المخرج السينمائي المغربي سعيد خلاف

أحب رؤية الأفلام في قاعة السينما لأنها تعطي للفيلم لمسة خاصة

يعد سعيد خلاف من بين المخرجين السينمائيين الجدد الذين ما فتئوا يثبتون حضورهم وتميزهم، تجربة بعد أخرى، صاحب عملين سينمائيين: الأول فيلم “مسافة ميل بحذائي” والثاني فيلم “التائهون”.

بالإضافة إلى أعمال تلفزيونية أخرى، والآن بصدد تصوير مسلسل على القناة الأولى. أخرج مؤخرا فيلما سينمائيا “التائهون”، وكانت مناسبة للحديث حول هذا الشريط وحول تجربته السينمائية ككل.

من أين نشأت لديك فكرة فيلمك الأول “مسافة ميل بحذائي”؟

– فكرة فيلم “مسافة ميل” نشأت بالضبط يوم 16ماي 2003، كنت في ذلك الوقت مهتما بالمسرح، وأقوم بأعمال مسرحية، ككاتب، وكممثل، وكنت آنذاك  في بداية الالتحاق بالمدرسة السينمائية بكندا، وقد زرت المغرب في ذلك الأسبوع، تصادف هذا مع أحداث 16ماي، أي الانفجار الذي راح ضحيته مجموعة من الأبرياء، والذي أثارني أن من نفذ هذه الهجومات، هم شباب، وأطفال، وغالبا ما ينتمون إلى الطبقة الفقيرة، ثم في واقعة عشتها بعد الظهر، كنت في حديقة الجامعة العربية، فاقترب مني أحدهم، وأخبرني أنه جائع ولم يأكل منذ مدة، وقد استعملت هذا الحوار في مشهد فيلمي “مسافة ميل بحدائي”، فقمت بربط هذين الحدثين مع بعض، وهي أن هؤلاء الأطفال المتشردون في الشوارع، بدون مأوى كيف سيكون مستقبلهم؟ إما السرقة، أو تجارة المخدرات، أو التطرف الديني، هذا قد يكون بسبب غضبهم على المجتمع، وربما يرون الحياة قاسية، وغير عادلة، تقريبا كانت هذه هي الفكرة، وكتبتها في أيام الدراسة عندما كنت طالبا، واستمرت حتى سنة2013، عندما حصلت على الدعم قمت بتصوريها.

أغلبية الأفلام العالمية التي تحصد جوائز الأوسكار، يكون فيها المخرج هو نفسه السيناريست، كالفيلم الأخير “أرض الرحل” للمخرجة كلوي تشاو، المخرج نفسه الكاتب، وأظن أن فيلم “مسافة ميل” حقق نجاحا لابأس به عالميا، ما سبب نجاحات هذه الأفلام؟

– فكرة المخرج هو نفسه السيناريست، بالنسبة لي المخرج الذي لا يكتب السيناريو هو مخرج ضعيف، لماذا؟ كيف لمخرج لا يجيد كتابة السيناريو أن يحكم على جودة سيناريو آخر، السيناريو ليس الفكرة وليس القصة، بل هو كيفية سرد القصة، يعني إن لم يكن المخرج متمكنا من كيفية الحكي بالصورة والصوت، سيكون ضعيفا، حتى لو كان السيناريو لكاتب آخر، فأول خطوة يقوم بها المخرج، هي إعادة كتابته بطريقته الخاصة، وهذا جوهر معنى أن تكوم مخرج وسيناريست.

حدثنا عن فيلمك الأخير “التائهون” الذي يعرض الآن في قاعة السينما؟

– فيلم “التائهون” هو فيلم للسيناريست محمد نجدي والمنتجة أسية عالي جات، وهو ذو تجربة نوعا ما خاصة من حيث الموضوع، لأنه يعتبر من المحرمات أو المسكوت عنه، فرأيت أنه جدير بالطرح لأنه فيلم يتحدث عن عاملات الجنس، هم شريحة في المجتمع منبوذة ومحتقرة،و لكن في الأخر هؤلاء النساء هم إنسان، لا توجد عاهرة تتمنى أن تكون عاهرة، فحاولت أن أراه من زاويتي الخاصة، فهو لا يحتوي على مشاهد ساقطة حتى لا يصفه البعض بالنابي، ولكن أرى أنه واقع يجب طرحه.

ماذا يعني لك أن تكون مخرجا سينمائيا؟

– عادة لا أومن بتعريف الأشياء، لأن تعريف الشيء يحصره داخل المفهوم، فكل مخرج لديه تعريفه الخاص، بالنسبة لي المخرج هو الذي يمتلك لغة سينمائية، وله ريشة تسمى الكاميرا يرسم بها موضوعا معين على الشاشة.

ما هي الصعوبات التي تواجه المخرج في المغرب؟

– الصعوبات التي تواجه المخرج في المغرب، هي أن خيال المخرج ورؤيته، تكون محصور بواقع الإنتاج، وعامل الميزانية، التي لا تسمح بمشاهد باهظة الثمن، مزال المخرج المغربي محصور في أفلام تعتمد على الحوار، نأخذ على سبيل المثال: السينما الإيرانية، تعتمد على مواضيع إنسانية حساسة، ولا تحتاج إلى ميزانية ضخمة، بغض النظر على أن الجمهور يحب مشاهد قوية ومبهرة، كأفلام الحركة، وفيلم سلسلة “الرجل المستحيل” الأخير للممثل العالمي توم كروز، أكبر مثال على ذلك فهو يحقق إيرادات عالية جدا.

كيف ترى الساحة السينمائية في المغرب من وجهة نظرك؟

– كمغربي أفتخر بالساحة السينمائية المغربية، من حيث أنها إنتاجات سينمائية مدعومة من طرف الدولة، وهذه خاصية تمتاز بها السينما المغربية، على عكس السينما المصرية، فهي لديها إنتاجات خاصة، وسوق سينمائي بدعم خاص، أما نحن فما زالت الدولة تدعمنا، وهذا جانب يضع المسؤولية علينا كمخرجين بأننا بتلك الإمكانيات التي نحصل عليها، يجب أن نصنع أفلاما في المستوى للرفع براية البلاد.

خلال دراستك للسينما في كندا ماذا كان موضوع بحثك؟

– بحث تخرجي كان على الكاميرا، “هل هي أداة تصوير، أو ريشة للرسم والتعبير عن وضعية معينة”.

يوجد ما يسمى بسينما المسرح، وهو نوع من الأفلام يعرض في هوليوود، كيف وظفت علاقتك بالمسرح في أعمالك كمخرج أفلام؟ وهل تميل إلى جزء من هذه السيرورة الإخراجية؟

– كوني درست المسرح، وعلاقتي بالمسرح هي علاقة حب كبيرة جدا، مارست المسرح كممثل وكاتب ومخرج، وهي أكبر مدرسة تعلمت منها ما يسمى “بإدارة الممثل في السينما” وقد اعتمدت على المسرح في إدارة الممثل في تجربتي كمخرج، وأظن أن سينما المسرح هي كذلك، لأن المسرح يبقى أب الفنون.

 ماذا تعني السينما بالنسبة إليك، هل هي: فن أم ثقافة أم وسيلة لتحصيل المعرفة أم مجرد أداة ربحية أم وسيلة فعالة للفكر؟

– السينما هي الحياة، كمتفرج أحب رؤية الأفلام في قاعة السينما، لأن قاعة السينما تعطي للفيلم لمسة خاصة، ومشاهدة فيلم في القاعة ليس هو مشاهدته على شاشة الكمبيوتر.

السينما فن، وثقافة، ومجموعة معارف، وطريقة تفكير، ونستفيد منها. كل ذلك من خلال المواضيع التي تطرحها، أما بالنسبة لكونها وسيلة ربحية، فمن الطبيعي أن يكون لك مصدر رزق، ولك دخل تعيش منه، ولكن أنا ضد أن تكون السينما فقط من أجل المال.

حاوره: عبد الرحيم الشافعي

Top