في إطار برنامجه القرائي، نظم الملتقى الثقافي لجمعية سلا المستقبل بتنسيق مع فرع سلا لشبكة القراءة مؤخرا؛ قراءة في كتاب “البعد الخفي” للمفكر الأمريكي إدوارد .ت .هال؛ قدمها الأستاذ الباحث مصطفى العماري.
في البداية أوضح العارض أن الكتاب يغرف من مجالات
متنوعة (الأنتروبولوجيا، اللسانيات، علم النفس، علم الاجتماع، الإيتولوجيا….)..لهذا يصعب تصنيفه.
ولكن الكتاب هو بمثابة محاولة لفهم عميق للحاجات المجالية الحقيقية للإنسان، والعوالم الحسية لكل الجماعات الإثنية بأمريكا أثناء بناء المدن والتخطيط لها.
وحسب الأستاذ العماري، يشكل كتاب البعد الخفي، دراسة للمجال الاجتماعي والشخصي وكيفية تدبيره من طرف الإنسان.
وفي هذا الصدد وضع إدوارد هال، مفهوما جديدا هو
البروكسيميا (المجالية) أي المجال كمنتوج ثقافي.
ورغم أن الإنسان مثله كالحيوان، يحتاج لمساحة فيزيقية للعيش
السليم، لكن الإنسان تجاوز الحاجيات البيولوجية والغريزية
لخلق مسافات جديدة (المسافة الحميمية، والاجتماعية..).
من جانب آخر يخلص الكتاب من خلال المقارنة ، إلى أن الإنسان يحتاج إلى فهم عميق لوضعه الثقافي وتنوع خلفياته في التفاعل مع المجال، مما يتطلب من مخططي المدن أخذ المرجعيات الإثنية والثقافية بعين الإعتبار (مثلا في هندسة المنازل خاصة).
ويلجأ المفكر هال أيضا للمقارنة بين التفاعل المجالي عند الأمريكي والعربي ويصل لنتائج شيقة تعكس مدى تأثير الثقافة على الإدراك الحسي للمجال.
ويحذر الكاتب في الفصل الأخير من انفجار المدن التي تعجز عن إيجاد التوليفة بين الاثنيات المختلفة في هندستها وخطورة هيمنة نموذج أوحد للمعمار.
وجاءت عناوين الفصول في الكتاب موزعة على:
1) استعمال المجال عند الحيوان والإنسان.
2) الثقافة والاختلاف الثقافي.
3) المجال والثقافة.
4) المجال الحضري: بين الأزمة ورهانات المستقبل.
وكخلاصة لقراءته لكتاب البعد الخفي؛ قال العارض مصطفى العماري: ” يجب أن تتحول منازلنا، مدننا وأحياؤنا إلى فضاءات للتنشئة الإجتماعية لا مجرد مساكن بئيسة”.
أما تفاعل القاعة فشدد على أن
تدبير المدينة يغيب فيه الجانب الإستطيقي
الذي ليس هو منزل جوار آخر.
فهناك شروط جمالية للتدبير؛ تتطلب خلق ذوق عام يلغي الخاص…مما يطرح سؤال “من يتوفر على الأهلية الجمالية فيمن يدبر شؤون مدننا لتأهيل الذوق العام؟”.
< عبد الإله عسول