شكل حفل توزيع جوائز الدورة الثانية عشرة (12) لجائزة الحسن الثاني الخاصة بالبيئة، مناسبة لتتويج 13 مشروعا ومبادرة وأعمال ترتبط بحماية البيئة والمحافظة على التراث الحضاري والطبيعي والمساهمة في تحسين إطار عيش السكان، كما كانت مناسبة جدد فيها رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، التأكيد على الالتزام القوي للمغرب لمواصلة انخراطه في الجهد الدولي لحماية مستقبل البشرية عبر حماية البيئة والحفاظ على الثروات الطبيعية، بل ومواصلة مسار حمل مشعل الانتصار لقضية التنمية المستدامة والاضطلاع بدوره بشكل قوي على هذا المستوى دوليا، وإقليميا وإفريقيا وعربيا ومتوسطيا.
واعتبر رئيس الحكومة، في كلمة ألقاها خلال هذا الحفل الذي شهد حضور عدد من الوزراء، والسفراء، وممثلين عن الهيئات الدولية ووزراء سابقين للبيئة، وممثلي القطاع الخاص، والجماعات الترابية والمجتمع، ووسائل الإعلام، أن تنظيم جائزة الحسن الثاني للبيئة في دورتها هاته تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، يرمز لاهتمام الدولة على أعلى مستوى بقضايا البيئة، علما أنها جائزة أحدثت لتكون رافعة قوية وتعبئة جماعية حول هذه القضايا وسط النخب وأوساط البحث العلمي والمجتمع المدني والإعلام والمقاولة والجماعات الترابية، داعيا إلى التعبئة الجماعية من أجل الحفاظ على الثروات والخيرات التي يزخر بها الوطن ضمانا لمستقبل وحقوق الأجيال القادمة.
ومن جهتها، أشارت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، نزهة الوفي، إلى الخصوصية التي تمثلها هذه الدورة، حيث تنظم لأول مرة برعاية الملك محمد السادس، كما لم يفت المسؤولة الحكومية أن تشير إلى الظرفية الخاصة التي تنظم فيها هذه الجائزة، وهي ظرفية تتسم بالشروع في تفعيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة المصادق عليها خلال المجلس الوزاري منذ حوالي السنة.
وأفادت أن هذه الجائزة في دورتها الحالية شهدت توسعا في المجالات المتوجة، بحيث شملت الإعلام والبحث العلمي والتقني والعمل الجمعوي والجماعات الترابية، وهي بذلك تساهم في تعبئة الفاعلين والشركاء من القطاع العام والخاص والمجتمع المدني ومؤسسات البحث العلمي ووسائل الاعلام، وتمثل تشجيعا لكل الأعمال والمبادرات التي تساهم في حماية البيئة والمحافظة على التراث الحضاري والطبيعي، كما تهدف إلى تحسين إطار عيش السكان مما يضمن الانخراط الجماعي في ورش تنزيل اهداف التنمية المستدامة تماشيا مع دستور المملكة المغربية والقانون الإطار بمثابة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة”، حسب تعبير المسؤولة الحكومية.
وأشارت أن جائزة الحسن الثاني تعد آلية من ضمن الآليات التي تعتمدها الوزارة للتحفيز على تطوير الاهتمام بمجال المحافظة على البيئة وصيانة مقوماتها، كما تهدف إلى “تشجيع كل الأعمال والمبادرات التي تساهم في حماية البيئة والمحافظة على التراث الحضاري والطبيعي، وتحسين إطار عيش السكان وتحقيق التنمية المستدامة بشكل عام”
وتشمل الجائزة كل مجالات الفعل المستدام لخلق دينامية لدى كل الفاعلين والشركاء في إطار تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ومخرجات القانون الإطار بمثابة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة”.
أما رئيس هيئة تحكيم اللجنة، ادريس الكراوي الذي يشغل منصب الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والذي استعرض مضامين التقرير الذي أعدته اللجنة التي ضمت أكاديميين ومسؤولين في بعض القطاعات وخبراء وفاعلين من داخل المجتمع المدني والإعلام، فقد أكد أن الجائزة تعد واجهة لتقديم المبادرات والمهن والأنشطة المرتبطة بالبيئة، التي تزخر بها الجهات 12 للمملكة، وهي فرصة لفتح آفاق واعدة بهذا الشأن، خاصة لدى الشباب والنساء، من أجل تحويل الطاقات المتوفرة إلى مبادرات ومشاريع رائدة.
وأضاف أن الجائزة، بإمكانها أن تشكل أيضا فرصة تبرز عبرها كل جهة خصوصيتها ورأسمالها اللامادي، واستغلال بذلك الإصلاح الكبير الذي تشهده الدولة المغربية من خلال نظام الجهوية، بحيث ينبغي الاستثمار بشكل أفضل في الأنشطة المرتبطة بالبيئة لما يمكن أن تحققه المشاريع المعنية على صعيد إنتاج الثروات وإنعاش الشغل، مراهنا على الوعي المتنامي لكافة الجهات من أجل خلق مدن مستدامة وإقرار مخططات جهوية للبيئة، مشيرا في هذا الصدد على أن لجنة الجائزة أكدت في تقريرها على “الدور المستقبلي الحاسم للجمعيات ومراكز البحث في خلق وتوسيع وتقوية الأنشطة المعتمدة على الاقتصاد النظيف والأزرق والأخضر”.
هذا وشهد هذا الحفل حضور أطفال من فلسطين يوجدون في المغرب في إطار الموسم السنوي للتخييم الذي تنظمه وزارة الشبيبة والرياضة بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم. وفي صنف البحث العلمي والتقني، حاز الجائزة عبد الهادي الكروالي عن مشروع يتعلق بالمساهمة في الحد من انبعاث غاز الميثان لدى البقرة الحلوب بالتدخل في المضافات الغذائية الطبيعية، سلمها له رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وأشار الحائز على الجائزة في تصريح مقتضب بشأنه مشروعه “أن غاز الميثان سيصبح خلال العقود القادمة 2050-2100، مشكلا كبيرا، حيث بات من الضروري العمل من الآن على نقص هذا الغاز لدى الحيوانات”.
وبالنسبة لمجال الإعلام، فقد حازت على الجائزة كل من نعيمة أشرعي عن تحقيق أعدته حول إشكالية استعمال بعض المواد الكيمائية بمنجم الذهب بمنطقة تيسويت، والآثار البيئية الخطيرة التي تخلفها على المنطقة. كما حاز على نفس الجائزة الصحفي محمد التفروتي عن مجموع مقالات حول البيئة ورهانات التنمية المستدامة، نشرها بمجموعة من الجرائد والمواقع الإلكترونية، علما أن التفراوتي يساهم في إنجاز الملحق الخاص بالبيئة الذي تنشره جريدة بيان اليوم كل أسبوع. وفاز بالجائزة عن ذات الصنف أيضا كل من عادل بوخيمة ويوسف زويتني عن برنامج “maroc l’energie de demain”، وهو برنامج وثائقي تم عرضه على القناة الثانية.
وحازت على جائزة العمل الجمعوي، جمعية الموجة بورزازات، وهو يهم مشروعها حول “التربية البيئية بالوسط المدرسي”، فيما تمكن من الحصول على الجائزة أيضا كل من جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بشفشاون، عن مشروع يتعلق بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، عبر تخفيض استهلاك الخشب في الأفرنة التقليدية بمدينة شفشاون، حيث كان كل فرن يستهلك حوالي 6 طن.
كما حصلت على الجائزة جمعية دار سي حماد باكادير، عن مشروعها الرائد المتعلق بـ”تجميع مياه الضباب”، وهو مشروع انطلق منذ سنتين ببوابة الصحراء ويمكن من توفير 25 لتر من المياه لكل شخص، وقد تم تطوير النظام المعمول به في أمريكيا اللاتينية على علو يصل إلى 1200 متر، ليصل إلى علو 1700 متر، ووضع شبكة من أجل تجميع حوالي 5 آلاف طن.
وأشار حاملو هذا المشروع أن تجميع الضباب على السواحل يمكن أن يجمع كمية كبيرة من المياه، لكن ذلك يتطلب استثمارات مهمة والقيام بأبحاث متواصلة.
وفيما يخص الجائزة المخصصة لمبادرات المقاولات، تم تتويج كل من “شركة أفريك كابل”، لإطلاقها مشروع تطوير وحدة لمعالجة وتثمين البطاريات المستعملة، كما حصلت عليها مؤسسة “ليديك”، عن مشروع يتعلق بإنشاء “فضاء تجريبي للفلاحة الحضرية المسقية بفضل إعادة استعمال المياه المعالجة بمحطة المعالجة بمديونة، وهو مشروع أشار بشأنه مسؤولو ليديك أنه ينفذ بشراكة مع الوسط الجامعي، حيث أنه فضاء مفتوح أمام التلاميذ والطلبة وهو يسعى لإثبات جدوى إعادة استعمال المياه العادمة.
كما فازت في ذات الصنف، شركة “ميكرو إلكترونيك”، عن مشروع لوضع مقاربة للتجويد بواسطة برامج بيئية. أما الجائزة المخصصة لصنف المبادرات التي قامت بها الجماعات الترابية في المجال البيئي، فقد حصلت عليها مناصفة، كل من جماعة مراكش، لإدماجها البيئة في مجموعة من المشاريع بالمدينة، من ضمنها التأهيل الطاقي للمباني العمومية، وجماعة أكادير عن مشاريعها لمواجهة تحديات التنمية المستدامة والتغير المناخي.
ويشار أن جائزة الحسن الثاني للبيئة تم إحداثها منذ سنة 1980 وقد تم تنظيمها لأول مرة سنة 1999، وقد تم منحها بعدا أكبر، وجعلها مواكبة للدينامية الكبيرة التي عرفها المغرب بعد المصادقة على الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، حيث تم تعديل القرار المنظم للجائزة سنة 2015 من خلال إدراج مجموعة من الجوانب، إذ تم الرفع من قيمتها المالية إلى 450 ألف درهم، وتم تحديد وتيرة تنظيمها في مرة كل سنتين، بهدف منح الوقت الكافي لإعداد ترشيحات تكون في مستوى الجائزة، بالإضافة إلى إحداث مجالات جديدة للجائزة تهم مجموعة من الفاعلين الأساسيين كالجماعات المحلية، ومؤسسات القطاع الخاص.
وعرفت الدورة الثانية عشرة المنظمة وفق القانون الجديد، تقديم 99 ترشيحا، منها 44 ترشيحا لجائزة البحث العلمي والتقني، و24 ترشيحا لجائزة العمل الجمعوي، و24 ترشيحا لجائزة الإعلام، و5 ترشيحات لجائزة مبادرات المقاولات، وترشيحين بالنسبة لجائزة مبادرات الجماعات الترابية.
فنن العفاني