> مبعوث بيان اليوم إلىمراكش: سعيد الحبشي
“كنت أطمح إلى أن أخرس اليوم، ولكن…”، “لا تخطئوا وتعتقدوا أن الفنان مسؤول عن فنه بمجرد أن لدى الفن القدرة على تغيير العالم. فالفنانون لا يملكون الكلمة الفصل في فنهم. اليوم، إذا أردتَ أن تعرف مَن الذي يقود العالم، فعليك أن تعرف مَن الذي يموّل الفنانين.
إنها الشركات الكبرى. لطالما أثارت الطبيعة اهتمامي. في الأدغال مثلاً، ثمة عشب قد يسممك وبالقرب منه ثمة عشب يداوي مرضك. لهذا، أجد انه ليس هناك أروع من ان تولد السينما التي أثرت كثيراً في البشر، في فترة التأكد من أخطار النووي. أشبّه حالنا ببروميثيوس الذي تمّ أسره لأنه سرق النار. النار نوع من استعارة للسينما. السينما يمكن أن تغيّر الكثير لكنها ليست حرّة. اللغة السينمائية ابتُكرت في القرن الماضي على يد رواد أتيحت لهم أن يجرّبوا، لكنهم اليوم لم يعودوا يتجرأون على الاختبار. طبعاً، جاء المسرح قبلهم بمئات السنين، ولكن لا شيء في المسرح يجعلك تستمد فكرة أن تصوّر لقطة شاملة ثم تنتقل فجأة الى لقطة قريبة، تخيّل كم كان هذا ابتكاراً جريئاً، ولكن فعلوها لأنهم أدركوا فجأة ان المُشاهد عندما يرى لقطة قريبة بعد لقطة شاملة، سيقول: “حسناً، الآن نحن نفهم بمَ يفكر البطل”. كيف عرفوا انه اذا تم تقطيع المشهد بأحجام كادرات عدة سيفهم المُشاهد ان الفتاة التي في داخل الكادر تواجه خطراً ما؟ لغة السينما ولدت جراء التجارب. اليوم لا يمكنك أن تجرّب، أو لا تجرؤ على ذلك. الذين يمسكون بزمام الصناعة السينمائية يريدون أفلاماً تدر عليهم الأرباح. طبعاً، لا يمانعون أن ينطوي الفيلم على رسالة معينة، ولكن معظم تلك الأفلام هي أفلام حركة وعنف. هذا متأصل في الطبيعة البشرية، حتى شكسبير فهم ان العنف يثير اهتمام الناس.
نحن الآن في منعطف، يمكننا تغيير العالم ولكن يجب أن نكون أحراراً للاختبار والتجربة. على بروميثيوس أن يكون حراً طليقاً. طوال مسيرتي، كنت دائماً أطمح إلى أن أنجز أفلاماً شخصية لا أفلاماً تجارية. أنطلق من قول لأوسكار وايلد: كنْ مَن أنت، لأن كلّ الآخرين تم أخذهم. كلّ شخص منكم هو حالة خاصة، لذا نصيحتي: انجز الفيلم الذي أنت وحدك قادر على انجازه. السينما لا يصنعها أولئك التجار في أسواق الفيلم وأولئك الصحافيون الذين يسعون الى تدمير شغلك. لنكن واقعيين: حكّام العالم لا يسعون الى التغيير، هم يريدون إبقاء الأشياء على حالها.