«فار» .. تقنية تخدم الكبار وتظلم الصغار

في وقت أثارت تقنية حكم الفيديو المساعد المعروفة اختصار باسم “فار” (VAR)، جدلا واسعا حول جدوى الاستعانة بالتكنولوجيا في مباريات كرة القدم، وتحديدا في أهم حدث في اللعبة الأكثر شعبية للمرة الأولى، وهو كأس العالم 2018 المقامة حاليا بروسيا، خاصة من جانب مكونات المنتخب المغربي التي حملتها مسؤولية إخفاق “أسود الأطلس” في بلوغ الدور الثاني من المونديال، خرجت لجنة التحكيم التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لتؤكد أن التقنية الجديدة ناجحة بكل المقاييس، مبرزة أن البطولة خلت من الفضائح خلال المباريات الـ48 بدور المجموعات، بسبب الـ”فار”.

“الفيفا” راضية عنها وكولينا يصفها بـ “الكاملة”

اعتبرت لجنة التحكيم التابعة لـ (الفيفا) أن الاستعانة بتقنية الفيديو مكنت الحكام الذين قادوا 48 مباراة في الدور الأول، من إنهاء المباريات دون أي فضائح تذكر، مشيرة إلى أن نسبة النجاح في القرارات التحكيمية بلغت 99.3 في المائة، ما يعني أن التقنية بالأرقام ناجحة، لكن الواقع يؤكد أنها ليست كذلك بسبب تعرض بعض المنتخبات الصغيرة للظلم التحكيمي، وفي مقدمتها المنتخب المغربي.
وقال رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الدولي والحكم السابق الإيطالي بييرلويجي كولينا، إنه خلال دور المجموعات تم التحقق ومراجعة 335 واقعة، بمعدل يصل إلى 7 حالات في كل مباراة، مضيفا أن الحكام نجحوا في قراراتهم بنسبة 95 في المائة، بل إن تقنية “فار” ساهمت في ارتفاع نسبة النجاح إلى 99.3 في المائة بعد تصحيح 14 قرارا.
وفي ظل كلمات المديح والثناء لتقنية الفيديو، أضاف كولينا أن الـ”فار” باتت تقترب من الكمال إذا تم أخذ الاعتبار النسبة المسجلة في القرارات التحكيمية، موضحا بخصوص التأخير الذي تتسبب فيه التقنية بمعدل 80 ثانية، أن الحكام يفضلون التأكد من صحة قراراتهم ولو أن بمقدورهم الإعلان عن قرارتهم في وقت أبكر.
وكانت تقنية “فار” قد جربت ببطولة كأس القارات 2017 التي أقيمت أيضا بروسيا، لكنها لاقت انتقادات بسبب طول مدة توقف اللعب، كما حدث في مباراة الكاميرون وألمانيا عندما طرد الحكم الكولمبي فلمار رولدان الكاميروني سيباستيان سياني، قبل أن تؤكد “فار” أن إرنست مابوكا هو من يستحق الطرد.

كاميرات بالجملة لم تتصيد كل الأخطاء

يعد مونديال روسيا أول دورة لكأس العالم تعرف استخدام تقنية “فار” التي تعتمد بالأساس على حكم يراقب لقطات فيديو خلال المباراة قد لا يشاهده الحكم الرئيسي أو مساعده، بما مجموعه 13 حكما مؤهلا من (الفيفا) يقوم بمساعدته 3 حكام في مراقبة كل المباريات الـ 64 من داخل غرفة عمليات متواجدة بالعاصمة الروسية موسكو.
ويعتمد طاقم تحكيم الفيديو المساعد على لقطات 33 كاميرا للبث التلفزيوني بجانب كاميرتين مخصصتين فقط للتأكد من حالات التسلل، مع الاستعانة بـ 8 كاميرات تملك خاصية التصوير الشديد البطء، مع 4 كاميرات للتصوير فائق البطء، بينما يتم إضافة كاميرا خلف كل مرمى في مباريات البطولة بدء من دور ثمن النهاية.
وتراجع هذه التقنية المكلفة ماديا، الأهداف المسجلة والعمليات التي تسفر عن أهداف، وقرارات ضربات الجزاء أو العمليات التي تسبقها، والبطاقات الحمراء، والأخطاء في تحديد الهوية، وذلك بناء على شك الحكم الرئيسي في ارتكاب خطأ أو وجود حالة تسلل أو خروج الكرة من الملعب في هجمة أدت إلى هدف.
ورغم هذا الكم الهائل من الكاميرات، فإن الحكام فشلوا في عدة مناسبات في اتخاذ القرارات الصائبة كما حدث في مباراتي المغرب ضد البرتغال وإسبانيا ومباريات لمنتخبات صغيرة أخرى، ما يثير تساؤلات كثيرة حول ما يكرره رئيس (الفيفا) السويسري جياني إنفانتينو من حديث عن الأمانة والعدالة والنزاهة في كرة القدم.

“فار” تحرم الأسود من فوز تاريخي على الإسبان

في المباراة الأخيرة ضد الإسبان، كاد المنتخب المغربي أن يفجر مفاجأة من العيار الثقيل ويرمي منتخب “لاروخا” في خارج البطولة، إذ كان “أسود الأطلس” متقدمين إلى حدود الدقيقة 91 بهدفي خالد بوطيب (د 14) والبديل يوسف النصيري (د 81)، قبل أن تدرك إسبانيا التعادل بهدف مشكوك في صحته.
خلال اللقاء، ثارت ثائرة العناصر الوطنية بسبب رفض الحكم الأوزبكي رفشان إيرماتوف طلبهم باللجوء إلى تقنية “فار” للتأكد من لمس المدافع الإسباني جيرارد بيكيه في مناسبتين، دون أن ننسى أن ذات الحكم أشهر 6 بطائق صفراء في وجه لاعبي المنتخب المغربي، ولم ينذر أي لاعب إسباني طيلة 90 دقيقة.
بيد أن الواقعة الأكثر إثارة وحرمت “أسود الأطلس من فوز تاريخي على إسبانيا، تمثلت في لجوء إيرماتوف إلى “فار” من أجل التأكد من صحة هدف إياغو أسباس الذي لم يكن متسللا، لكن الإعادة التلفزيونية لم تشر إلى أن الكرة خرجت أساسا قبل تنفيذ الركنية التي جاء منها الهدف ولم تلعب من الجهة الصحيحة.
عقب انتهاء المشاركة المغربية بالمونديال الروسي، راسلت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الاتحاد الدولي لتحتج على التحكيم، لكن (الفيفا) لم تعر ذلك أي اهتمام واكتفت بتغريم المغرب مبلغ 65 ألف فرنك سويسري بسبب شغب جماهيره واقتحام أعضاء بالطاقم التقني أرضية الملعب، ليتأجل الحديث عن “فار” إلى ما بعد 15 يوليوز.

> صلاح الدين برباش – تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top