أدانت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الجديدة، يوم الاثنين الماضي، متهمتين متورطتين، ضمن شبكة متخصصة في تهجير الفتيات واستغلالهن في الدعارة ببوركينافاسو، بالحكم على المتهمة الأولى المتابعة في حالة اعتقال، بخمس سنوات حبسا نافذا، وبنفس العقوبة على المتهمة الثانية الموجودة في حالة فرار، وذلك بعد متابعتهما، من قبل قاضي التحقيق، من أجل جناية المشاركة في الاتجار بالبشر .
وكانت نفس المحكمة قد أدانت سابقا المتهمة الرئيسية الثالثة، بخمس سنوات حبسا نافذا.
وبالرجوع إلى تفاصيل هذه القضية، فقد تفجرت بناء على شكاية كانت قد تقدمت بها شابة في عقدها الثاني تتحدر من إقليم الجديدة، إلى مصالح السفارة المغربية ب ” بوركينافاسو” ،حيث صرحت أنها تعرضت للتهجير وتم استغلالها في ممارسة الدعارة ، مما دفع السفارة إلى ترحيلها إلى بلدها المغرب ، مع مطالبة المصالح الأمنية المغربية بفتح تحقيق في شكاية هذه الشابة. وعلى إثر ذلك راسلت المديرية العامة للأمن الوطني ،الضابطة القضائية للشرطة بمدينة البئر الجديد ، قصد فتح بحث حول شبكة للدعارة تنشط في ” واغادوغو ببوركينافاسو “، تديرها مغربية ولبناني، تم التبليغ عنهما من قبل الفتيات اللواتي، هاجرن إلى هناك قصد العمل كنادلات، قبل أن يتم إجبارهن على ممارسة الدعارة تحت التهديد.
وبعد ذلك بدأت الشرطة القضائية ببئر الجديد، البحث في هذه القضية، حيث استمعت إلى الشابة الضحية الفارة من ” واغادوغو ببوركينافاسو ” و العائدة إلى المغرب،، بعدما تمكنت من الهروب من قبضة شبكة تنشط في مجال الدعارة المقرونة بالنصب والاحتيال في “واغادوغو ” . وقد سرد ت الشابة الضحية وقائع تهجيرها من المغرب قصد العمل كنادلة، لكنها صدمت و أجبرت على ممارسة الرذيلة تحت التهديد ، فقام المسؤولون المغاربة بالسفارة على ترحيل الشابة الضحية ، مع إشعار المصالح الأمنية المغربية بفتح تحقيق، من أجل تفكيك هاته الشبكة المتخصصة في تهجير الفتيات واستغلالهن في الدعارة.
واستهل البحث مع الشابة الضحية العائدة من جحيم ممارسة البغاء، حيث تم الاستماع إليها في محضر قضائي رسمي، سردت فيه ظروف وأسباب هجرتها إلى بوركينافاسو، مصرحة أنها في الوقت الذي كانت تعاني فيه من حدة البطالة، وانشغالها الدائم بالبحث عن أي فرصة للعمل، سواء داخل المغرب أو خارجه، قادتها ظروف البحث المستمر عن العمل ، إلى التعرف في البداية على شابة مقيمة ب ” واغادوغو ببوركينافاسو “، فعرضت عليها فكرة العمل كنادلة مقابل مبلغ مالي حدد في ستة آلاف( 6000.00) درهم شهريا، فوافقت الشابة على العرض، بدون تردد و لو للحظة واحدة وبدون استشارة أحد، نظرا لحاجتها الماسة إلى العمل، ولمدة أسبوعين ، تضيف الشابة الضحية المغربية، استمر التواصل بينها وبين الشابة المقيمة ب ” واغادوغو ببوركينافاسو ” واتفقا على كل الإجراءات الإدارية والقانونية، وبعد أن هيأت كل اللوازم و الوثائق، تتوصل الشابة المغربية الطامحة إلى عمل و غد أفضل خارج بلدها المغرب، بتذكرة الطائرة عبر تطبيق ” واتساب ” ، كما توصلت، على نفس التطبيق التواصلي السريع، بالتأشيرة، فجمعت حقيبتها وشمرت على ساعديها ،للسفر خارج بلدها، و كلها فرح وسرور ودعم نفسي من عائلتها، وحين سافرت استقبلها في المطار، كما كان متفق عليه مسبقا، شخص عرفت من لهجته أنه ذو جنسية لبنانية، فتسلم منها جواز سفرها وبطاقة تعريفها ، و بسرعة وقعت الشابة الضحية ،على عقد العمل.
ورافقت اللبناني إلى وجهة لم تكن تعرف عنها أي شيء، إلى أن وصلت إلى مقر الملهى الليلي الذي يديره اللبناني ب ” واغادوغو” و صدمت لما وجدت عشر فتيات مغربيات يحتسين الخمر، وشاهدت بأم عينيها أشياء لم تكن تخطر ببالها، وهي الحالمة بغد أفضل، وبعد ذلك وجدت نفسها أمام أمر الواقع المر، قبل أن يتم إجبارها على ممارسة الجنس مع زبناء من جنسيات مختلفة، وزادت صدمتها عندما استحوذ اللبناني وزوجته على كل مدخولها المادي والهدايا التي كانت تتوصل بها من الزبائن، وأضافت الشابة ضحية التهجير قصد ممارسة الدعارة، أنه بعد مرور حوالي شهر، ضاقت بها الحياة و أصبحت تعيش حالة نفسية متدهورة، وهي تقاوم أسئلة عائلتها من المغرب، كانت تريد معرفة ظروف عملها وعيشها في بلاد المهجر، وتضاعفت معاناة الشابة الضحية، و لم تعد ترغب في ممارسة البغاء، لكن زوجة اللبناني رفضت ذلك بعدما طالبتها بأداء مصاريف تذكرة الطائرة ومصاريف الأكل والمبيت، بعدما قامت بالاعتداء عليها، فلم تجد أمامها، تضيف الشابة الضحية، حلا غير التفكير في الهروب من ذلك الجحيم و تلك المعاناة اليومية، فقررت الفرار مهما كلفها ذلك من ثمن، فتمكنت رفقة شابة ثانية كانت برفقتها تنحدر من دولة أخرى، من الفرار والتوجه نحو السفارة المغربية هناك، و حكت معاناتها للمسؤولين المغاربة هناك، والذين عملوا على إعادتها إلى بلدهما المغرب. و أثناء تعميق البحث مع هذه الشابة الضحية، كشفت لدى المحققين الأمنيين ، عن وجود المتهمة الرئيسية المعتقلة من طرف مصالح الأمن الوطني، والتي كانت على علاقة وطيدة بزوجة اللبناني ،وأنها هي من تقوم بتهجير الفتيات المغربيات إلى “بوركينافاسو ” رفقة شريكتيها المتحدرتين من مدينة الجديدة، اللتين كانتا تستقدمان الفتيات القاصرات، قصد استغلالهن في الدعارة.
وتمكنت الشرطة القضائية من توقيف إحدى المتهمتين واعتقالها، ثم وضعها تحت تدابير الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة المختصة، كما تم الاستماع إليها في محضر قضائي رسمي ، حاولت فيه المتهمة ، في البداية إنكار التهمة الموجهة إليها، غير أنها انهارت واعترفت بالمنسوب إليها ، حين مواجهتها مع الشابة الضحية، وتمت إحالتها على النيابة العامة التي أحالتها بدورها على قاضي التحقيق ، الذي استمع إليها وقرر متابعتها في حالة اعتقال، وأصدر مذكرة بحث وطنية بخصوص شريكتها المتهمة الثانية، ويوم محاكمتهما، الأولى في حالة اعتقال والثانية في حالة فرار، اقتنعت هيئة المحكمة بالمنسوب إليهما، فأدانت كل واحدة بخمس سنوات حبسا نافذا.
< محمد الغوات