تتواصل بالمدن الفرنسية منافسات الألعاب الأولمبية الصيفية في دورتها الـ (33)، وتتصدر اليابان إلى حدود اليوم الرابع، سبورة الميداليات، متبوعة بفرنسا والصين، واستراليا وكوريا، بينما تقبع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بالمرتبتين السادسة والسابعة…
وتتصدر جنوب إفريقيا قائمة الدول الإفريقية بثلاث ميداليات ذهبية ونحاسيتين، أما على مستوى الدول العربية فتمكنت كل من تونس ومصر من دخول سبورة الميدالياتـ بنحاسية لكل واحدة، بينما ما زلنا ننتظر اسم البطل أو البطلة الذي أو التي ستتمكن من كسب هذا الشرف الذي يمكن أن يكون من نصيب العداء العالمي سفيان البقالي والملاكمة خديجة المرضى، هذه الأخيرة التي خاضت أمس الأربعاء أول نزال لها بهذه الدورة، أمام البريطانية ريد شانتيل جوردان في وزن 75 …
كالعادة رياضيون يغادرون مبكرا
والملاحظ وكما جرت العادة منذ سنوات خلت، فإن الرياضيين المغاربة يتساقطون واحدا تلو الآخر كأوراق الخريف، حيث غادر منذ الأدوار الأولى رياضيو الكرة الطائرة الشاطئية والكاياك والمسايفة والجيدو والسباحة وركوب الأمواج والرماية، كما أقصيت الملاكمة ياسمين متقي، ونور السلامي في رياضة الفروسية…
وفي انتظار دخول ممثلي باقي الأنواع، فإن الرياضة التي تعلق عليها آمال حضورنا الأولمبي بدورة باريس وإلى جانب البقالي ومرضي، هي كرة القدم التي أكد منتخبها أنه عاقد العزم على المنافسة على إحدى الميداليات، كسابقة في تاريخ كرة القدم الوطنية والرياضة الوطنية عموما، وخاصة وأنها الرياضة الجماعية التي يؤمل أن تحصل على تتويج أولمبي، إلى جانب ألعاب القوى والملاكمة صاحبتي السبق في هذا المجال…
وتعد هذه الإخفاقات تحصيل حاصل، على اعتبار أن رياضتنا عموما بعيدة عن المستوى العالي، لعدة أسباب لا تخفى على أحد، ما دام الإعداد الأولمبي يتطلب سنوات من التحضير والتخطيط السليم المبني على شروط علمية دقيقة، وليس فلتات قدرية، في أنواع فردية…
الأمل يكبر مع تألق منتخب كرة القدم
بعد 52 سنة من الانتظار، تمكن أخيرا المنتخب الأولمبي المغربي لكرة القدم، من فك عقدة الحضور الشكلي للدورات الأولمبية، إذ لازم الإخفاق أغلب المشاركات، حتى بوجود تشكيلات تضم لاعبين متميزين، إلا أن الحضور لم يكن يتعدى دور المجموعات…
بدورة باريس الأولمبية، استطاع أصدقاء العميد أشرف حكيمي، تحقيق أولى خطوات الحلم الكبير، وذلك بتزعم المجموعة، والوصول إلى دور الربع، في أفضل سيناريو ممكن، بعد تفادي المنتخب الفرنسي صاحب الأرض، والمرشح الأول للتتويج الأولمبي…
والرائع أن المسار الإيجابي حتى الآن؛ لم يمكن أشبالنا من تكسير حاجز الدور الأول، بل جاء أيضا بواسطة اللاعب سفيان رحيمي، ليذكرنا أن نجما كبيرا ميز تاريخ كرة القدم الوطنية يحمل رقما ظل صامدا منذ دورة ميونيخ سنة 1972، نتحدث عن أحمد فرس صاحب أول كرة ذهبية إفريقية نالها لاعب مغربي، والذي سبق أن سجل ثلاثة أهداف بهذه الدورة، وجاء ابن الرجاء ليحطم هذا الرقم الصامد، بتوقيع أربعة أهداف في ثلاث مباريات…
من جيل فرس إلى جيل حكيمي
وإذا كان منتخب السبعينات الذي كان له شرف تمثيل إفريقيا بكأس العالم، كأول منتخب تمكن من تحقيق التأهيل عن طريق التصفيات، حيث استطاع آنذاك كسب المقعد المخصص للقارة من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)؛ قد احتل مركز الوصافة وراء ألمانيا المنظمة للدورة الأولمبية، فإن المنتخب الأولمبي الحالي بعناصره الواعدة، تمكن من احتلال المرتبة الأولى، متقدما على منتخب الأرجنتين، بتشكيلته القوية وعناصره المتميزة، وهذا التفوق تجلى منذ أول مباراة، عندما تمكن “أشبال الأطلس” من هزم “راقصي التانغو”، بهدفين لواحد، في واحدة من أغرب المباريات، بفصولها المثيرة وغير المسبوقة…
كان الانتصار على حساب الأرجنتين في أول مباراة، إلا أن مباراة الثانية ضد أوكرانيا، حملت للأسف مفاجأة لم يتوقعها أحد، بعدما تمكن الأوكرانيون من خطف الفوز في اللحظات الأخيرة من المباراة، وهذه النتيجة لم تكن أبدا عادلة، بالنظر إلى مجريات المواجهة، والسيطرة الميدانية التي فرضها اللاعبون المغاربة، إلا أن هجوما خاطفا غير من معطيات المباراة رأسا على عقب…
إلا أن الهزيمة في ثاني جولات هذه المجموعة، لم تقلل أبدا من هزيمة الكتيبة التي يقودها طارق السكيتيوي، فبالرغم من الظروف الصعبة التي أحيطت بهذه المشاركة، سواء من حيث قلة المباريات الإعدادية، أو رفض الأندية الأوروبية السماح للاعبين بالمشاركة، أضف إلى ذلك تعرض بعض الأساسيين للأعطاب، إلا أن كل الحيثيات لم تنل من عزيمة الأشبال، وكان الجميع واثقين من مواصلة الحلم، والتنافس على إحدى الميداليات…
الاستفادة من درس واقعية أوكرانيا
ضد العراق في ثالث مباراة، اختلفت الأمور، وظهرت جدية أكثر من الأداء، عكس اللعب الاستعراضي الذي انحاز له أغلب اللاعبين ضد كرواتيا، وهذا ما مكن من تسجيل ثلاثة أهداف دفعة واحدة خلال الشوط الأول، من توقيع أمير ريتشارسون وسفيان رحيمي وعبد الصمد الزلزولي، وكان بالإمكان أن تكون الحصة أثقل، لولا ضياع فرص سانحة، وبطريقة تكاد أن لا تصدق…
بعد خوض مباراتين بسانت إتيان، وواحدة بنيس، سيتنقل المنتخب الأولمبي المغربي للعاصمة باريس قصد خوض مباراة ربع النهاية ضد نظيره الأمريكي، صاحب المرتبة الثانية بالمجموعة الأولى، وراء ديكة فرنسا.
وعلى أرضية ملعب “حديقة الأمراء” الذي يعرفه العميد أشرف حكيمي جيدا، ستكون المواجهة التي ستمكننا من الوصول لنصف النهاية، ولم لا ترقب مواجهة فرنسية مغربية بالموعد الختامي، والمؤكد أن الجمهور المغربي سيواصل دعمه وحضوره المتميز بكل إشكال والمساندة والتشجيع…
روعة الجمهور المغربي تخطف الأضواء
جمهور مغربي رائع بكل ما في الكلمة من معنى، يعبر كالعادة عن شغب وحب وتعلق بالمنتخبات الوطنية، ينخرط بوطنية صادقة وغيرة لا تقارن، كما أنه يقدم الدليل الساطع على أنه السند الدائم للحضور المغربي في كل التظاهرات والمحافل الدولية…
ففي كل بقاع العالم، وكيفما كانت الظروف والأحوال، تجد الجمهور المغربي حاضر بقوة، والإيجابي أن هذا الحضور أصبح يتميز بتواجد العائلات والأطفال، ومن الجنسين، ومن مختلف الأعمار، وهذه ميزة تؤكد أننا أمام شعب حي يتفاعل بالإيجاب، يعبر عن وطنيته مع كل القضايا التي تهم بلده، ولعل آخر دليل ساطع قدمه هذا الشعب للعالم كان خلال الحملة الوطنية التضامنية مع ضحايا الحوز …
برافو للأشبال، والأكيد أن الحلم سيتواصل بنفس التألق والرغبة في تحقيق الفوز، وأن المساندة الجماهيرية ستتزايد بكثير من الإبهار وروعة الأداء…
باريس: مبعوث بيان اليوم محمد الروحلي