أعلنت مجموعة من الشبكات والتحالفات الجمعوية، إلى جانب العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية، عن رفضها لمشروع قانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، كما صادق عليه مجلس المستشارين.
وبررت هذه الجمعيات والشبكات موفقها الرافض لهذا المشروع، في رسالة وجهتها إلى رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، كون صدور قانون لمجرد صدوره، ورفع شعار وضع النصوص القانونية في انتظار أن تعدل لاحقا، لم يعد يلائم سياق المغرب في ظل دستور 2011، وفي ظل الإقرار والاعتراف بكل أنواع وأشكال العنف ضد المرأة في الفضاءين الخاص والعام.
كما اعتبرت الجمعيات والشبكات أن رجوع النص إلى الغرفة الأولى من أجل الحسم فيه والمصادقة على التعديلات، التي وصفتها بـ “الشكلية” والمقترحة من طرف الغرفة الثانية، لن يمد المتدخلين بأداة تشريعية قوية لمواجهة ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، مشيرة إلى أن صدور نص يقوم على تتميم وتعديل القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، في الوقت الذي تجمع فيه الأطراف المعنية على ضرورة إصلاحهما، يعكس رؤية تجزيئية ومحدودة، ويتعارض مع التزامات المغرب الدولية بشأن وضع حد للعنف ضد النساء عبر إصدار تشريعات خاصة ومستقلة تراعي المعايير الدولية.
ورأت الجمعيات والشبكات الجمعوية، فيما وصفته بـ “التصويت الهزيل” من طرف مجلسي النواب والمستشارين سواء في الجلسة العامة أو داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بالنظر إلى عدد النواب والمستشارين الذين صوتوا على مشروع القانون، (رأت في ذلك) انعكاسا لضعف تقدير المسؤولية والالتزام في اتخاذ القرارات الأساسية المتعلقة بوضع التشريعات، خاصة تلك المتعلقة بالحقوق الإنسانية للنساء. إذ بعد أربع سنوات من الإبقاء على المشروع بين دواليب الغرفة الأولى والغرفة الثانية تمت المصادقة عليه بدون التعديلات الجوهرية المنتظرة.
وأشارت إلى أن ذلك يؤكد على أن المقاربة التشاركية التي يتم التسويق لها لم يتم احترامها منذ إعداد المشروع وعرضه على المجلس الحكومي سنة 2013 وتشكيل لجنة لمراجعة نص المشروع وتقديم اقتراحات بخصوصه، ذلك أن النص ظل معيبا شكلا، كما غابت عنه المقاربة الشمولية المراعية للمعايير الدولية لقانون العنف ضد النساء.
كما أن بعض التعديلات التي تم الأخذ بها رغم أهمية بعضها، تعكس سوء الفهم لمعالجة ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، إذ كيف تتم إضافة الباب الخامس الخاص بالوقاية في آخر النص، رغم ما يشكله هذا المدخل من أهمية في اليقظة واستباق الظاهرة ومواجهة العوامل المؤدية إليها، ذلك أن المشرع اكتفى بدعوة السلطات العمومية إلى اتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة للوقاية من العنف.
واعتبرت الجمعيات والشبكات النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية، أن حرص المشروع على رفض تجريم السرقة بين الزوجين، وتغيير تعبير السرقة بتبديد أموال الزوجية، وعدم إدراج مختلف العلاقات التي تربط الضحية بمرتكبي بعض أفعال العنف، وغياب أي فعل من أفعال العنف النفسي في النص، يعكس المرجعية المحافظة الرافضة للتحولات التي عرفتها البنية السوسيو – اقتصادية للمغرب، كما اعتبرت أن الباب الخاص بالحماية لا يحمل جديدا بالنسبة لعمل الخلايا المؤسساتية الجاري بها العمل حاليا، ولم يأخذ بعين الاعتبار انتقادات ومقترحات الحركة النسائية فيما يتعلق بصلاحيات الخلايا، وبدور المجتمع المدني.
وقالت الجمعيات والشبكات النسائية والحقوقية والثقافية “إن غياب ديباجة تعكس نية المشرع، وتؤطر مقتضيات النص وتحدد المفاهيم، وتلائمه مع المعايير الدولية الواردة في المواثيق الدولية، يطرح سؤالا حول جدوى المصادقة على الاتفاقيات الدولية، إذا لم ينعكس ذلك على التشريعات الوطنية مفاهيميا وتدبيريا”.
> محمد حجيوي