استعرض روائيون مغاربيون، الخصوصيات الابداعية للرواية المغاربية داخل وخارج النطاق الجغرافي ومجالات تلاقي الطموحات الموضوعاتية والفنية والجمالية للروائيين المغاربيين.
وقد قدم المشاركون خلال هذه الندوة المنظمة على هامش المعرض الدولي للكتاب والنشر في نسخته ال23، تحت عنوان “روائيون بأفق مغاربي”، أفكارا نقدية حول الواقع الثقافي المغاربي، وطموحات ومشاريع أدبية تعزز جودة الرواية المغاربية، وتسهم بشكل فعال في الرقي بالحركة الثقافية عموما بالمنطقة.
وفي هذا الصدد، استعرض الروائي التونسي حسونة المصباحي خصوصيات الرواية التونسية مستحضرا لثلة من الروايات التونسية التي ترصد حياة المواطن التونسي بين امختلف العصور.
كما أبرز المصباحي مدى تأثر الرواية بالحركة الثقافية التونسية لافتا أنه في العصر الحالي تغيرت خصائص ومميزات الرواية التونسية بعد سلسلة من الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفها هذا البلد المغاربي.
وقال الروائي الجزائري واسيني الأعرج ، من جانبه، إن الروائيين المعاصرين يختلفون في أسلوبهم وطرق تناولهم للرواية، عن الروائيين الذي سماهم بالجيل التأسيسي للرواية المغاربية، والذي عبر عن هواجسه أدبيا من خلال تعاطيه واهتمامه بالقضايا الوطنية لكل دولة كانت نحت براثين الاستعمار.
كما تطرق الأعرج لمفاهيم كالأنسنة بالرواية، وسلط الضوء على شخصيات تاريخية أثرت بشكل جلي في الرواية المغاربية، اضافة الى حقيقة الأحداث التاريخية التي توجد داخل الرواية وكيفية اعادة كتابة الذاكرة من حلال الرواية من خلال استحضار الواقع العربي والبعد الاستراتيجي والسياسي وتأثيره في كتابة الرواية المغاربية، متسائلا عن دور الأدب والرواية المغاربية خصوصا في التغيير لتوفير مناخ حضاري وفكري وثقافي يليق بالارث التاريخي لهذه المنطقة.
من جانبه، قال الروائي المغربي محمد برادة إنه بالرغم من تقارب المجتمعات فإنها تظل متفردة بنوعها، مبرزا أهمية الشكل وخصوصيته في كتابة الرواية ودورها في التقاط الوضع الاجتماعي، وضرورة الانطلاق من البعد الكوني في كتابة الرواية .
وعد برادة الرواية المغاربية جزءا من الرواية العربية وبالتالي جزءا من الرواية العالمية، مشددا على أهمية الرواية في العمل على مواجهة الوضع العربي الحالي ودورها في استشراف آفاق مستقبل أكثر ازدهارا، وكيفية ابتداع صيغة جمالية للواقع.
أما الكاتب المغربي يوسف فاضل فقد قرأ على الحضور جزءا من مذكرات كتبها حول المشاكل التي تعترضه يوميا، يعتزم صياغتها في شكل رواية على طريقة (كيلوا)، واستعرض خلال هذه العملية بشكل غير مباشر وفي قالب مبتكر خصائص الرواية وأوجه الاختلاف والتشابه مع النص المسرحي.
وسلط يوسف فاضل أيضا الضوء على مختلف الأحاسيس التي تخالجه واللحظات التي ميزت كتاباته والتي امتزجت فيها “مشاعر الخوف والوجس وغياب الالهام والارادة والعزيمة والقوة”.
*****
تقديم كتاب الأستاذ عبد الواحد الراضي “المغرب الذي عشته”
تم تقديم كتاب “المغرب الذي عشته” للأستاذ محمد الراضي الرئيس الأسبق لمجلس النواب، وذلك على هامش الدورة الثالثة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب.
وفي مداخلة بالمناسبة، أكد عبد الواحد الراضي أن دواعي تأليفه هذا الكتاب تتمثل في الرغبة في إطلاع الأجيال المقبلة على تاريخ المغرب على مدى أزيد من ستين سنة المنصرمة، والنضال المرير الذي خاضه القادة الوطنيون من أجل الاستقلال والتحرر من نير الاستعمار والإسهام في بناء الديموقراطية والمساواة باعتبار أن السيرة الذاتية للمسؤولين تسهم في الثقافة العامة وتكوين المناضلين.
وفي هذا الصدد، أوضح الراضي (81 سنة)، أن جيل الرواد الذي يمثله جلالة المغقور له محمد الخامس وعلال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني في ثلاثينيات القرن الماضي قام بدوره في الإسهام في نشر الوعي بالوطنية والحرية والديموقراطية والمطالبة بإنهاء عهد الحماية، موضحا أن دور هذا الجيل هو دور التوعية والرفع من مستوى الوعي في أوساط الشعب المغربي يضرورة الاستقلال.
وأضاف أن جيل ولي العهد الأمير مولاي الحسن (جلالة المغفور له الحسن الثاني) والمهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد هندس للاستقلال وتفاوض من أجله ، وواصل بعد حصول المغرب على استقلاله مسيرة العمل من أجل مغرب ديموقراطي وحداثي تسوده العدالة والحرية وكرامة الإنسان ، قبل أن يأتي جيله الذي شهد حصول المغرب على دستور ديموقراطي هو دسنور 2011 ، داعيا إلى إسهام الجيل الجديد في الإسهام في النطوير وتقوية المباديء والقيم والأخلاق الديموقراطية.
وتابع الراضي قائلا إن من دواعي تأليف الكتاب أيضا ما لاحظه من عزوف الشباب عن خوص غمار السياسة ، مؤكدا أت تركيزه على شخصيات سياسية مغربية قامت بأدوار مهمة في صياغة تاريخ المغرب الحديث من مواقع متعددة ومتباينة يهدف أساسا إلى بيان المستوى العالي من الصراع السياسي دون تنابز وانحطاط إلى مستوى السفاسف، مشيرا إلى أنه تبنى مقاربة بيداغوجية لأن “الشعب الذي يجهل ماضيه لا يمكنه أن يفهم حاضره من أجل بناء مستقبله ” حسب تعبير ونستون تشرشل.
وقال إن الكتاب يتغيى أيضا تصحيح بعض المغالطات التاريخية التي تدخل في مجال الحسابات السياسية الضيقة من قبيل اعتبار ما حصل في إكس ليبان مفاوضات فيما الصحيح أنها مباحثات واستماع، مع السعي لتوخي الموضوعية في عرض آراء الخصوم والإنصات إليها، وشدد أيضا على أن قوة الإرادة تؤدي إلى تحقيق الطموحات مهما كانت الصعاب، موضحا أن عائلته خدمت الأسرة العلوية منذ عهد السلطان مولاي الحسن الأول حسب الوثائق التي يتوفر عليها.
وفي مداخلة للمؤرخ والديبلوماسي محمد الخصاصي، الذي رافق الراضي في العديد من محطاته المهنية والنضالية، أبرز أن الكتاب، الذي يتضمن كما هائلا من المعلومات والمعارف في “موضوعية وتواضع وعفة”، يتطرق إلى حيثيات الحركة الوطنية، والاتحادية منها بالخصوص، مجملا المحصلة التي يصيغها الكتاب في ثلاثة روافع تتمثل في النصال والفكر والفضيلة.
وأوضح الخصاصي أن الرافعة الأولى تتمثل في كون الراضي يشكل نموذجا للأكاديمي المنشود ومثالا فكريا تنويريا، وتتمثل الرافعة الثانية في الإطلالات الثقافية والخواطر الفكرية التي تذكر بالإطار المرجعي والتظري المؤطر للمواقف والإنجازات، والرؤية الموضوعية التي تتجاوز النظرة الذاتية الضيقة، فيما تتمثل الرافعة الثالثة في “التزاوج النبيل|” لدى السيد الراضي بين الممارسة السياسية والقيم الأخلاقية.
ويتضمن الكتاب ، الذي صدر عن المركز الثقافي للكتاب، تمهيدا واثنين وعشرين فصلا تطرقت على التوالي إلى الطفولة الأولى (من المدينة إلى البادية)، وطفولة ثانية في سلا خلال أربعينيات القرن الماضي، والتأطير الجمعوي، والحركة الوطنية المغربية من الكفاح الوحدوي إلى بداية التصدعات، والمرحلة الفرنسية مع التطرق إلى الأجواء الثقافية بفرنسا واستضافة جان يول سارتر مثلا، وعشر سنوات مع المهدي وطريق الوحدة برعاية المغفور له الملك محمد الخامس، وبرلماني سيدي سليمان (نصيبي من الألم)، ومعارضة برلمانية شرسة.
ويتطرق الكتاب أيضا إلى فصول الجريمة، ومغرب السيعينات، وعلال الفاسي، وتجربة الكاتب على رأس وزارة التعاون، والاتحاد العربي الإفريقي الذي شغل منصب أمينه العام، وعلاقته بالمغفور له الملك الحسن الثاني، والمؤتمر الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ورئاسة مجلس النواب، وتولي وزارة العدل والانخراط في المشروع الوطني لإصلاح القضاء، والعلاقة مع عبد الرحمان اليوسفي، وانتخابه كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتجربته على راس الاتحاد البرلماني الدولي، والمغرب وأفق الديموقراطية في عهد جلالة الملك محمد السادس.
وكان الأديب حسن نجمي، الذي قدم الكتاب، قد لاحظ ظاهرة نقص التدوين لدى زعماء الحركة الوطنية المغربية وقادة المقاومة وجيش التحرير، وأشار، على سبيل المثال إلى أن علال الفاسي لم يدون يومياته عن منفاه في الغابون لمدة تسع سنوات إلا خلال السنتين الأوليين، مضيفا أن كتابة الأستاذ الراضي لشهادته تكتسي بعدا ثقافيا مهما فضلا عن البعد السياسي اعتبارا للوضع الاعتباري والرمزي لصاحبها وأهمية النضالات التي خاضها والمناصب التي تقلدها. يذكر بأن كتاب “المغرب الذي عشته” يقع في 808 صفحة من القطع المتوسط، وبتضمن 76 صورة فوتوغرافية توثيقية.
متابعة: عبد العالي بركات > تصوير: عقيل مكاو