مئات الآلاف من الأجراء والمهنيين بقطاع النقل محرومين من التغطية الاجتماعية

يقوم قطاع النقل بدور أساسي في الحياة الاقتصادية نظرا لدوره الوظيفي والاستراتيجي ولعلاقته بجميع القطاعات على كافة المستويات، إذ لا يمكن أن تسير الحياة بشكلها الطبيعي في غيابه ويزداد ذلك وضوحا بالرجوع إلى عدد العاملين به من الأجراء ومن المهنيين المالكين لوسائل النقل والعاملين لحسابهم الخاص والذين يقدرون بأكثر 600.000 شخص.
غير أنه يعاني من مشكل كبير يتمثل في عدم توفير الحماية الاجتماعية لجل الأجراء ولجميع المهنيين المالكين لوسائل النقل والعاملين لحسابهم الخاص، وكان بالإمكان لو توفرت هذه التغطية أن تُسْهم بقدر كبير في تقوية هذا القطاع مهنيا واجتماعيا واقتصاديا، ولهذه الغاية تم خوض العديد من النضالات والمبادرات من طرف الحركة النقابية والمهنيين بهذا القطاع استغرقت مدة طويلة تم على إثرها عقد العديد من جلسات الحوار المارطونية مع الحكومات السابقة وبالأخص في المرحلة ما بين (2007-2011) ومن هذه الاجتماعات التي تمت مع رئيس الحكومة آنذاك السيد عباس الفاسي، ومنها ما تم مع القطاعات الوزارية المعنية بالموضوع نتج عنها التوقيع على اتفاق شراكة بتاريخ 21 فبراير 2011 بين وزارة الداخلية و وزراة التجهيز والنقل ووزارة التشغيل والتكوين المهني والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الهيئات المهنية والنقابية) تضمن الالتزام بإحداث نظام خاص للتغطية الاجتماعية تشمل جميع مهنيي النقل الطرقي غير الأجراء نص على ما يلي :
– تمكين العاملين ببطاقة السائق المهني وقد تم ذلك، غير أنها لا زالت لم تعمم على الجميع.
– القيام بالإجراءات والتدابير الضرورية لكي يستفيد مهنيو قطاع النقل غير الأجراء من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بإدخال تعديل على المادة 2 من ظهير 1972 المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وعلى بعض المواد الأخرى قصد الملائمة، وقد تم ذلك حيث صدر هذا التعديل في الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24/11/2011، غير أن هذا التعديل أصبح الآن متجاوزا وهو ما نبهنا إليه أثناء مناقشته بمجلس المستشارين (إبان عضويتي بالمجلس باسم الفريق الفيدرالي في الفترة مابين 2006-2015) وبعد ذلك اقتنع الجميع بما طالبت به بأن يتم توفير الحماية الاجتماعية لجميع المهنيين غير الأجراء وفق منتوج خاص بهم، وهو ما تم فيما بعد حيث صادق البرلمان على القانون. (رقم 15-98 القاضي بإحداث نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا والقانون رقم 15-99 القاضي بإحداث نظام التقاعد بالنسبة لنفس الفئات).
– التزام جميع العاملين بقطاع النقل الطرقي غير الأجراء بأداء المساهمات المالية المترتبة عن هذا الانخراط (حصة الأجير وحصة رب العمل )
– إنجاز دراسة قطاعية حول كيفية الاستفادة من التغطية الاجتماعية بالنسبة لهذه الفئة واقتراح الطرق والتدابير التي يمكن القيام بها قصد إخراجها إلى حيز الوجود وإعداد القوانين والمراسيم التطبيقية وقد تم إنجاز هذه الدراسة من طرف وزارة الشغل والإدماج المهني بتنسيق مع وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك ووزارة الداخلية والتي جاء فيها أن عدد مهنيي النقل غير الأجراء هو 218665 شخص 20% منهم متمركزين بالدار البيضاء كما أنها تضمنت تصور لما يجب أن يتم القيام به من خطوات قصد الاستفادة من هذه التغطية.
ويتم حاليا تهييئ المراسيم التطبيقية للاستفادة من هذه التغطية بالنسبة للمهنيين غير الأجراء سواء بقطاع النقل أو بغيره من القطاعات الأخرى، وقد تم إنجاز بعض المراسيم والبعض الآخر سيتم إنجازه خلال المراحل المقبلة.
ومن خلال ما قمنا باستعراضه يتبين أن هناك هدر كبير لعامل الزمن إذ كان من الواجب أن تتم التصريحات بجميع الأجراء العاملين بهذا القطاع ليس فقط منذ ثمان سنوات بل من قبل وهو ما كان سيؤدي إلى أن يستفيد عشرات الآلاف من أجراء هذا القطاع من التعويضات العائلية والتقاعد والتغطية الصحية وكل الخدمات التي يقدمها الصندوق لكون قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واضح في هذا الجانب علما بأن القانون الاجتماعي بما فيه قانون الشغل أو قوانين الحماية الاجتماعية له قواعد لا بد من اعتمادها لما لها من أبعاد اجتماعية واقتصادية ولتوفير السلم الاجتماعي وهو ما يتطلب تداركه حماية لحقوق الأجراء ومن أجل الإسراع بتعميم التغطية على المهنيين والعاملين لحسابهم الخاص.

< عبد الرحيم الرماح

Related posts

Top