بلدية الهراويين ..تتغير

> حسن عربي – تصوير: عقيل مكاو

بالرغم من دخولها المجال الحضري في بداية سنة 2014، ماتزال بلدية الهراويين بإقليم عمالة مديونة بجهة الدار البيضاء سطات، في حاجة إلى مجموعة من الإصلاحات لتكون في مستوى انتظارات ساكنتها التي تعاني من مشاكل متعددة منذ سنوات،لكن يبدو أن الانتخابات المحلية الأخيرة التي أفرزت مكتبا مسيرا منسجما، برئاسة مصطفى صديق، يمكن أن تشكل نقطة تحول في مسار هذه الجماعة، حيث أن المتتبع  لتدبير الشأن المحلي بالهراويين لابد أن تستوقفه مظاهر الاصلاح وإرادة التغيير التي  تميز المكتب مقارنة مع باقي المكاتب السابقة.

الهراويين..والتقسيم الجماعي

انبثقت جماعة الهراويين، كجماعة قروية بحكم القانون، عن التقسيم الجماعي لسنة 1992 ، بدأ العمل بها بصفة رسمية ابتداء من 16 نونبر 1992 تحت نفوذ عمالة البرنوصي/ زناتة بالدار البيضاء، وانضمت سنة 1997لنفوذ تراب عمالة ابن مسيك سيدي عثمان، ثم إلى عمالة مولاي رشيد سيدي عثمان بعد تقسيم عمالة ابن مسيك – سيدي عثمان إلى عمالتين : عمالة ابن مسيك مديونة وعمالة مولاي رشيد سيدي عثمان وذلك خلال سنة 1999، وتعود اليوم  إلى عمالة مديونة. ويوجد مقر الجماعة  المؤقث على الطريق الإقليمية 3015 .

أصل التسمية

تعود تسمية الهراويين نسبة إلى السكان الأصليين الذين عاشوا بالمنطقة منذ عهد بعيد، إلى ” أولاد أهراو”، حيث كانت المنطقة عبارة عن أراضي زراعية شاسعة، عمل سكانها بالرعي وتربية الماشية. وبسبب الهجرة من الوسط الحضري إلى الضواحي، خصوصا في ظل ارتفاع المعيشة ومصاريف الكراء، فضل آلاف من المواطنين التنقل إلى هذه المنطقة، في بداية التسعينات، مما نتج عنه تفريخ مئات من المباني العشوائية. وهكذا انتقل عدد السكان من16135 نسمة حسب إحصاء سنة 1994 إلى حوالي 66 ألف نسمة حسب إحصاء 2014 نسمة تتمركزغالبيتها بدوار المديوني وأولاد العربي .  وتبلغ مساحتها 14 كلم مربع.

الهراويين والبناء العشوائي

لايجادل أحد، فوي كون إسم الهراويين قد طفا على مجمل الأحداث الوطنية  قبل سنوات، وبالخصوص سنة، 2009 ، حيث سجلت منطقة الهراويين  أرقاما قياسية في البناء العشوائي، تلاها اعتقال مجموعة من المسؤولين المحليين (منتخبون، رجال القوات المساعدة، رجال سلطة ودرك وأعوان سلطة)،  ومتابعتهم أمام غرفة الجنايات باستئنافية الدار البيضاء. وقبل ذلك، أطلق على الهراويين في تسعينات القرن الماضي إسم ” الشيشان” في إشارة إلى الحرب التي كان يشنها الإتحاد السوفياتي على دولة الشيشان، حيث كانت السلطات المحلية والإقليمية  بمنطقة الهراويين “تحارب” بدورها البناء العشوائي بهذه المنطقة التي سجل فيها أرقاما قياسية كبيرة آنذاك، ونتج عنه تنامي مجموعة من الظواهر الاجتماعية كالسرقة والإغتصاب والإتجار في المخدرات. وقبل ذلك، كان يطلق على الهراويين غسم “الشيشانّ في إشارة إلى الحرب التي كانت تشنها السلطات على البناء العشوائي والتي تزامنت مع حرب الإتحاد السوفياتي سابقا على دولة الشيشان.

اختلالات عمرانية واضحة

الزائر لهذه البلدية، سيلاحظ بكل سهولة، أنه أمام منطقتين مختلفتين على جميع المستويات، المنطقة الأولى، يطلق عليها، الهراويين الشمالية، وتتسم ببنائها العشوائي، ويسكنها غالبية السكان الأصليين للمنطقة، تفتقر إلى البنيات التحتية اللازمة. ثم هناك المنطقة الجنوبية، التي تتميز ببنايات جديدة على شكل تجزئات، وهي منطقة مفتوحة على البناء مستقبلا، حيث تضم حاليا ساكنة كريان سنطرال بالحي المحمدي الذي تم ترحيله في السنوات الأخيرة. وحسب مجموعة من سكان الهراويين الشمالية، خصوصا القاطنين بدوار المديوني -1 – والحاج صالح، الذين صادفتهم بيان اليوم، أثناء إنجازها لهذا الروبورطاج، فقد أجمعوا على أن أغلب الأسر محرومة من الربط بالماء، لكونها لاتتوفر على الإمكانيات المادية للقيام بذلك، وبالتالي تعتمد في التزود بالماء الشروب من السقايات العمومية التي أصبحت غير كافية بالنظر لازدياد عدد السكان، كما أثاروا بقوة موضوع البركة المائية المقابلة للدوار، والتي شكلت دوما خطرا على السكان، سواء على المستوى البيئي أو الصحي، دون الحديث عن الفيضانات التي تسببها في حال سقوط أمطار غزيرة، كما وقع قبل سنتين حين تم ترحيل سكان دوارالحاج صالح إلى مؤسسة تعليمية بعد أن وصل منسوب المياه إلى أكثر من متر ونصف، غمرت على إثره المياه عشرات من المساكن. ولم يخف البعض تخوفه، من أن تكون الفرشة المائية قد تضررت بدورها من هذه البركة التي تستقبل، المياه العادمة للسكان.
وفي هذا الصدد، قال الشاب إسماعيل لبيان اليوم، إن دوار المديوني نمودج حي لغالبية الأحياء العشوائية بالهراويين الشمالية، آملا من المسؤولين القيام بإجراء خبرة على الماء الشروب، لطمأنة السكان، مع إعادة هيكلة هذه الأحياء، وهو الوعد الذي أطلقه المجلس السابق دون الوفاء به حسب ذات المتحدث.

النقل والتنقل

تعاني البلدية من مشكل النقل بصفة عامة، وهو الأمر الذي أوضحه رئيس البلدية، مصطفى صادق في لقاء مع بيان اليوم، حيث أفاد بهذا الخصوص، أن هناك غيابا كلي لسيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة، وحافلات النقل، مؤكدا أن المجلس يبحث بشكل جدي، عن إيجاد حل لهذه الوضعية، وذلك بوضع شراكات مع أرباب حافلات نقل الخواص.
وفي سياق متصل، عبر مجموعة من الأشخاص، عن معاناتهم في التنقل إلى أماكن العمل، آملين أن يحظى هذا الموضوع باهتمام المجلس الحالي، خصوصا وأن المواطنين الراغبين في التنقل إلى وسط مدينة الدارالبيضاء، عليهم قطع مسافة كبيرة مشيا على الأقدام، للوصول إلى سيارات الأجرة الكبيرة، على حد تعبير بعض المواطنين.

الصحة  والتشغيل

أجمع المواطنون الذين التقتهم  بيان اليوم، أن مشكل الصحة بالبلدية، يشكل نقطة سوداء، لغياب مستشفى في مستوى انتظارات السكان، باستثناء مستوصف صحي صغير يشرف عليه طبيب واحد، لا يسمن ولا يغني من جوع. نفس الشيء بالنسبة للتشغيل، حيث يعاني أغلب الشباب من بطالة  في غياب فرص للشغل، مما يدفع بعضهم إلى الإنحراف وتعاطي المخدرات والسرقة. ويأمل الشباب، حسب تصريحلتهم لبيان اليوم، أن يعمل المجلس على استقطاب مستثمرين بالمنطقة  لتنميتها وخلق فرص للشغل.

الأمن

أجمع كل من تحدثت لهم بيان اليوم، على أن موضوع الأمن  يشكل هاجسا لدى الجميع،  لكون مركز الدركي الملكي، رغم المجهودات التي يقوم بها، فهو عاجز عن تطويق كل مظاهر الفوضى التي تعج بها المنطقة، اولا لكون عناصره جد محدودة، مقارنة مع عدد السكان المرتفع، حوالي 66 الف نسمة، وثانيا لكون المنطقة شكلت في السنين الأخيرة، فضاء مفضلا لكل الهاربين من العدالة، مما جعل الجريمة تسجل بها أرقاما قياسية في وقت ما.
وعموما، ورغم كل المشاكل المطروحة، إلا أن أغلب المواطنين ينظرون بعين متفائلة إلى مستقبل البلدية، معتبرين أن الانتخابات الجماعية  الاخيرة شكلت منعطفا جديدا في المشهد السياسي المحلي، بعد وصول التحالف الثلاثي ( التقدم والإشتراكية، العدالة والتنمية، الإتحاد الدستوري)، إلى مكتب رئاسة المجلس، ودخول فئة جديدة من الأشخاص إلى التسيير وأغلبهم دخلوا غمار الاستحقاقات الانتخابية لأول مرة في مسارهم.
وقد شكل الظفر برآسة البلدية من قبل التحالف المذكور، حلما راود ساكنة البلدية منذ سنوات، حيث ظلت مجموعة من الوجوه التي تغير ألوانها السياسية في كل مرة كما تغير ملابسها، حجرة عثرة أمام كل تغيير.

Related posts

Top