سخط عارم وتذمر كبير يعم مختلف الأوساط بعد الأحداث الدامية التي عرفتها نهاية مقابلة فريق الجيش الملكي ضد ضيفه الرجاء البيضاوي مساء الأربعاء الماضي بمركب الرباط.
لم يعد الغضب مقتصرا على المهتمين بالشأن الرياضي، بل امتد إلى مختلف شرائع المجتمع، مادامت شرارة الأحداث مست أناسا أبرياء لا علاقة لهم بالمجال الرياضي، أشخاص عاديون قادتهم الظروف للأسف نحو المكان الذي شهدته هذه المواجهات.
أضرار كبيرة وخسائر فادحة وإصابات مختلفة وتكسير سيارات ومحلات تجارية واعتقالات بالجملة… حصيلة ليلة الأربعاء السوداء، كما أن الخسائر على المستوى البشري مرشحة للارتفاع، نظرا لخطورة بعض الإصابات التي لحقت بالعديد من الأشخاص، سواء ممن كانوا من بين المشجعين، أو أفرادا عاديين لا علاقة لهم نهائيا بالمباراة المذكورة.
أمام خطورة الأحداث وتوالي حالات العنف، كان لابد من اتخاذ إجراءات ضرورية في محاولة للحد من واقع العنف المرافق لبعض المباريات الرياضية، خاصة تلك التي تعرف نوعا من الحساسية وهي معروفة مسبقا، ترتبط عادة بجماهير فرق معينة ومدن معروفة.
إجراءات تم الاتفاق بشأنها منذ أربع سنوات، وحددت في اثني عشر إجراء، تم التنصيص عليها بمقر وزارة الداخلية، بحضور مجموعة من القطاعات الحكومية، منها وزارة العدل ووزارة الشباب والرياضة وجامعة كرة القدم، وغير ذلك من المتدخلين المباشرين، إلا أنها لم تفعل.
دول عديدة سبق أن عانت من آفة العنف المرافق للأنشطة الرياضية، إلا أنها استطاعت تجاوز المرحلة بفضل المعالجة الأمنية والقضائية واتخاذ عقوبات زجرية، أضف إلى ذلك القيام بحملات توعوية وتربوية، مع توظيف وسائل الإعلام واستغلال شعبية بعض رموز المجتمع و تأثير الشخصيات الرياضية والفنية، من أجل تمرير الخطابات وإيصال الرسائل بطريقة سلسلة وذكية وهادفة، والنتيجة التخلص تدريجيا من الظاهرة.
أما عندنا فلا حياة لمن تنادي، أغلب القرارات التي تقررت لم تطبق، كل جهة تتنصل من المسؤولية وتحاول إلصاقها بجهة أخرى، تساهل في تطبيق الإجراءات الأمنية والتنظيمية، تدخلات من هنا وهناك تحبط في الكثير من الحالات أي محاولة جدية لتطبيق القانون، إذ يلاحظ رفض في تطبيق الصرامة حفظا للأمن العام، وحماية لمصالح المواطنين وحقنا للدماء.
السؤال الذي يطرح عند حدوث حالات عنف مماثلة، هو من المسؤول؟ ومن هي الجهة التي تتحمل مسؤولية كل هذا التقصير؟ وإلى متى سيستمر هذا النزيف؟ وكيف تتم معالجة الأحداث وضمان عدم حالات العود؟ ولماذا لا تطبق الإجراءات المتفق عليه؟ أسئلة عديدة تطرح بطريقة ملحة، لكنها كالعادة تبقى بدون أجوبة، والنتيجة أحداث صادمة تهز الرأي العام الوطني.
محمد الروحلي