أمر قاضي التحقيق بالغرفة الأولى لدى محكمة الجنايات بالدار البيضاء، في الساعات الأولى من يوم أمس الثلاثاء، بإيداع المتابعين في ملف «أحداث الريف» على المركب السجني عكاشة، بعد أن أنهى التحقيق الابتدائي معهم، ويتعلق الأمر بكل من ناصر الزفزافي، محمد محداد، محمد حاكي، شكير لمخروط، لحبيب الحنودي، فهيم غطاس وهزاط أحمد. وقد تم نقلهم عبر ثلاث سيارات تابعة للأمن، تحت حراسة أمنية مشددة. واستمر التحقيق الابتدائي، مع المتابعين، حوالي أربع ساعات، حيث انطلق حوالي الساعة العاشرة ليلا وانتهى في حدود الساعة الثانية صباحا.
وكان ناصر الزفزافي ورفاقه، قد أحيلوا على النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أول أمس الإثنين، حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث تم الاستماع إليهم من طرف الوكيل العام وبعض نوابه، قبل أن يحيلهم على قاضي التحقيق قبيل الإفطار. وكان المتهمون الستة مؤازرين من طرف عشرات من المحامين ضمنهم نقباء سابقون.
وصلة بالموضوع، استقبل عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق أول أمس الاثنين بالرباط والدي ناصر الزفزافي أحد متزعمي الاحتجاجات بالحسيمة الذي اعتقل الأسبوع الماضي بناء على مذكرة توقيف صدرت في حقه.
وعلمت «بيان اليوم» أن هذه الزيارة لم تكن بشكل رسمي حيث جاءت في سياق خاص وبواسطة من المحامي محمد زيان الأمين العام للحزب الليبرالي المغربي، كما أضافت ذات المصادر أن اللقاء كان لقاء ود ومجاملة بين بنكيران وأب الزفزافي، خصوصا وأنهما صديقان منذ عقود من الزمن.
وذكرت المصادر أن اللقاء، الذي جرى بمنزل عبد الإله بنكيران بحي الليمون بالعاصمة، عرف نقاشا حول الأوضاع في الريف والاحتجاجات المتأججة في الحسيمة، بالإضافة إلى حالة المعتقلين المتابعين في ملفات مرتبطة بالحراك، إذ أعرب الجميع عن تأسفه لما وصلت إليه الأوضاع من احتقان.
في ذات السياق قال والد ناصر الزفزافي، في تصريح للصحافة، خلال تقديم ابنه أمام الوكيل العام للمحكمة بالبيضاء، إن زيارته لبيت عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، كانت حبية لا غير. موضحا أنه حرص على زيارة بنكيران.
من جهة أخرى أطلق النقيب محمد زيان الأمين العام للحزب الليبرالي المغربي والمحامي بهيئة الرباط ووزير الإنسان الأسبق نداء من أجل الحسيمة يدعو فيه، لما أسماه، «هدنة الكرامة».
ودعا زيان، في هذا النداء الذي توصلت «بيان اليوم» بنسخة منه، إلى وضع حد لكافة أوامر الاعتقال المرتبطة بحراك الحسيمة وإطلاق سراح جميع المعتقلين على ذمة ملف حراك الحسيمة بعفو ملكي شامل.
كما دعا المحامي بهيئة الرباط الحكومة إلى الاستجابة لمطالب الساكنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال تأسيس لجن محلية تضم كلا من المسؤولين الحكوميين عن القطاعات وممثلين عن الحراك بالحسيمة والنواحي، خصوصا في قطاعات الصحة والتعليم والصيد البحري والتجهيز والإسكان. مؤكدا على ضرورة استفادة الساكنة بشكل مباشر من أي مشاريع تنموية، بالإضافة إلى المطالبة بمحاسبة كافة المتورطين في ملفات الفساد بالمنطقة.
إلى ذلك طالب النقيب زيان بجعل حد لكافة المساطر المرجعية وما ترتب عنها من مذكرات بحث أو أوامر بالاعتقال أو أحكام قضائية باعتبارها مساطر غير قانونية تتنافى مع حضارة ومواثيق حقوق الإنسان التي بادر المغرب للمصادقة عليها وإقرارها في دستور المملكة.
تعليقا على ذلك أكد محمد زيان أن النداء الذي وجهه إلى الملك محمد السادس وإلى الحكومة والمجتمع المدني يأتي على إثر التطورات الخطيرة التي عرفها الحراك السلمي بمدينة الحسيمة، الذي انطلقت شرارته منذ مقتل محسن فكري أكتوبر الماضي ودام لأزيد من سبعة أشهر، حيث رفع خلالها سكان المنطقة مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المشروعة بأشكال احتجاجية أبهرت كل المتتبعين بحضارتها وسلميتها ورقيها.
وأوضح المتحدث أنه في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع اقتراب انفراج الوضع، من خلال الاستجابة لمطالب الساكنة، فوجئ الجميع بحملة غير مسبوقة من التخوين واتهامات بالعمالة والانفصال، أدت، بحسب زيان، إلى توتير الأجواء وخروجها عن السيطرة، لاسيما وما تبع ذلك من حملة «اعتقالات عشوائية»، على حد وصف المتحدث، في صفوف الشباب أبناء الحسيمة ونواحيها.
حسن عربي
محمد توفيق امزيان