كثيرة هي الرسائل التي على المغاربة والجزائريين أن يستخلصوها من خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش المجيد. رسائل كلها عبر ومواعظ في كيفية التعامل الإيجابي مع الملفات والمواضيع التي قد تعكر أجواء الود والإخاء بين الأشقاء. وفي كيفية التصدي لمن اعتادوا السباحة في البرك العكرة. وعاشوا يتغذون من سوء الثقة وقصور التواصل بسبب الحدود والآذان المغلقة.
خطاب كل ما فيه يدعو إلى السلم والسلام والوحدة بين الشقيقين التوأمين. وينبذ كل أشكال الكراهية والشر والحقد المصطنع من طرف خصوم المغرب والجزائر. والذي يغذيه ذلك الجسد الدخيل المرتزق. دروس في التسامح من أجل تحقيق التصالح الأسمى وترسيخ الثقة بين الأشقاء. خطاب من المفروض أن يكون مستقبلا موضوع ندوات ومناظرات ولقاءات مكتفة بالمغرب والجزائر تمهد للتخلص من كل جسم دخيل ومن كل عضو فاسد وخائن. وتبرز بجلاء عمق الترابط والأخوة. ويكشف نوايا من يزرعون الفتن ويسعون لضرب أمن واستقرار البلدين وتعطيل تنميتهما.
مرة أخرى يفتح المغرب ذراعيه من أجل السلم والسلام ومعانقة الأشقاء الجزائريين وطي صفحات الماضي والحاضر الملطخين بالصراعات الواهية. فقد عاد الملك محمد السادس ليجدد التأكيد على اليد المغربية الممدودة للأشقاء الجزائريين من أجل العمل سويا، دون شروط، وبناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار… معبرا عن عدم رضاه على الوضع الحالي. وضع ليس في مصلحة الشعبين، وغير مقبول من طرف العديد من الدول.
أعلن الملك المبادر للعالم أن أبواب المغرب مفتوحة في وجه الأشقاء الجزائريين، وأن سياسة الأبواب المغلقة التي تعرفها الحدود المغربية / الجزائرية تحرم الشعبين الشقيقين من حق ووضع طبيعيين، ومبدأ قانوني أصیل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله. مشيرا إلى أنه ما فتئ يدعو إلى فتح الحدود منذ سنة 2008. نداء الملك شكل نصف مضمون الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالته أول أمس السبت بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الثانية والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين. حيث أكد حرص المغرب على مواصلة جهوده الصادقة، من أجل توطيد الأمن والاستقرار، في محيطه الإفريقي والأورو- متوسطي، وخاصة في جواره المغاربي.
خاطب الملك مباشرة الرئيس الجزائري تبون من أجل تحديد موعد قريب لبداية التسوية والصفاء. مبرزا أنه لم يكن وراء إغلاق الحدود، لا هو ولا الرئيسين الجزائريين الحالي والسابق. وأن أسباب قرار الإغلاق المتخذ قديما أصبحت متجاوزة. ولم يعد اليوم أي مبرر لاستمرار إغلاق الحدود. بل إن الملك أكد رغبته في طي ملف الحدود المغلقة. مشيرا إلى أنه لا يريد معاتبة أحد، أو إعطاء الدروس لأحد. وأن دعوته تفرضها الأخوة من أجل التخلص من الجسم الدخيل الذي يفرق بين الأشقاء.
ودعا الأشقاء الجزائريين إلى التأكد من صحة ما روج له خصوم الوطن، من إشاعات عن وضع المغرب الاجتماعي. حيث يسوق البعض أن المغاربة يعانون الفقر ويعيشون على التهريب والمخدرات. خصوصا أن هناك جالية جزائرية بالمغرب وهنا آخرون يزورون المغرب. ويمكنهم أن يكونوا خير سفراء ومراقبين للوضع المعيشي بالمغرب. كما أبرز إيجابيات فتح الحدود من أجل التواصل المباشر وعدم الاعتماد على ما تروجه بعض وسائل الإعلام من أطروحات مغلوطة حول الوضع بالمغرب. كما أكد أن المغرب لن يضر أبدا الأشقاء الجزائريين. ولن يتسبب لهم في أية مشاكل. وأنه يعتبر أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره. موضحا أن البلدين جسد واحد. وأنهما يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات، والاتجار في البشر. والعصابات التي تقوم بذلك هي العدو الحقيقي المشترك. وجب العمل سويا على محاربتها وتجفيف منابعها. كما تأسف للتوترات الإعلامية والدبلوماسية، التي تعرفها العلاقات بين المغرب والجزائر، والتي تسيء لصورة البلدين، وتترك انطباعا سلبيا، لا سيما في المحافل الدولية. وطالب بتغليب منطق الحكمة، والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف، الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين الشعبين.
لدينا ترسانة عسكرية بعتادها ومواردها البشرية قادرة على حماية المغرب من كل المتربصين به. لكن الملك أكد أن تلك الترسانة مهمتها الدفاع عن وحدة الوطن وسيادته، وصيانة أمنه واستقراره مهمتها حماية الوطن. ولا يمكن أن تكون أداء لإلحاق الضرر بالأشقاء. لأن المغرب على العهد والوفاء باق. ولكن يكون إلا داعما لنهضة ورقي الجزائر والجزائريين في أفق التأثيث للمغرب الكبير.
بقلم: بوشعيب حمراوي