آجال إيداع الترشيحات، ما رأى فيه المتتبعون “عملية متعمدة للإقصاء”·

Top