في عز انشغال العالم أجمع بالتداعيات المدمرة لجائحة كورونا، ووسط البحث المضني عن طرق العلاج وفعالية التعقيم، فضل الباطرون السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر تحويل الأنظار، ولو بنسبة قليلة عن كل هذه الانشغالات المقلقة، ليدلي باعترافات مثيرة، بخصوص الطريقة التي نجحت بها دولة قطر في الحصول على شرف تنظيم مونديال 2022.
بلاتر المعروف بأسلوبه الماكر والملتوي، كشف للصحافة الفرنسية مؤخرا عن العوامل التي جعلت هذه الدولة الخليجية، تتمكن من الفوز برهان التنظيم، رغم المنافسة القوية التي شكلتها دول كبيرة، وذات نفوذ مهم كالولايات المتحدة الأمريكية.
كشف بلاتر عن وجود “تدخل سياسي” في قرار منح حق استضافة دورة 2022 لقطر، مع استبعاد فرضية اتهامات بتلقي الرشاوي التي روج لها القضاء الأمريكي، والذي لم يستثن أيضا دورة 2018 بروسيا، مضيفا أن ما أسماه ب “اتفاق نبيل”، أبرم داخل اللجنة التنفيذية للفيفا، وذلك بحصول تدخل سياسي مباشر، منحت قطر بموجبه حق استضافة مونديال 2022.
وحسب رواية بلاتر دائما، فإن تدخل الحكومة الفرنسية كان أيام الرئيس نيكولا ساركوزي، مما حال دون حصول امريكا على شرف التنظيم، ومنحه بالمقابل لدولة صغيرة كقطر، بمساهمة نجم كرة القدم الفرنسية السابق ميشيل بلاتيني الذي كان وقتها عضوا داخل اللجنة التنفيذية للفيفا.
اعترافات الداعية بلاتر، والذي سلط عليه بالمناسبة الأنظار مرة الأخرى، انضافت للدعاوى التي رفعها الادعاء الأمريكي بخصوص اتهام بتلقب رشاو وجهها للعديد من أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم، بمختلف القارات الخمسة، كلها معطيات تؤكد أن الأمور لم تكن نهائيا نظيفة.
ما يهمنا في كل الحالات، هو أن المغرب الذي ظل لسنوات طوال يطارد حلم استضافة مونديال كرة القدم، ذهب ضحية تلاعبات، وأجندة ورشى وتحالفات، رغم كل المجهودات التي بذلها، ورغم محاولاته المتكررة بإقناع العالم بأحقيته في تحقيق الحلم الذي ناضل من أجله طويلا.
خسر المغرب رهانه خمس مرات، فبعد دورات 1994 و1998 و2006 و2010، كانت دورة 2026 هي الأخيرة، وكانت أمام الملف الثلاثي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية بشراكة مع كندا والمكسيك، ليتأكد أن وعد بلاتر بتعويض أمريكا عن الخسارة السابقة، نفذه خليفته جياني إنفانتينو الذي يبدو أنه مجرد تلميذ وفي، والذي يعترف بالأيادي البيضاء للعم سام الذي نصبه بدون سابق إنذار على رأس الفيفا.
فمن ينصف المغرب، الذي ذهب ضحية كل هذه الأجندة الملتوية؟ ومن يعوض خسائره المالية الكثيرة؟ ومن يرجع حلم أجهض، وخيبات أمل كثيرة، ولحظات حزن عاشها كل من آمن بحق بلادنا في استضافة المونديال؟…
محمد الروحلي