تفيد المعطيات المسربة من اجتماعات لجنة النزاعات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أن الحجم الإجمالي للمبالغ المستحقة للمتقاضين الذين ينتظرون الإنصاف من طرف هذه اللجنة المختصة، تصل إلى عشرين مليار سنتيم في ظرف الثلاث السنوات الأخيرة فقط.
تهم هذه الملفات بالدرجة الأولى اللاعبين سواء المحليين والأجانب، وأيضا مدربين وأطر أخرى، كانت ترتبط بعقود مع الأغلبية الساحقة من الأندية الوطنية، والتي يقال بأنها تمارس داخل البطولة الاحترافية بقسمها الأول، دون استثناء فرق من القسم الثاني.
تهم هذه الملفات الخاصة بالنزاعات الغالبية العظمى من الأندية إلى درجة أن هناك ناديا أو ناديين أو حتى ثلاثة فقط، التي تحترم واجباتها اتجاه المتعاقدين معها، بينما نجد الباقي غارقا وسط نزاعات وملفات وصل مداها إلى ردهات الاتحاد الدولي للعبة “الفيفا” ومحكمة التحكيم الرياضي الدولية “الطاس”.
كل هذه القضايا المتعددة، وحجم المبالغ المستحقة بسببها، جعلت المغرب يصنف ضمن الخانة السوداء من طرف الاتحاد الدولي، بعد أن أصبحت أندية معينة مهددة بالمنع من عقد أي صفقات لسنوات، بل هناك تهديد بتسليط عقوبات قاسية على أندية جعلها مسؤولوها تصنف ب”الخارجة عن القانون”، قد تصل إلى النزول للقسم الثاني.
المؤكد أن كرة القدم الوطنية تؤدي ضريبة سوء تسيير بعض المسيرين الغارقين في الفساد، والمتورطين في صفقات تبرم بعيدا عن أعين المراقبة والتتبع، وسط سوق سوداء يعج بالنماذج السيئة على جميع المستويات، وفي غياب أية مراقبة أو رادع أخلاقي أو قانوني، نجدهم يتسابقون لعقد صفقات، تتجاوز بكثير الإمكانيات المالية للأندية.
كل هذا يسيء حقيقة إلى سمعة كرة القدم الوطنية التي تسعى إلى تسويق هذه الصورة على نحو أفضل عربيا قاريا ودوليا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف تبذل قصارى الجهود، وهناك استثمارات مهمة، كما تقدم تضحيات جسام، إلا أن أخطاء ترتكب من طرف أناس تهمهم فقط المصالح الخاصة، تضرب في الصميم كل هذا المجهود على أكثر من صعيد.
وإذا كان هناك مسيرون غارقون في قضايا فساد، فهناك مسؤولية ثابتة للجنة المراقبة المالية التابعة للجامعة، المفروض أن تمارس دورها كاملا، حتى لو اقتضى الأمر نشر أسماء الفرق الغارقة في الديون، ومنعها كليا من عقد صفقات جديدة، ما لم تتم تصفية كل الملفات العالقة، وتأدية كل الديون التي توجد بذمتها.
وبالإضافة إلى الدور المفروض أن تلعبه لجنة المراقبة، فلابد من توفر الأندية على قدرة ذاتية داخلية، لمواجهة تسلط بعض الرؤساء، رفض تحول الأندية إلى ملكيات خاصة، أو محميات تمارس داخلها كل أنواع الهيمنة والتسلط والشطط، وهذا يمر عبر إرساء هيكلة واضحة، تحد من طغيان الفرد، والعمل على اتخاذ كل القرارات في احترام تام لكل التخصصات، والتداول الجماعي عندما يتطلب الأمر ذلك.
المؤكد أن فرض مراقبة مالية صارمة، وإخضاع ميزانية الأندية باستمرار للافتحاص، وتقديم المتورطين في شبه فساد للعدالة، هو الحل الأنجع للحد من الظاهرة التي أصبحت طاغية، وتتمثل في جعل كرة القدم وأنديتها وسيلة للاغتناء بطرق ملتوية وغير مشروعة…
مسيرون جعلوا أندية خارجة عن القانون
الوسوم