ما ترغب فيه الفنادق هو المطلوب. هل قال أحد ذلك؟ لا لم يقله أحد. ولكنه الواقع. هناك حملة مشبوهة يقوم بها بعض المتعهدين من أجل تزويد الفنادق باللوحات بأثمان بخسة.
لن تخسر الفنادق شيئا إذا قامت باستضافة الفنانين مقابل لوحات يقدّمونها وهم ممتنّون. تبدو الفنادق كريمة كما أن الفنان بإمكانه أن يلهو فيرسم أي شيء ليقدّمه في مقابل ذلك الكرم.
ولكن المسألة في حقيقتها ليست كذلك. فإذا كان الفنانون من الدرجة العاشرة فإن الفنادق تكون هي الخاسرة وهو ما تستحقه، أما أن يتم توريط فنانين حقيقيين في مناسبات كهذه فإن الفن سيكون هو الخاسر.
فإذا رسم الفنان بطريقة صادقة فإنه سيمثل دور المضحوك عليه، أما إذا رسم دفعا للعتب فإنه يخون فنه، فلوحته التي ستعرض في الفندق وتحمل توقيعه ستكون واحدة من علامات ضعفه وهوانه وتدني قيمته الفنية. تلك مسألة يصعب التحكم بها في ظل واقع ثقافي مصاب بقلة الاكتراث حيث لا يسمع الفنانون صدى لما يقومون به على المستوى الاجتماعي.
يعيش الفنانون العرب اليوم مرحلة هي الأسوأ في التاريخ الحديث. فبعد أن كان البعض منهم مقربا من الأنظمة السياسية التي كانت تعتبر الفن جزءا من آلتها الدعائية انقلب النظام السياسي العربي عليهم. لم تعد الأنظمة في حاجة إلى فنانين.
شعور الفنان بالغربة قد يدفعه إلى الخضوع لكل ما يمكن أن يجعله مرئيا. هل سمعتم بالفنانين الذين يرسمون على القوارب؟ أعتقد أنها مغامرة مضحكة. فما الذي يمكن أن يُرسم على قارب؟ وكيف يمكن لفنان يحترم نفسه أن يسمح للآخرين بأن يفرضوا عليه السطح الذي يرسم عليه عمله؟
سيكون القارب فاتحة لأشياء أخرى ستفرض على الرسامين أن يرسموا عليها. الرسام العربي في لحظة ضعف. لكن يجب عدم استضعافه واستصغاره إلى هذه الدرجة.
أرجوكم أيها الفنانون لا تستصغروا أنفسكم إلى درجة قد لا يرحمكم التاريخ معها.
فاروق يوسف
كاتب عراقي