تم، بنيويورك، إبراز رؤية جلالة الملك محمد السادس في مجال تطوير التعاون جنوب-جنوب لفائدة إفريقيا، خلال اجتماع رفيع المستوى نظمه مكتب الأمم المتحدة للتعاون جنوب-جنوب، بشراكة مع البنك الإسلامي للتنمية.
وفي كلمة بهذه المناسبة، أبرز السفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي، محمد متقال، الالتزام الشخصي لجلالة الملك من أجل النهوض والارتقاء بالتعاون جنوب-جنوب، بهدف تعزيز الازدهار وتسريع إقلاع القارة الإفريقية.
وذكر مثقال بأن التعاون جنوب-جنوب يشكل ركيزة أساسية للسياسة الخارجية للمغرب، مشيرا إلى أن جلالة الملك أجرى، خلال السنوات الأخيرة، أزيد من 50 زيارة دولة إلى أكثر من 30 بلدا إفريقيا، حيث تم التوقيع على ما يفوق الألف اتفاقية.
وبفضل الرؤية الملكية التي تضع العنصر البشري في صلب كافة الأنشطة والمشاريع والمبادرات، طور المغرب منظومة تنخرط في دينامية التعاون جنوب-جنوب، تجمع بين القطاعين العام والخاص، وتحظى بدعم من المجتمع المدني.
وقال مثقال إن هذه المنظومة، التي ترتكز على القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، “تنخرط بشكل قوي في هذه الرؤية الملكية من خلال تطوير برامج وإجراءات ملموسة من أجل التنمية في إفريقيا”.
وفي هذا السياق، تطرق إلى المشاريع التنموية التي تم إطلاقها بإفريقيا في قطاعات الفلاحة والطاقة، والبنيات التحتية والنقل والاتصالات، فضلا عن القطاع البنكي، حيث “تم تصنيف ثلاث مؤسسات بنكية مغربية تعمل في أكثر من 25 دولة إفريقية من بين البنوك العشرة الكبرى في القارة”.
وسجل المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي أن المغرب يؤكد، من خلال هذه المشاريع والبرامج، استعداده لتقاسم خبراته مع البلدان الشريكة، وأيضا مع مجموعة من الشركاء المؤسساتيين الإقليميين والقاريين والدوليين.
وفي هذا الصدد، أشار مثقال إلى أن المغرب يستقبل هذه السنة أزيد من 18 ألف طالب دولي في إطار التعاون، من بينهم 16 ألف طالب ينحدرون من 49 بلدا إفريقيا، يتابعون دراساتهم في الجامعات العمومية المغربية التي تتوزع على جميع جهات المملكة. وأشار كذلك إلى البرامج التي طورها المغرب في إطار التعاون الثلاثي مع البنك الإسلامي للتنمية لفائدة البلدان الإفريقية.
تطرق هذا الاجتماع رفيع المستوى، الذي تمحور حول “تعزيز التحالفات الاستراتيجية: تثمين مؤهلات القطاع الخاص في بلدان الجنوب”، إلى أهمية الاستفادة من موارد القطاع الخاص وقدرته على الابتكار والوصول إلى التمويل، بغية تسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأعرب المتدخلون خلال هذا الاجتماع، عن الأسف إزاء ضعف مساهمة القطاع الخاص في أهداف التنمية المستدامة، مبرزين الحاجة إلى بلورة شراكات وثيقة بين الحكومات والقطاع الخاص، بهدف الاستغلال الأمثل لهذه المؤهلات وضمان التقدم المستدام.
وأشادت دول الساحل بالمبادرة الدولية لجلالة الملك محمد السادس، من أجل تعزيز ولوج هذه البلدان إلى المحيط الأطلسي، معتبرة إياها “استراتيجية جد هامة” في خدمة التنمية المشتركة والازدهار في المنطقة.
وقال وزير شؤون خارجية مالي، عبد الله ديوب: “نشيد بمبادرة جلالة الملك التي ستساعدنا على تنويع مصادرنا للولوج إلى المحيط الأطلسي”، وذلك في تصريح للصحافة باسم نظرائه من بوركينا فاسو، كاراموكو جان-ماري تراوري، والنيجر، باكاري ياو سانغاري، وتشاد، عبد الرحمن غلام الله، عقب اجتماع انعقد بنيويورك مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
وأضاف رئيس الدبلوماسية المالية، “نود أن نهنئ المملكة المغربية على هذه المبادرة، وعلى التضامن مع بلداننا”، منوها بالعمل المنجز مع المغرب “في إطار روح الأخوة والتضامن والاحترام المتبادل”.
وقال ديوب إن “تحالفنا مع المغرب يندرج ضمن سيرورة سياسية نعمل في إطارها باحترام وتقدير متبادلين”.
ورحب الوزير المالي بالمراحل المنجزة لتفعيل المبادرة الملكية، مشيرا إلى أن البلدان المعنية تقوم بتنسيق عملها من أجل ضمان انخراط مجموع الفاعلين المعنيين في هذه المبادرة، خاصة الوزارات المكلفة بالتجارة والبنيات التحتية.
وأوضح أن الاجتماع المنعقد الجمعة أتاح الاتفاق على الخطوات المقبلة التي يتعين اتخاذها، لا سيما بهدف تعبئة “الموارد البشرية والمالية اللازمة لمختلف مراحل” التنفيذ.
وفي بيان مشترك توج أشغال هذا الاجتماع، أشادت دول الساحل بالمشاريع الملموسة التي اقترحها المغرب في إطار المبادرة الملكية، والتي “تتلاءم مع برامج التنمية الوطنية، التي يجري تنفيذها” في كل بلد من هذه البلدان.
من جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية لأنتيغوا وبربودا، إيفرلي بول تشيت غرين، إن بلاده “تثمن عاليا” رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال التعاون جنوب-جنوب، التي تقوم على الفعالية والتضامن.
وفي بيان مشترك تم توقيعه، خلال مباحثاته بنيويورك مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أشاد بول تشيت غرين كذلك بمبادرات المغرب لفائدة الاستقرار والأمن في منطقة البحر الكاريبي، من خلال مشاريع سوسيو-اقتصادية ملموسة.
وفي هذا البيان، نوه الوزيران بالمستوى الذي بلغته العلاقات بين المغرب وأنتيغوا وبربودا، وأعربا عن إرادتهما تعميق وتوطيد التعاون الثنائي من خلال تبادل التجارب والخبرات في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
واتفق بوريطة وبول تشيت غرين على توقيع خارطة طريق جديدة للتعاون بالرباط، تشمل الفترة 2025-2027.