مبادرة من أجل تأهيل كفاءات المرأة في مجال تقسيم الأموال المكتسبة أثناء الفترة الزوجية

نظمت جمعية صوت المرأة الأمازيغية، مؤخرا، بشراكة مع وزارة العدل وبتنسيق مع جمعية تيموليلت للتنمية، دورة تكوينية حول موضوع ” مبادرة من أجل تأهيل كفاءات المرأة في مجال تقسيم الأموال المكتسبة أثناء الفترة الزوج “، وذلك بتيموليلت إقليم أزيلال.

استهلت أشغال اللقاء بكلمة افتتاحية للسيدة حنان مشنان رئيسة جمعية صوت المرأة الأمازيغية، تناولت فيها أهداف تنظيم هذا اللقاء من أجل المساهمة في تعزيز قدرات النساء في مجال تقسيم الأموال المكتسبة بعد الزواج، وهو الموضوع الذي ما يزال جديدا في الساحة الوطنية رغم أن الأعراف الأمازيغية كانت سباقة لاقراره، وتوقفت المتدخلة عند دراسة سبق للجمعية أن أجرتها حول هذا الموضوع، والتي خلصت الى أن غالبية أفراد العينة البحثية التي تم سبر آرائها أكدوا أنهم لا يعلمون مقتضيات مدونة الأسرة التي تلزم العدلين بإشعار المقبلين على الزواج بحقهم في اختيار نظام مالي وإبرام عقد مستقل عن عقد الزواج لتدبير الأموال التي ستكسب لاحقا، كما خلص البحث الى أن حالات كثيرة من النساء يجدن صعوبات كبرى في الوصول الى نصيبهن من الأموال المكتسبة بعد الزواج في حالة عدم توثيق العقد المالي، وكانت هذه الخلاصات دافعا أمام تنظيم مزيد من الحملات التحسيسية للتعريف بمستجدات المادة 49 من مدونة الأسرة.

الدورة التكوينية عرفت مشاركة الدكتور أنس سعدون عضو نادي القضاة والباحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، والذي قدم عرضا تفاعليا حول مقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة، وفي هذا السياق اعتبر أن هذه المادة تؤكد على مبدأ استقلال الذمة المالية لكل واحد من الزوجين، لكنها في نفس الوقت تكرس تخويل امكانية الاتفاق للزوجين في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج على تدبير الأموال المكتسبة أثناء قيام الحياة الزوجية، اقرارا لمبدأ سلطان الإرادة، كما تكرس أيضا الرجوع الى القواعد العامة في ميدان الاثبات في حالة عدم وجود اتفاق كتابي بشأن تدبير أموال الزوجية، مع وضع معايير تضبط مساهمة كل زوج في تنمية تلك الأموال.

وشدد المتدخل على أهمية التدبير التعاقدي لأموال الزوجين، لكون العلاقة الزوجية ينبغي أن تقوم على الصراحة وعلى الاتفاق، لأن عقد الزواج عقد ممتد في الزمان، وهو يبرم في الأصل على سبيل التأبيد، كما أن من أسباب إنجاح العلاقة الزوجية مناقشة كل الأمور المادية والمعنوية بشكل مسبق خاصة وان النزاعات المالية تبقى خطرا يهدد تماسك الأسرة، ويعتبر العقد المالي أحد الوسائل الوقائية لتوخي النزاعات الأسرية، أو على الأقل الحد منها، على اعتبار أن دوره –وخلافا لما يعتقد البعض- لا يقتصر على الفصل في ملكية الأموال بعد حدوث الطلاق، بل إن أثره يبدأ بالسريان منذ لحظة إبرامه بتنظيم كل الأمور ذات الطابع المالي التي قد تكون محل جدال أثناء قيام الزوجية، فهو يسعى إلى تحقيق مصلحة المتعاقدين ودرء المفاسد عنهم.

وأكد المتدخل أيضا على أن العقد المالي وسيلة لإثبات الحقوق والالتزامات المالية المتبادلة بين الطرفين وبين الأغيار، ذلك أن التنصيص على إفراغ هذا الاتفاق في وثيقة يضع حدا لآثار الاتفاقات الودية الشفوية، والتي كثيرا ما تكون محلا للنكران، أو للمجادلة أو التأويل في المضمون.

أطوار الدورة التكوينية عرفت تفاعلا بين المشاركات والمشاركين الذين يمثلون قطاعات متعددة، من ممثلي الجمعيات المحلية وقضاة وعدول ومحامين وطلبة وباحثين، حيث ركزت التساؤلات على علاقة المادة 49 من مدونة الأسرة بعرف تامازالت، ونطاق تطبيق هذه المادة من حيث الزمان، وعلاقة مقتضيات مدونة الأسرة بالقانون العقاري سواء تعلق الأمر بالعقار المحفظ أو غير المحفظ، وسبل حماية الغير حسن النية، ومدى الحماية المدنية والجنائية لأموال الأسرة، كما ركزت المداخلات على إشكالية عبء الاثبات وتفاوت الاجتهاد القضائي في تفسير مقتضيات المادة 49 من مدونة الاسرة خاصة ما يتعلق بتقدير مساهمة المرأة غير العاملة، والاشكالية التي يثيرها موضوع العمل المنزلي.

Related posts

Top