دائما ما ينبع الإلهام الإبداعي من مصدر مجهول أو من إحساس تلقائي يأتي بغتة نتيجة تفاعلنا مع محيطنا، ملاحظتنا لموقف معين أو منظر معين أو أحيانا حتى نتيجة شعور قديم دفين في أعماقنا يعود ليطفو على السطح ويوحى لنا بفكرة معينة أو ربما بأفكار شتى…
لعل أشهر الفنانين في مختلف المجالات والميادين، يجدون صعوبة في تفسير هاته العملية.. فلا عمل إبداعي متميز بدون إلهام.. الأمر هنا شبيه بولادة لا تحدث دون مخاض..
يصنف البعض من المبدعين الإلهام على أنه نوع من أنواع الوحي الصادم الذي يأتي خفية للإجابة على سؤال دون جواب. لذلك عندما يأتي الإلهام، على المبدع أن ينهض على الفور ويجسده قبل أن يغيب ويختفي..
ذلك لأن معظم الروائع غالبا ما تتولد عن إلهام تلقائي لحظي تم الإمساك به قبل أن يفلت..
لنأخذ على سبيل المثال فنانا انتابته رغبة قوية في الرسم، حضره الإلهام وعصفت به فكرة قوية فجأة.. في كل خطوة يرسم بشغف أكبر.. لأنه يتحمس إلى اكتشاف مكنون تلك الفكرة التي لم يفهم بعد إلى أين ستؤدي به في نهاية المضمار.. يرسم ليكتشف نفسه عن طريق طرف خيط برز على بياض ذهن فارغ..
على عكس يوم آخر، اختار بمحض إرادته أن يجلس ليرسم على طاولته في مرسمه وفكر جليا في مضمون لوحته وأبعادها. يغيب آنذاك عنصر المفاجأة ويرسم وقتها كآلة دون أي شغف يذكر.
الإلهام أداة خفية لا وقت لها ولا مكان.. لا أنا ولا أنت ندري ماهيتها بالضبط، لكنها حتما تولد انفجارات عظمى تبهرنا جميها..
فلا تتجاهل أبدا قرع باب على الساعة الثالثة صباحا.. !
بقلم: هاجر أوحسين