شهدت تطوان فيضانات إثر تساقطات مطرية، وبذلك أعيد رسم صورة فضيحة جديدة عرت عن واقع البنيات التحتية بالمنطقة، وأضافت للساكنة معاناة جديدة في هذه الظروف المجتمعية والصحية الصعبة.
لسنا في مقام البحث عن كبش فداء أو رفع سقوف المزايدة، ولكن الصراحة تقتضي القول:»كفى…».
إن مخاطر التدفقات المطرية على مدينة تطوان والمناطق المجاورة لها يدركها الكل، وقيل بشأنها الكثير منذ سنوات، وأنجزت دراسات وخطط وبرامج، وتحديد المسؤوليات اليوم يجب أن يستحضر كل ذلك، وأن يترتب الجزاء والمحاسبة انطلاقا من كل الكلام الذي قيل من قبل.
جغرافية هذه المنطقة وموقعها وما يتربص بها من تهديدات، كل هذا كان يفرض تقوية منهجية استباقية وتخطيط توقعي محكم لحماية صحة وسلامة الناس، وحفاظا على ممتلكات المدينة، أما أن نترك الأمور للصدفة ولرحمة السماء، ونترك الناس عراة من كل حماية، فهذه مشاركة حقيقية في تعريض الناس والمدينة للخطر، وقمة التحلل من كل مسؤولية.
هذه المرة تعرضت المدينة، من جديد، لتساقط أمطار غزيرة، وتسبب ذلك في غرق أحياء بكاملها، وانقطعت حركة السير، وأصيب السكان بالخوف، علاوة على خسائر مهمة في الممتلكات.
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات المناطق المحاصرة داخل المدينة، والسيارات التي جرفتها مياه الأمطار، واستغاثات الناس من داخل منازلهم المحاصرة أو التي غمرتها المياه…
وكل هذا سبق أن عاشته المدينة من قبل، ويعرف الجميع احتمال حدوثه بسبب واقع البنيات التحتية، أي أن الفضيحة كما أنها مشهد مأساوي يتكرر.
مخاطر الفيضانات والبنيات التحتية المهترئة في تطوان وبجوارها الإقليمي، نفس المخاطر بالنسبة لطنجة أيضا، وما عاشته مؤخرا في مأساة المصنع غير القانوني، المعاناة الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للفنيدق والمضيق عقب إغلاق معبر باب سبتة، كل هذا وغيره يعتبر من تجليات الهشاشة العامة لمناطق الشمال، والتي تتطلب رؤية عميقة وإرادة قوية وتخطيطا استراتيجيا واستباقيا والتقائيا.
من المؤكد هناك جهد تنموي وتمويلي كبير بذل على مستوى المنطقة، بفضل إشراف جلالة الملك المباشر على كل الدينامية التأهيلية والتنموية بهذه الجهة، ولكن الفعل التنموي يجب أن ينفذ إلى عمق ما يعانيه الناس وما يتطلعون إليه، وأن تستطيع البرامج والمشاريع إحداث الأثر الملموس على حياة الناس في الواقع.
البداية يجب أن تكون من البنيات التحتية ومواجهة مخاطر الفيضانات، وتأهيل كل الشبكات المحلية من أجل تأمين حياة الناس وحفظ سلامتهم أولا، ثم تطوير المنظومات التنموية المحلية والجهوية بشكل التقائي متكامل، وبما يساهم في تحسين ظروف عيش الفئات الفقيرة والمتوسطة.
من المؤلم فعلا، أن يتكرر الحديث عن تطوان، أو عن كامل منطقة الشمال، باقترانها بمأساة نتيجة سقوط أمطار، ولهذا يجدر القول:»كفى»، من كل هذا الاستهتار.
جهة الشمال تستحق تخطيطا وفعلا أكثر ذكاء وشجاعة ونجاعة.
<محتات الرقاص