تعتبر المحيطات المصير النهائي لـ500 ألف طن من المواد البلاستيكية في المحيطات كل عام، وفقا لما ذكرته المفوضية الأوروبية. وتعد قصبات تناول المشروبات “الشليمونة” أحدث رمز لهذه الثقافة المتعلقة بالنفايات غير القابلة لإعادة التدوير والمدمرة للبيئة.
وتقوم الحكومات والشركات في مختلف أنحاء العالم حاليا باتخاذ إجراءات صارمة ضد القصبات البلاستيكية. وترغب شركة ناشئة تتخذ من ألمانيا مقرا لها في المساعدة على هذا الأمر من خلال تقديم قصبات قابلة للأكل ومصنوعة من لب التفاح الذي هو عبارة عن مخلفات صلبة تتبقى بعد عملية إنتاج عصير التفاح.
ومن جانبه، يقول كونستانتين نويمان “في ألمانيا وحدها ننتج 60 ألف طن من القصبات القابلة للأكل… إنها كمية هائلة من الإمكانيات غير المستخدمة”. وكان نويمان (21 عاما) قام في عام 2017 بتأسيس شركة “وايزفوود” مع اثنين من أصدقائه. وقد قاموا منذ ذلك الحين بتسويق ما يعتبره نويمان أولى القصبات القابلة للأكل في العالم، والتي تحمل اسم “إيت آبل”.
ويبدو أن المنتَج قد أثار الاهتمام، ففي مطلع يونيو الماضي كانت الشركة الناشئة من بين المشاريع الـ100 التي فازت بجائزة من مبادرة “أرض الأفكار” الألمانية، كما كان مؤسسوها من بين المتأهلين للمراحل النهائية في مسابقة “فيوتشر ساكس” التي تقام في ولاية ساكسونيا، والتي تُتوَّج بجائزة “أفضل الابتكارات”.
وكان نويمان صادف مفهوم الاستمتاع دون الإضرار بالبيئة لأول مرة، في جامعة هوهنهايم في شتوتغارت، حيث درس علوم الغذاء.
ويقول نويمان إنه باعتباره أحد المنافسين في رياضة القوة -وهي أحد أنواع رياضة رفع الأثقال- من الضروري جدا بالنسبة إليه اتّباع نظام غذائي متوازن. لقد أدّى به اهتمامه بالرياضة، ومحاولة أو اثنتان لإعداد العصائر الطازجة، في النهاية إلى فكرة صنع القصبات البلاستيكية التي يمكن التهامها.
ويشار إلى أن القصبات التي تشبه قطعة كبيرة من المعكرونة، خالية من الغلوتين ومصنوعة من لب التفاح والألياف. وتحتوي القصبات على الكثير من الألياف وخالية من الدهون، وبذلك تعتبر وجبة رياضية خفيفة ومثالية.
أفكار مبتكرة وصديقة للبيئة
وكان نويمان وشريكاه في تأسيس الشركة، دانيلو جوفيتشيتش (29 عاما) وفيليب سيلبرناغل (26 عاما)، بدأوا العمل على إعداد الوصفة في عام 2015. وكانت النماذج الأولية أكثر ليونة من أن يتم استخدامها كقصبات، وعندما جفت فقدت هيئتها وشكلها.
واستخدم هؤلاء جهازا معدّلا خاصا بصناعة المعكرونة لصنع قصباتهم الأولى، وبفضل الكثير من الجهد استطاعوا صنع ما يتراوح بين 30 و40 قصبة يوميا.
وفي وقت لاحق، بعد تنقيح أساليبهم رفع الثلاثي الإنتاج إلى حوالي 10 آلاف قصبة يوميا في “المعهد الألماني لتكنولوجيا الأغذية” الذي يقع في بلدة كواكنبروك شمالي البلاد.
ويخطط الشبان الثلاثة لنقل إنتاجهم من القصبات إلى مصنع يقوم بإنتاج المعكرونة من نوع “سباغيتي” في سبايتشينغن في الطرف الآخر من البلاد، حيث سيقومون بتصنيع نصف مليون قصبة قابلة للالتهام يوميا. كما أنهم يرغبون في تطوير نكهات أخرى للقصبات، وحتى صنع قصبات تزيد الشهيّة.
وعلى عكس نظيرتها البلاستيكية، فإن القصبات الصديقة للبيئة تصبح طرية في النهاية. ويقول نويمان “تحتفظ القصبة بشكلها في المشروبات الكحولية لمدة 45 دقيقة، وفي العصير لمدة 20 دقيقة فقط”.
وتعمل الشركة حاليا على تحسين وصفة تصنيع القصبات القابلة للالتهام لزيادة مدة بقائها في الاستخدام في المرة الواحدة إلى ما يتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات.
وفي الوقت نفسه، تخلى نويمان عن دراساته من أجل التركيز بشكل كامل على عمله الجديد، الذي يضم حاليا أربعة عاملين متفرغين وأربعة متدربين.
كان قد تم جمع رأس المال الأولي للشركة من خلال التمويل الجماعي. وقد تمكنت الشركة خلال شهر مايو فقط من بيع 50 ألف قصبة، وذلك على الرغم من سعرها الذي يفوق كثيرا سعر القصبات البلاستيكية، حيث يتكلف سعر 100 قصبة من القصبات الصديقة للبيئة حوالي 50 دولارا.
ويقول نويمان “نجري حاليا الكثير من المباحثات لإيجاد شركاء وقنوات توزيع”، ويشمل ذلك محاولات التجريب الأولية في العديد من سلاسل الفنادق ومتاجر “مترو” للبيع بالجملة.
وما قد يشجّع الشركةَ الحظرُ المقترح من جانب الاتحاد الأوروبي على المواد البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، حتى وإن لم يدخل ذلك حيز التنفيذ عدة سنوات.
من ناحية أخرى تقدر منظمة “سيز آت ريسك” المعنية بالحفاظ على البيئة والتي تتخذ من بروكسل مقرا لها الاستخدام السنوي للقصبات البلاستيكية في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، والبالغ عددها 28 دولة، بأكثر من 36 مليار قصبة، وهو ما يمثل 71 قصبة سنويا لكل مواطن من مواطني هذه الدول الأوروبية البالغ عددهم 512 مليون نسمة.
أفكار جريئة تطارد لعنة البلاستيك
الوسوم