ليلى الرحيوي: المغرب على السكة الصحيحة لضمان المساواة بين الجنسين

عبرت ليلى الرحيوي، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للمرأة، مكتب شمال إفريقيا، والذي يوجد مقره بالعاصمة الرباط، عن تثمينها إقدام المغرب على إيداع أدوات الانضمام الخاصة بالبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لدى الأمين العام للأمم المتحدة، خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل الماضي، واصفة المبادرة بالخطوة الكبيرة على مسار التقدم في تنفيذ المغرب لالتزاماته الدولية.
جاء ذلك في كلمة ألقتها المسؤولة الأممية من الرباط، خلال ندوة صحفية نظمتها “دينامية الملاءمة الآن” وذلك في إطار مواكبتها لإعمال المغرب لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حيث من المقرر أن يقدم المغرب تقريره في إطار الاستعراض الدوري لإعمال هذه الاتفاقية خلال الدورة 82 للجنة الأممية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.
كما ثمنت الرحيوي الروح التعبوية التي تميز دينامية الحركة النسائية والمجتمع المدني في المغرب، والذي يشتغل على قضايا النوع والمساواة بين الجنسين، والحملة الترافعية الذي تم القيام بها على مدى السنتين الفارطتين من أجل إرساء المساواة بين الجنسين على مستوى السياسات العمومية وعلى مستوى الآليات بشكل خاص.
وأوضحت بشأن إيداع أدوات الانضمام الخاصة بالبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، من طرف المغرب لدى الأمين العام للأمم المتحدة، أن الأمر يتعلق بالاعتراف بحق تقديم الأفراد أو الجماعات أو من ينوب عنهم للشكاوى أمام لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز التي تتعلق بانتهاك حق من الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية السالف ذكرها، بما يمكن من البث فيها بالتعاون مع الدولة الطرف في البروتوكول والاتفاقية شرط أن يتم هذا الأمر بعد اللجوء إلى المؤسسات والهيئات الوطنية واستنفاذ مساطرها.
ولتبيان الأهمية البالغة لاتفاقية السيداو على مسار النهوض وتكريس حقوق النساء، قالت الرحيوي إن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تعد الصك الثاني الخاص بحقوق الإنسان الذي يحظى بمصادقة عدد كبير من الدول، مبرزة أنه من أجل متابعة تنفيذها وإعمال مقتضياتها، تم إحداث اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، تتكون من 23 خبيرا مختصا في مجال حقوق النساء، من جميع أنحاء العالم، يتم انتخابهم عن طريق الاقتراع السري، بصفتهم الشخصية وليس بصفتهم ممثلين للدول الأطراف.
وأضافت أنه يتم تقديم تقارير في إطار الاستعراض الدوري الشامل لإعمال مقتضيات هذه الاتفاقية، حيث تشكل اجتماعات اللجنة مناسبة لمساءلة حكومات البلدان بشأن مسار النهوض بالمرأة والعراقيل التي تعوق ذلك، فضلا عن مسار الأوراش الإصلاحية الخاصة بملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية.
وكشفت المسؤولة الأممية، بشأن إعلان الحالات التي أحالها أصحابها على اللجنة الأممية، أن عددها
سنة 2020، بلغ 57 حالة، ويتعلق الأمر بشكايات لنساء أغلبهن سجلن فيها عدم التجاوب معه شكايات وجهناها لمؤسسات حكومية، وأخرى تتعلق بممارسات تمييزية صدرت في حق نساء من بعض موظفي الإدارة، أو الصادرة عن أشخاص أو مؤسسات خاصة، وصاحبات هاته الشكايات لم يتم إنصافهن فلجأن إلى اللجنة الأممية.
وأفادت الرحيوي أن اللجنة اعتبرت أن 72 من الإعلانات التي رفعت لها لا تتصف بالمعايير التي تمكن من معالجتها، فيما 32 تتعلق بالمس بحقوق المرأة، وأشارت المسؤولة الأممية في هذا الصدد إلى الأهمية البالغة التي تحظى بها مسألة الإحاطة بتقنيات تقديم الإعلانات والشكاوى حتى تحظى بالقبول من طرف اللجنة الأممية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.
ومن جانبها استعرضت “دينامية الملاءمة الآن”، مظاهرة التمييز العديدة اتجاه النساء والفتيات التي لازالت تحفل بها التشريعات والقوانين بل الحياة السياسية والمجتمعية، حيث لازالت التمثيلية السياسية للنساء تسجل تمثيلا ناقصا ومعدلات منخفضة إلى حد كبير سواء في المناصب المنتخبة أو مناصب صنع القرار. فضلا عن التمييز في القوانين الذي يعد قانون الجنسية أحد أبرز نماذجه، حيث يمكن الزوج المغربي من إكساب جنسيته لزوجته الأجنبية في حين هذا الحق غير معترف به للأجنبي الذي يتزوج من امرأة مغربية.
كما أشارت الدينامية في تقريرها الموازي إلى المعاملة غير المتكافئة التي لازالت تواجهها النساء والفتيات مقارنة بالرجال على مستوى الأبعاد المتعلقة بأهداف التنمية، حيث تنتشر الأمية بشكل رئيسي في صفوف الإناث، خاصة القرويات بنسبة تتجاوز 46 في المائة، كما أنه بالنسبة للواتي تمكن من الالتحاق بالمدرسة، سجل التقرير أن أكثر من 55 في المائة من الفتيات والنساء لم يكملن حتى التعليم الابتدائي.
وسجل التقرير المعاناة التي تعيشها النساء نتيجة المنظومة الصحية السيئة، حيث لازال تسجل وفيات الأمهات بشكل كبير في المناطق القروية، خاصة وأن أكثر من 28 في المائة من النساء القرويات لازلن يضعن خارج المؤسسة الصحية، فضلا عن لجوء مئات الفتيات المراهقات اللواتي هروبا من وصم وضع طفل خارج إطار الزواج، إلى الإجهاض السري، مشيرا أن تعداد تكرار هذه الممارسات يقدر بين 50 ألف و80 ألف في السنة بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و44 سنة.
ورصدت الدينامية في مجال التمكين الاقتصادي والاجتماعي، حضور لا يتجاوز 5 إلى 7 في المائة في الشركات الخاصة الكبيرة، و5.7 في المائة في هيئات حكامة الشركات المسجلة في البورصة، وأن المقاولات التي تسيرها النساء يتراوح عددها بين 9آلاف و10 آلاف مقاولة، وهي في الغالب عبارة عن مقاولات صغيرة جدا أو شركات صغيرة، كما سجلت في باب التمييز معاناة النساء من أجل الحصول على قروض بنكية لإنشاء مقاولتهن، وأبرز تقرير الدينامية أن حوالي 50 في المائة من المقاولات النسائية ممولة ذاتيا، وفقط ثلث التمويل يأتي من مصادر خارجية .
وأضافت الدينامية في هذا الصدد، أن القروض الصغرى التي يمكن أن تشكل كبديل للتمويل، تحدد السقف القانوني للقروض عند حدود 50 ألف درهم، ما يحد من إمكانية مرافقة النساء في تأسيس مقاولاتهن الخاصة، خاصة في ظل عدم توفر بديل للأبناك، وسجلت في المقابل بالنسبة للنساء القرويات، أنهن في الغالب يشغلن وظائف لانحظى بتقدير أو غير مدفوعة الأجر، هذا فضلا عن اشتغال العاملات الزراعيات في ظروف هشة وخطيرة للغاية.
هذا وأوصت الدينامية باعتماد قانون إطار ضد التمييز، وإدماجه بشكل منهجي في القوانين عبر مواد تحظر التمييز ضد النساء والفتيات، والعمل في الوقت ذاته، على ملاءمة جميع الترسانة القانونية الوطنية مع أحكام الدستور ومع الاتفاقيات الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها، والتي تخص الاعتراف بحقوق النساء، والحرص على تفعيلها، هذا مع العمل على وضع آليات مؤسساتية مكلفة بالمساواة بين الجنسين.
وأوصت الدينامية أيضا، بمراجعة التشريعات الجنائية بما يتوافق مع المعايير الدولية، والحرص على إحداث سلاسل خدمات مؤسساتية في جميع أنحاء التراب الوطني، وتزويدها بالموارد البشرية والمادية الكافية وتنفيذ إجراءات محددة لتسهيل وصول النساء إلى العدالة.

< فنن العفاني
< تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top