واحد جوج ثلاثة: حياة بلا جدوى
كسرت مسرحية “واحد جوج ثلاثة” التي قدمتها فرقة إزمران ضمن المهرجان الوطني للمسرح بتطوان، الأسلوب التقليدي في العرض، حيث ارتأت أن تتقاسم فضاء الركح مع جانب من الجمهور الذي سيصبح بدوره له حضور فاعل في العرض المسرحي، من خلال طرح أسئلة عليهم تتعلق بقضايا آنية تشغل الرأي العام.
المسرحية بسيطة في طرحها الموضوعي، زوجان يعيشان حياة رتيبة ومملة ويحاولان تكسير هذا الملل بأي شكل من الأشكال، وحين تزورهما صديقة الزوجة، تضفي على حياتهما بعض الانتعاش.
الزوج يحتفل بصديقة زوجته أثناء زيارتها لهما، يبدي عشقه لها، لأنه يلمس فيها أشياء كثيرة مشتركة بينها وبين زوجته، يتواصل معها أحيانا بشكل حميمي، دون أن تبدي الزوجة غيرتها من ذلك، هذا السلوك ينم عن التحول الذي طرأ على القيم التي باتت تتحكم في الحياة الزوجة المعاصرة.
منذ اللحظة التي حلت صديقة الزوجة ضيفة على هذه الأسرة التي يبدو أنها متأزمة، من الناحية العاطفية على وجه الخصوص، سينتقل العرض المسرحي من حالة السكون الأشبه بالموت، إلى حياة جديدة، تموج بالحركة والبوح والاحتجاج، تقرع كؤوس الخمر، تحضر الرغبة في الرقص.. هناك قلق يسكن هذه الحياة الزوجية، قلق وجودي، ويتم مواجهة ذلك بواسطة الإدمان على المسكرات، حيث تشتعل الذاكرة من خلال استعادة الوقائع الجميلة فقط: أول مرة سيحصل فيها الزوج على دراجة في طفولته، اللقاء الأول الذي جمعه بزوجته، أغاني زمان.. إلى غير ذلك من الأمور التي يشده الحنين إليها. غير أن ما يميز هذا العرض المسرحي، هو أن أغلب النقاشات بين هؤلاء الشخوص الثلاثة، وهي نقاشات تحمل أحيانا نوعا من الحدة، تدور في غالب الأحيان حول أمور ساذجة وجد تافهة، وتفاصيل جزئية لا ينبغي أن تستدعي بالضرورة ذلك الجدل والصراع، لعل المقصود من وراء ذلك الجدال، إبراز مدى تفاهة الحياة المعاصرة، وهذا يتبين من خلال الجملة الأخيرة التي سيتلفظ بها الزوج في آخر مشهد من العرض المسرحي:
“المهم هو أن هاذ الشي كله ما شي مهم”.
هذا العرض يعكس لنا بجلاء مقولة الفن من أجل الفن، بالنظر إلى أن مختلف ردود الفعل التي كانت تجري أمامنا، كانت بدون جدوى، وكان الهدف منها يستقر فقط في خلق المتعة لدى المتفرج، مشاهد ذات بعد فني جمالي، طافحة بالحركة، أغلب أفعال شخوص هذه المسرحية كانت عبثية وبلا معنى، وهذا اللامعنى يمكن اعتباره المحور الرئيسي للمسرحية.
قطع أثاث محدودة جدا، كما هو الشأن في أغلب بيوت الأسر الحديثة: الأريكة التي تتحول بين الفينة والأخرى إلى سرير، طاولة متحركة، كل شيء في هذا العرض المسرحي متحرك وضاج، حتى حقيبة السفر كانت حاضرة بكل حمولتها الدلالية، تشغل حيزا بارزا، حتى رشاش الماء، هناك رغبة في التغيير، في التحول، ويجري التفاعل مع كل ذلك من الخارج بواسطة مؤثرات صوتية، منها ما يحيل على الطبيعة ومنها ما يكون ترجمة للحنين إلى فترات جميلة من الماضي البعيد، التي أصبحت مفتقدة اليوم، بفعل التحولات التي طرأت على عدة مستويات.
المسرحية من إقتباس محسن زروال وإخراج لطيفة أحرار تشخيص عادل أبا تراب ورجاء خرماز وهاجر الحامدي.
عبد الصمد الكنفاوي: التجربة المسرحية الرائدة والتأسيسية
أكد المشاركون في ندوة احتفائية بالتجربة الإبداعية للكاتب المسرحي الراحل عبد الصمد الكنفاوي على أنه كان متعدد الاهتمامات، فهو مثقف وباحث ومسرحي ومكوي تربوي ودبلوماسي ومتجول ونقابي مناضل، لكن بالرغم من أنه يتزعم الريادة المسرحية ببلادنا، ويعد مؤسسا لتجربة التكوين المسرحي، فإن هناك قصورا في مقاربة تجربته، وهذا نتيجة التحجيم القسري الذي تخضع له الذاكرة.
وتناولت هذه الندوة التي قدمت في إطار فعاليات الدورة السابعة عشر للمهرجان الوطني للمسرح، بمشاركة الأساتذة عبد المجيد شكير وخالد أمين وعزالدين بونيت وحسن يوسفي وحسن البحراوي، مجموعة من مؤلفاته المسرحية، كما سلطت الضوء على جوانب من اهتمامته الأخرى.
فقد أبرز الناقد المسرحي حسن يوسفي أسلوب الكتابة المباشرة في النص المسرحي الذي يحمل عنوان “سلطان باليما”. وكان هذا المفهوم قد بلوره أندري فوازان الذي يعد أستاذ الكنفاوي، ومن تجلياته أن التشخيص والكتابة يتمان بشكل متواز. ويظهر في النص المسرحي سلطان باليما، حضور قوي لعنصر التشخيص، إنها كتابة قابلة للتمسرح، ذلك أن الشخصيات تعد هي المكون الجوهري في هذه المسرحية التي تتناول موضوعة النصب والاحتيال، والتي تتحرر من سلطة النص المسكوت، من خلال إقحام حكايات ومواقف مرتجلة دون أن يكون ذلك على حساب تعطيل العمل المسرحي.
وركز الناقد المسرحي عزالدين بونيت مداخلته على مسرحية “سلطان الطلبة” مبرزا فيها مدى مسرحة الفرجة والتاريخ، تقوم هذه المسرحية على ممارسة مختلف وسائل الترفيه التي تشترك في تأثيث طيلة أيام الاحتفال بسلطان الطلبة، حيث يكون موضوعها الأساسي هو السخرية من الجوع، على اعتبار أن فترة التحصيل العلمي التي يمر منها الطلبة تتسم في الغالب بالحرمان من متع الحياة.
المسرحية -يوضح المتدخل- مكتوبة بتقنية التشذير، واقتسام الفضاء بين الممثلين والجمهور، الكل يشكل جمهورا، وهذا التقليد في الكتابة المسرحية، كان له أثر على التجربة المسرحية للعديد من الفرق التي ظهرت في ما بعد.
تناول الناقد المسرحي خالد أمين مسرحية “بوكتف”، مذكرا بأنها تمد جسور التواصل بين الثقافة الشعبية والعالمة، إنها مسرحية حاملة لرؤيا، ورغم طابعها الشعبي فهي موجهة أساسا للنخبة، على اعتبار أنها تجيب عن أسئلة السياسة الثقافية على وجه الخصوص.
وتحدث الباحث في الفنون الشعبية الأستاذ حسن بحراوي عن تجربته في ما يخص القيام بحفريات في حياة الكاتب الراحل عبد الصمد الكنفاوي وفي الأعمال الإبداعية التي خلفها، مبرزا أنه عاش حياة شبه انعزالية، ذلك أنه منذ انتقاله من مسقط رأسه العرائش إلى الرباط للعمل، انقطعت صلته بالعالم الاعتيادي اليومي. مع ذلك يمكن القول إن حياته كانت تمضي بشكل متواز مع الممارسة المسرحية، رغم أن ظروفه المهنية كانت أبعد ما تكون عن المسرح، العمل الدبلوماسي وكذا العمل النقابي بالإضافة إلى أنه كان إطارا عاليا في وزارة الشبيبة والرياضة.
وأبرز المتدخل أن الكاتب المسرحي الراحل قد ولج ميدان المسرح، عن طريق الصدفة، حيث أنه كان قد دعاه المؤطر المسرحي أندري فوازان ليترجم المفاهيم التي كان يلقنها لنخبة من الممثلين والتقنيين، فانخرط بدوره في هذا الميدان المسرحي.
ولفت المتدخل الانتباه في نهاية مداخلته إلى أن جزءا غير يسير من الإنتاج الإبداعي للراحل لم يطبع بعد في كتب، وظل متفرقا في بعض الصحف، كما هو الحال بالنسبة لرباعياته الزجلية التي كان ينشرها في الصفحة الأخيرة لإحدى الجرائد الوطنية.
برنامج يومه الثلاثاء
< في الساعة الخامسة مساء دار الثقافة بتطوان
مسرحية أمجاد الأجداد لفرقة الشعب تواصل(خارج المسابقة الرسمية)
< الساعة الثالثة والنصف مساء «دار الثقافة»
توقيع إصدار “الماء أمان في معركة بوفكران” لعبد الرحمن بنزيدان ومحمد بنعيسى
بقاعة مسرح اسبانيول على الساعة الثامنة ليلا حفل الآختتام