اللقاء التكريمي للصحافي والكاتب محمد البريني، الذي بادرت إليه مؤسسة منتدى أصيلة وأمينها العام الأستاذ محمد بنعيسى، وأقيم في إطار «خيمة الإبداع»، الخميس الماضي، ضمن برنامج جامعة المعتمد ابن عباد المفتوحة بموسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعين لهذا العام، نجح أن يكون لحظة مهنية وثقافية وإنسانية رفيعة ومفعمة بالدلالات والرسائل.
من المؤكد أن زميلنا وصديقنا الأستاذ سي البريني يستحق الاحتفاء عن جدارة، وقد توفق المنظمون فعلا في اختيار اسم يشرف مهنة الصحافة ببلادنا، ويجعلها تستحق ثقة المجتمع، وتطلعه لإعلام وطني ذي مصداقية ونزاهة.
ولكن لقاء أصيلة أكسبه البريني وذكاء المنظمين بعدا وطنيا أساسيًا انتصر للمهنة ومستقبلها، ويمكن الدلالة على ذلك من خلال ثلاث لحظات تخللت جلسات الندوة التكريمية وتوالي الشهادات في حق المحتفى به.
اللحظة الأولى جسدها الحضور الواسع والوازن للإعلاميين والمثقفين المغاربة، علاوة على كامل طيف التمثيلية المدنية والمؤسساتية للمهنة، وكان ذلك التعبير البليغ على أنه متى حضر الحوار الهادئ والرصين والعقلاني بين الزملاء يمكن أن ينجم عن ذلك الاتفاق ووضوح الرأي والطريق.
اللحظة الثانية، أبدعها رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف الزميل نور الدين مفتاح، لما دعا إلى تجاوز كل ما فرق الناشرين المهنيين في الفترة الأخيرة، والقفز على مختلف الاعتبارات البسيطة التي لا تستحق الاهتمام، والانكباب الجماعي، بدل ذلك، على العمل المشترك والوحدوي انتصارا لمهنتنا ولبلادنا، وهذا النداء التقط صدقه الزميل مختار الغزيوي مباشرة وعبر باسم جمعية الإعلام عن رد التحية بمثلها، وصفق الحاضرون لتبادل الأيدي المفتوحة بين الزملاء من أجل تجديد العناق والعمل المشترك، وتمنوا على الطرفين أجرأة هذه اللحظة تحية من الجميع للمكرم في أصيلة سي البريني وللقيم المهنية والإنسانية التي يجسدها.
أما اللحظة الثالثة، فقد صنعها راعي اللقاء ومضيفه الأستاذ محمد بنعيسى، حيث أعلن أن القاعة الكبرى للندوات بمركز الحسن الثاني للملتقيات ستحمل اسم «محمد البريني»، وهي القاعة التي كان جلالة الملك قد دشنها وهو ولي العهد، وبذلك تقرر أصيلة اليوم تدشين فضاء يلتقي تحت سقفه الصحفيون المغاربة ويحمل اسما يجسد قيم المهنية والصدق والنزاهة، ويحق للكل الاعتزاز به وبمساره وتجربته وحنكته.
في هذا السياق المهني والمجتمعي الذي لا يخلو من صعوبات ومثبطات، وحيث تحيط بقطاع الصحافة والإعلام الكثير من المشكلات والتحديات الوجودية، تنجح أصيلة فعلا في بعث رسالة أمل لنا كلنا، كما أنها حملت المسؤولية للمهنيين ومنظماتهم التمثيلية لكي يترفعوا عن كل الصغائر، ويتمسكوا بوحدة صفوفهم، وبالإقبال المشترك على العمل معا لمصلحة البلاد وقضاياها العليا، ومن أجل مجتمعنا وشعبنا.
رسالة أصيلة كانت بمثابة تنبيه للجميع، مهنيين وسلطات عمومية وفاعلين اقتصاديين ومنظمات تمثيلية، ذلك أن المغرب في حاجة إلى صحافته الوطنية الممتلكة للمهنية والمصداقية والقوة، ولوضوح النظر، وذلك لتنوير شعبنا وخدمة مجتمعنا، وحتى تستطيع بلادنا أن تربح كل معاركها وتحدياتها الوطنية والديبلوماسية والديموقراطية والتنموية والثقافية.
إلى العمل إذن…
يستحقك التكريم سي محمد البريني.
<محتات الرقاص