بعض وزرائنا تنقصهم الكفاءة…

يسجل المراقبون لشأننا الحكومي، وأيضا عدد من النقابيين والسياسيين، أن مجموعة من الوزراء لا يفتقرون فقط إلى القدرة على التواصل مع الرأي العام الوطني أو إحكام خطاب سياسي مقنع، ولكنهم يعجزون حتى عن فهم تفاصيل وملفات القطاعات التي يتولون تدبيرها، أي تنعدم لديهم الكفاءة التي جعلتها الحكومة الحالية شعارا وصفة لفريقها الوزاري منذ البداية.
الواقع اليوم أن وزراء عدد من القطاعات لا يجرؤون على اتخاذ قرارات تدبيرية عادية تهم قطاعاتهم مباشرة، ولا يستطيعون بلورة توافقات منتجة بين المهنيين أو مع الأطراف المتدخلة في قطاعاتهم، ويتركون كل الملفات معلقة، ويساهمون في إطالة التوتر والاحتقان داخل هذه القطاعات، وذلك فقط لكونهم لا يستوعبون الملفات ولا يفهمونها، ولا يستطيعون اتخاذ أي قرار.
يمكننا أن نعرض هنا عددا من الأمثلة الملموسة والمعروفة، والتي يتحدث عنها الجميع بالأسماء والصفات والوقائع، ولكن سنكتفي بالتأكيد على أن الظاهرة صارت ملحوظة ومقلقة، وصار لها عنوان كبير، وهو أن مجموعة من وزراء هذه الحكومة تنقصهم الكفاءة فعلا، وتنعدم لديهم الحنكة السياسية، وشجاعة اتخاذ القرارات التدبيرية، بما في ذلك البسيطة والعادية منها.
معظم هؤلاء الوزراء يتفرجون اليوم على احتقانات تسود قطاعاتهم، ولا يتفاعلون مع اقتراحات وآراء ممثلي المهنيين، وأحيانا يكون هؤلاء أكثر دراية وحنكة من الوزراء أنفسهم، وبعض أعضاء «حكومة الكفاءات» يتصرفون كما لو أنهم مجرد حراس مكاتب، وعند كل سؤال يردون بأنهم بصدد «التشاور» أو «انتظار التوجيهات» أو يرمون  بالكرة أمام محاوريهم نحو رئيس الحكومة، ويتركون الحبل على الغارب، كما يقال….
ولهذا العديد من الملفات والمطالب والقضايا لا تحل، لأن السادة الوزراء الأكفاء جدا لا يبادرون، ولا يجرؤون، ولا يفكرون، ولا يتكلمون، وفي كل مرة يضطر محاوروهم أن يبدأوا معهم من الصفر، وأن يكرروا معهم البدايات عشرات المرات، وبدون أي فائدة أو تقدم ولو بخطوة واحدة إلى الأمام.
بعض القطاعات الوزارية لم تشهد أي انفراجات في عدد من الملفات لحد الآن، وذلك بسبب ارتهان الحوار  بين الوزراء وممثلي المهنيين ضمن منغلقات عدم الفهم وغياب الكفاءة.
الوزراء يحتاجون للمقدرات السياسية، ويجب أن تتوفر لديهم القدرة على صنع الحلول والمخارج والديناميات الإصلاحية في القطاعات التي يشرفون عليها، وأن يكونوا وراء المبادرات، ويتخذوا القرارات المطلوبة…
الوزير ليس موظفا ينجز وينفذ مهمة موكولة له من طرف رؤسائه، ولكنه مسؤول سياسي يدبر قطاعا، ويفترض وجود رؤية سياسية وبرنامج حكومي يؤطرانه ضمن حكومة يقودها رئيس الحكومة، ومن ثم كفاءته يجب أن تبرز في الإدراك السياسي وقدرة التواصل والإقناع، وفي استيعاب ملفات القطاع والتفاعل مع المهنيين والقدرة على صنع التوافقات اللازمة، وإيجاد حلول لمشكلات القطاع.
وحتى إشعار آخر، عدد من وزرائنا الحاليين، مع الأسف، ليسوا من هذه البروفيلات، وهذا ما يفسر استمرار الاحتقان بعدد من القطاعات، وتواصل المطالب من لدن المهنيين والنقابات وفاعلين آخرين.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Top