قصيدتان

عيونٌ في المدينةِ الكبرى

للشاعر الألماني “كورت توخولْسْك”

عندما تذهبُ إلى العملِ
باكراً في الصباحِ
عندما تقفُ في محطةِ القطاراتِ
مع همومِكَ
عندما تُريكَ المدينةُ
في القِمْعِ البشريِّ
ملايينَ الوجوهِ
ملساءَ كالإسفـلت:
عينينِ غريبتينِ
نظرةً قصيرةً (عابرةً)
حاجبينِ، حدَقتينِ، جَفنينِ
ماذا كان هذا؟
ربما (كان) هو حظَّ حياتِك
عبَرَ، تبعثرَ، ولا يعودُ
تمشي طوالَ حياتِكَ
فوقَ آلافِ الشوارعِ
تَرى في (تَجوالِكَ) فوقَ دربِكَ
أولئكَ الذينَ نسوْكَ
عينٌ ترِّفُّ
الرُّوحُ تطنُّ
لقد وجدتَ
لثواني فقطْ:

عينينِ غريبتينِ
نظرةً قصيرةً (عابرةً)
الحاجبينِ، الحدقتينِ، الجفنينِ
ماذا كانَ هذا؟
لا أحدٌ يعيدُ الزمنَ

الذي  عبَرَ، تبعثرَ ولا يعودُ
عليكَ ، في تَجوالِكَ فوقَ دربِكَ
أن تجولَ المدنَ
أن تَرى لفترةِ نبضةٍ واحدةٍ  فقط
الآخرَ الغريبَ
الذي  يمكنُ أن يكونَ عدواً
أن يكونَ صديقاً
أن يكون – في النِّضالِ – رفيقاً
ينظرُ صوْبَكَ ويمضي.
عينانِ غريبتانِ
نظرةٌ قصيرةٌ عابرةٌ
حاجبانِ، حدقتانِ، جفنانِ
ماذا كانَ هذا؟
قطعةٌ من البشريةِ الكبرى
عبرَتْ، تبعثَرتْ ولا تعودُ.

 ***

ماذا يَعنيكِ ذلكَ؟
للشاعر الألماني فرانس غاودي

أحبُّكِ من كلِّ قلبي
قولي، ماذا يعنيكِ ذلكَ؟
عندما أتبعُكِ صامتاً
ولو من بعيدٍ
عندما لا أستطيعُ أن أستعمِلَ عيـني
لأجل حبّي ،
لأجل  نجومِ حياتي
ماذا يعنيكِ ذلك؟
أحبُّكِ بألمٍ
قولي، ماذا يعنيكِ ذلك؟
أنتِ تبُرِّئينَ نفسَكِ من الذَّنبِ
عندما أعاني
أنتِ تَحلُّينَ حتى رَصَدَ حبٍّ عاثرٍ
أنتِ تُطْلقينني
ولكن عندما لا أستوعِبُ هذا
ماذا يعنيكِ ذلك؟
أحبُّ من دونِ جدوى
قولي، ماذا يعنيكِ ذلك؟
ليسَ الأملُ وليسَ العَزاءُ
هو  ما أرغبُ  به
بحنانٍ تَنْحَنينَ على الرَّجلِ الغريبِ
فإن افترستُ نفسي صامتاً
ماذا يعنيكِ ذلك؟

ترجمة: شاكر مطلق

Top