انطلقت أول رحلة مباشرة بين مطار محمد الخامس الدار البيضاء ومطار مدينة بوعرفة، عبر طائرة الخطوط الملكية المغربية، أول أمس الاثنين، حيث تم تدشين هذا الخط الجديد من طرف وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، والخطوط الملكية المغربية، وولاية جهة الشرق، ومجلس الجهة، ووكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية، وإقليمي الناظور وفجيج.
ويأتي تدشين هذا الربط المباشر بين المطارين، عقب التوقيع، بتاريخ 18 مارس الماضي، على اتفاقية مشتركة بين الأطراف سالفي الذكر، تنص على افتتاح خط جديد ما بين الدار البيضاء وفجيج بوتيرة رحلتين في الأسبوع، وبتعريفة ثابتة ومحددة في 500 درهم ذهابا، و990 درهم ذهابا وإيابا “الدرجة الاقتصادية”.
إنسانية ومواطنة
قال وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، محمد ساجد، “إن جهة الشرق تزخر بمجموعة من المناطق السياحية التي يمكن أن تجعلها من بين الجهات النشيطة في المغرب”، مؤكدا بأن توقيع اتفاقية الربط الجوي بين مدينتي الدار البيضاء وبوعرفة خطوة جد مهمة.
وأضاف محمد ساجد، خلال كلمة له بمناسبة التوقيع على الاتفاقية وتدشين هذا الخط، أن هذا الحدث يمثل نفسا جديدا بالنسبة لإقليم فجيج، لاسيما وأن مدينة بوعرفة شهدت أول رحلة تجارية لطائرة الخطوط الملكية المغربية، معتبرا ذلك، “حلما يتحقق لساكنة المنطقة”.
وأردف ساجد بأن أمنية ساكنة بوعرفة يتم تفعيلها على أرض الواقع من خلال هذا الربط الجوي بين العاصمة الاقتصادية وبوعرفة، واقفا عند خصائص هذه الساكنة المعروفة بحسبه، “بالارتباط بالحضارة، والثقافة، والتقاليد، المتميزة بالتضامن والتكافل والارتباط بالأصل والجدر”.
كما لم تفت وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، الإشارة إلى “دور أبناء المنطقة المهاجرين نحو بلدان أخرى، خصوصا الدول الأوروبية”، مسجلا بأنهم لا زالوا متشبثين بهويتهم وأرضهم، ولا زال هناك ارتباط بأصلهم، “حيث يوجد أفراد عائلاتهم، وهو ما يجعل البعض منهم يقوم بمجموعة من المبادرات الاجتماعية والاقتصادية بالمدينة”.
وذكر المتحدث بأن هؤلاء المهاجرين أصبحت مدينتهم تتوفر على خط مباشر يربط بين البيضاء وبوعرفة، ومن تم أصبح بإمكانهم التوجه بشكل مباشرة من مطارات الدول الأوروبية التي يقطنون بها نحو مطار مدينة بوعرفة، بدون مشاكل في سرعة التنقل.
وأرجع هذا الربط المباشر إلى دور الخطوط الملكية المغربية التي أبدت رغبتها في المساهمة في هذا العمل، بالرغم من غياب الإقبال الكبير على خدماتها خلال الأشهر الأولى، نافيا بأن تكون هذه الخطوة تجارية، “بل هي مبادرة إنسانية مواطنة في حق أبناء هذه المنطقة الذين في حاجة إلى فك العزلة عنهم وهو ما قامت به الشركة”، يقول محمد ساجد.
وأبدى ساجد تفاؤله بخصوص تشغيل هذا الخط، متمنيا استمراره، ومراهنا كذلك، على الإشعاع الذي من المرتقب أن يحدثه هذا التدشين الذي اعتبره مناسبة للتواصل مع باقي الفاعلين في القطاع بالجهة، وكذا ساكنة المدينة التي يهمهما الأمر بالدرجة الأولى.
يوم تاريخي
من جانبه، وصف الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية، عبد الحميد عدو، فاتح أبريل من سنة 2019 باليوم التاريخي، على اعتباره شهد تدشين أول رحلة عبر خط جوي مباشر بين مدينة الدار البيضاء وبوعرفة.
وكشف عبد الحميد عدو، أن الشركة أقدمت على هذه الخطوة “وعيا منها بالدور الملقى على عاتقها في تنمية جهة الشرق ومواكبة المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تم إطلاقها بهذه المنطقة الغنية بمجموعة من الخصائص الطبيعية والبشرية والثقافية”.
وأضاف عدو في تصريح مقتضب خص به جريدة بيان اليوم، أن تشغيل هذا الخط التجاري، سيفك العزلة عن مدينة فكيك، كما أنه سيحرك الحركة الاقتصادية بها، من خلال تسهيل تنقل السياح الأجانب والمغاربة نحو المدينة والمناطق المجاورة لها.
وثمن الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية هذه المبادرة الجماعية بين مختلف المتدخلين من مؤسسات الجهة وكذا وزارة السياحة والنقل الجوي، موضحا بأن هذه الرحلة هي الأولى من نوعها، بالنسبة لإقليم بوعرفة.
وأشار إلى أن هذا الخط الجديد حدد له يومي الاثنين والسبت، موضحا بأن هذا الاختيار جاء نتيجة الإقبال السياحي على المدينة والمنطقة، “من هنا، تم تحديد آخر يوم وبداية آخر في الأسبوع، وهو الاختيار الجيد والمناسب”، يقول عبد الحميد عدو.
وأكد عدو على أن هذه الرحلة التدشينية والافتتاحية “لها أهمية خاصة، يبرز من خلالها الجميع الرغبة في فك العزلة عن المنطقة، وإعطاء الدعم لها، من خلال مبادرات من هذا القبيل، ترمي إلى ربط الجسور بين مختلف المدن المغربية ومدينة بوعرفة”.
ربط حديدي
وعرف اليوم ذاته، توقيع اتفاقية أخرى بين مؤسسات الجهة، وكذا المكتب الوطني للسكك الحديدية الذي التزم مديره ربيع لخليع بإعادة تشغيل القطار السياحي بين مدينة وجدة وبوعرفة، مصرحا بأن المبادرة “تأتي كتثمين للمعطيات الهامة لهذه الجهة التي تتميز بمجموعة من المميزات الطبيعية والثقافية وما إلى ذلك”.
وأضاف ربيع لخليع أن الهدف من إعادة إحياء هذا المشروع هو “تثمين المكونات الهامة لهذه المنطقة على أساس أن يلعب هذا القطار دورا هاما فيما يخص التطور السوسيو اقتصادي للجهة بصفة عامة ولمنطقة بوعرفة بشكل خاص”.
وحول هذا الربط الحديدي، كان محمد ساجد قد أكد بأن إعادة إحياء خط السكة الحديدية بين وجدة وبوعرفة، سيكون مناسبة للتعريف بما تزخر به الجهة الشرقية التي تحفل بمؤهلات ومآثر وعادات وتقاليد ورجال ونساء.. يستحقون الأحسن والأجود.
وتساءل ساجد عن هذا التأخر الذي طال إلى اليوم، سواء تعلق الأمر بالربط الجوي أو البري، مشيرا إلى وجود العديد من محطات القطار التي يمكن تثمينها وجعلها فضاءات تاريخية تجذب الزوار والسياح الأجانب بشكل كبير.
ولم تفت وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني، الفرصة لدعوة المستثمرين الخواص إلى الانخراط في هذه الدينامية التي تعرفها الجهة “التي يحاول مجلسها توفير بنية تحتية مواتية لتحريك العجلة الاقتصادية بالمنطقة، خصوصا في المجال السياحي”.
ودعا أيضا، إلى محاولة التحلي بالشجاعة في الاستثمار بالمنطقة لأن “أناس هذه الجهة يستحقون الأكثر والأحسن، وذلك من خلال خلق مشاريع اقتصادية تتماشى وما تزخر به الجهة وتتميز به”، استنادا إلى ما جاء في تصريح صحافي له مشترك لوسائل الإعلام.
فك العزلة
من جهته، اعتبر نائب رئيس مجلس جهة الشرق، الطيب المصباحي، أن إطلاق هذا الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وبوعرفة، يعد “حدثا تاريخيا”، مشيرا أيضا، إلى أن التوقيع على الاتفاقية الثانية التي تهم إعادة ربط مدينة وجدة ببوعرفة بالقطار السياحي، فرصة مهمة لفك العزلة عن العالم القروي، خصوصا إقليم فجيج.
وأكد الطيب المصباحي في تصريح صحافي لجريدة بيان اليوم، أن “إقليم فجيج ومدينة بوعرفة على الخصوص، أصبحت الآن متاحة في وجه المستثمرين الخواص”، مرجعا ذلك إلى توقيع مجلس جهة الشرق للاتفاقيتين مع الخطوط الملكية المغربية والمكتب الوطني للسكك الحديدية.
وأشار نائب رئيس مجلس جهة الشرق إلى أن لهذه الخطوة ثلاثة مقاصد، الأول منها، ربط مدينة بوعرفة بالمدن الحضرية للمغرب، “حيث لا يمكن أن يعيش إقليم فكيك في عزلة عن النقل والتنقل عن باقي المناطق المغربية، واليوم ساكنة إقليم فكيك ومنتخبو إقليم فكيك ومجلس جهة الشرق يحيون هذه المبادرة التي ساهموا وطالبوا بإنجازها”، يقول المتحدث.
والمقصد الثاني، بحسب الطيب المصباحي، يتجلى في فتح إمكانية الاستثمار بالمنطقة من خلال “هذا الربط الجوي الذي سيمكن المستثمرين الخواص من التنقل نحو بوعرفة وإقليم فجيج ككل بكل حرية، “فإذا توفرت وسائل النقل عبر الجو والأرض فلا يمكن أن نبرر أي تأخر في المبادرة لإحداث استثمارات اقتصادية في هذه المنطقة”، يوضح المصباحي.
ودعا المسؤول عن جهة الشرق في حديث مع بيان اليوم، كل الأطراف المتدخلة في الجهة سواء في القطاعين العام أو الخاص إلى “ضرورة الاندماج والتفاعل مع هذه الخطوة من خلال المساهمة في تنمية المنطقة التي تتمتع بإمكانيات كبيرة على المستوى السياحي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
وكانت المنطقة تنتظر منذ وقت طويل وفق الطيب المصباحي، مناسبة من هذا النوع، معتبرا هذه المبادرة إضافة نوعية لمنطقة مغربية، كما أنها “لحظة حاسمة، جاءت نتيجة توفر الإرادة السياسية في هذا الشأن، بعد أزيد من 20 سنة من المطالبة برفع هذه العزلة عن المدينة”.
ويتمنى المصباحي، استمرار هذا الخط وجعله دائما، على اعتباره فرصة “للتعبئة وللتنمية السياحية في المنطقة، بالإضافة إلى خلق ديناميكية جديدة من شأنها أن تنعكس على دخل الساكنة بالمدينة”.
تحقيق حلم
وحذا رئيس المجلس الإقليمي لفكيك، حميد الشاية، حذو باقي الآراء، مشيدا بإخراج هذا الحلم إلى حيز الوجود، مذكرا بالدعم المالي الذي قدمه مجلس الجهة من أجل تفعيل هذه المبادرة على أرض الواقع.
وخلال كلمة له، على هامش التوقيع على اتفاقية الربط الجوي، شكر حميد الشاية تفاعل الخطوط الملكية المغربية مع خطوة ربط مدينة بوعرفة بالدار البيضاء جوا، معتبرا المبادرة مساهمة في “فك العزلة عن الإقليم والمساهمة في ولوج وانسياب رؤوس الأموال في القطاع الخاص”.
وسيتيح هذا الربط الجوي والأرضي، بحسب حميد الشاية، فرصة الاستثمار في هذا الإقليم، مؤكدا بأن هذه المبادرة سيكون لها، “انعكاس إيجابي على التنمية في مختلف المجالات والقطاعات”، ملتمسا من وزير السياحة والنقل الجوي دعم هذه الخطوة بخطوات أخرى في القطاع السياحي على وجه الخصوص، لأن الٌإقليم “يزخر بإمكانيات هائلة جدا”، يقول المتحدث.
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية الموقعة بين الأطراف أعلاه، تنص أيضا، على إدماج الرحلات الرابطة ما بين الدار البيضاء والناظور برفع وتيرتها إلى 4 رحلات أسبوعية مع تحديد نفس التسعيرة الثابتة.
وتنص الاتفاقية نفسها، على الإبقاء على الرحلتين اليوميتين الرابطتين ما بين الدار البيضاء ووجدة، مع إدخال بعض التعديلات على مواقيت الرحلات، فضلا عن نص الاتفاقية على تطبيق تسعيرة ثابتة ومخفضة لكل هذه الخطوط” الدار البيضاء- وجدة، الدار البيضاء- الناظور والدار البيضاء بوعرفة”.
> مبعوث بيان اليوم إلى بوعرفة: يوسف الخيدر