كيف يؤثر فارق السن الكبير بين الزوجين على علاقتهما الأسرية؟ هل هناك حدود عمرية يجب عدم تجاوزها عند الارتباط لضمان نجاح الزواج؟
عند الزواج، عادة ما يبحث الرجل عن زوجة تصغره سنا وعلى العكس تبحث المرأة عن الرجل الذي يكبرها سنا. هل يرجع ذلك إلى العادات والتقاليد والبيئة التي يعيش فيها هؤلاء أم أن هذا الأمر محض اختيار شخصي؟ وما هو فارق العمر المناسب بين المرأة والرجل لإنجاح الزواج؟ يقول الباحثون في العلاقات الزوجية أن أقصى فارق في العمر بين الزوجين لا يجب أن يزيد عن خمسة عشرة عاما ليكون هناك فرصة لاستمرار العلاقة فيما بينهما وعيش حياة عائلية مستقرة.
الفرق بين الرجال والنساء
يعتقد بعض الناس وخاصة ممن هم في منتصف العمر أن الزواج ممن يصغرونهم سنا يعيد إليهم شبابهم ويحمل إليهم السعادة والشغف، إلا أن الدراسات أظهرت أن مثل هذا الشعور سرعان ما يتوارى مع الوقت بعد ظهور المشكلات الناجمة عن فارق العمر والتي تتجلى في اختلاف الرؤية والطاقة لدى الزوجين.
يظهر الرجال شعورا أكبر بالاكتفاء عند الزواج من نساء يصغرونهم في العمر وخاصة في السنوات الأولى للزواج بأكثر مما يحدث مع النساء اللاتي يتزوجن من رجال يصغرونهن في العمر. في جميع الأحوال يختفي هذا الشعور بالاكتفاء بعد مرور ستة سنوات تقريبا على الزواج، حيث يصيب العلاقة الفتور ويسودها عدم التفاهم، على عكس ما يحدث مع الأزواج المتقاربين في العمر والذين يستمر لديهم شعور التفاهم والإشباع فترة أكبر.
اختبار الأزمات الاقتصادية
عادة ما تقوم العلاقات التي تشتمل على فارق عمري كبير على توفير الطرف الأكبر عمرا لمستوى اقتصادي أفضل بالنسبة للأصغر سنا، لذلك فإن حدوث أي هزة اقتصادية للشريك الأكثر ثراء ينتج عنها على الفور تململ وغضب لدى الطرف الأصغر سنا، الذي سيشعر أنه قد دفع ثمنا كبيرا من عمره وشبابه بدون أن يحصل على الأمان المادي والاستقرار الذي كان يتوق إليه.
انسجام الاختيارات
يظهر الأزواج المتقاربون في العمر نوعا من التناغم في قراراتهما المشتركة بأكثر مما يفعل الأزواج الذين يفصل بينهم هوة عمرية كبيرة، ذلك في كل مناحي حياتهما سواء على المستوى الاقتصادي أو في تربية الأطفال أو في توزيع المسؤوليات، ويكونون أكثر اقترابا في عاداتهم اليومية وأكثر قدرة على تعديل سلوكهم حتى لا يصطدم مع عادات وسلوك الطرف الأخر.
فروق الشخصية في المراحل العمرية المختلفة
عادة ما يكون لدى الشباب الحيوية والطاقة والرغبة في تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم، كما يكونون عفويين ومندفعين لتجربة كل ما هو جديد وغريب في العالم، يريدون السفر على سبيل المثال والعمل وخوض المغامرات. أما في منتصف العمر أو ما يعرف بأزمة منتصف العمر يشعر الشخص أن أحلام الشباب قد ولت وأنه على مرمى حجر من الشيخوخة، كما يشعر بالقلق حول خطة تقاعده وكيف ستصبح حياته وهل سيتمكن من العيش حياة كريمة حتى بعد تقاعده.
تتراكم لدى الأشخاص في منتصف العمر المشكلات والخبرات القاسية ويصبحون أقل ثقة في وجود المعاني الجميلة في هذه الحياة ويصبحون أقل مرحا وأقل حيوية وأقل قدرة على تحمل السخافات اليومية. في الشيخوخة يصبح الناس قلقين على حالتهم الصحية وعلى الأمان المالي ولا يتحمسون لأي شيء كما كانوا يفعلوا في الماضي ويفقدون طاقتهم وحيويتهم السابقة.
الوقوع في الحب غير كاف
قد يعتبر البعض أن الشعور بالوقوع في حب شخص يصغرهم بسنوات كثيرة قد يمكنه من التغلب على هذا الفارق العمري، إلا أن مشاعر الحب سرعان ما ستتوارى خلف كل هذه الفروق الضخمة التي يحملها لهم فارق العمر ولن يمكنها الإبقاء على مثل هذا الزواج أو الحصول على السعادة والاستقرار المرجوين.
بالطبع يوجد استثناءات في كل المراحل العمرية، وهناك أعداد مهمة من الزيجات التي نصادفها في واقعنا وتؤكد نجاحها وصمودها في وجه الأزمات المختلفة رغم فارق السن الملحوظ، إلا أنها تبقى استثناءات لا تنفي القاعدة العامة والتي مفادها أن الزواج بين شخصين من مرحلتين عمريتين مختلفتين سيحمل الكثير من الاختلافات، سواء فيما يخص التفاهم العقلي أو مواكبة القدرات البدنية أو حتى مسألة الإشباع الجنسي.