الزيارة التي يقوم بها إلى المنطقة، ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي الشخصي المكلف بالصحراء، كشفت عن بعض إشاراتها ورسائلها منذ انطلاقها.
أولى هذه الرسائل أن المغرب تعامل معها ضمن الممارسة الديبلوماسية العادية، وجرت المباحثات ضمن الموقف الواضح والجدي للمملكة، وفي إطار الالتزام بالحل السياسي للنزاع المفتعل، أي أن الرؤية كانت واضحة تماما، وتبعا لذلك أسلوب التدبير والتعاطي، بلا تهويل إعلامي أو أي إخراج مبالغ فيه.
ومقابل هذه الجدية التي تجلت في محطة الرباط، سجل المراقبون إقدام الطغمة المتحكمة في تيندوف على تجييش المحتجزين والإتيان بهم للاستقبال، وافتعال صور خادعة ومضللة للواقع، علاوة على تأثيث كل هذا بخطاب كاذب حول (الحرب المفتوحة)، وغير ذلك من الترهات المكرورة.
أما الرسالة الثانية، فقد برزت من خلال الحملات الدعائية وتكرار خطابات متكلسة، تصدر عن جبهة تيندوف ورعاتها في قصر المرادية، وتعيد الترويج إلى كون الزيارة لا تختلف عن سابقاتها، وتقلل من جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الجديد الذي يقوم بأول زيارة له إلى المنطقة.
تؤكد هذه الرسالة أن النظام العسكري الجزائري، وصنيعته في تيندوف، يوجدان في تناقض حقيقي وصارخ أمام زيارة دي ميستورا، ذلك أن الجزائر سعت منذ البداية، وخلال مدة طويلة، لعرقلة التعيين أصلا، ولما فشلت وعرف اسم المبعوث الأممي الجديد، صرحت، علنا وجهارا، أنها ترفض اعتبارها طرفا ولن تنخرط في المسار السياسي، ولن تشارك في الموائد المستديرة، ثم، فيما بعد، سعت لاختلاق وقائع جديدة والترويج لها، لكن لا أحد صدق أكاذيبها ومناوراتها…
وأمام توالي الصدمات والخيبات، أصرت الجزائر على التصعيد، وعلى مفاقمة العداء ضد المغرب، ورغم ذلك، استمرت المملكة تحصد المكتسبات السياسية والديبلوماسية والميدانية، وهو ما جعلها تستقبل المبعوث الأممي في إطار سلوك ديبلوماسي عادي، وتجدد التأكيد على ما بقيت دائما تعبر عنه من مواقف وثوابت ورؤى.
وبديهي أن النظام العسكري الجزائري يجد نفسه اليوم «متورطا» في استقبال دي ميستورا، وخصوصا أنه ما فتئ يردد أنه ليس طرفا، وأنه لن يشارك في أي مسلسل سياسي ولا هم يحزنون، أي أن الزيارة قبل أن تنتهي فضحت ارتباك النظام الجزائري، وكشفت تناقضاته و… خيبته.
المجتمع الدولي لا شك يلاحظ اليوم اختلاف الموقفين بين الرباط والجزائر، ولا شك أن الوعي الدولي بدأ يتنامى ويتأكد أن المملكة تعبر عن رؤية واضحة للموضوع، ولديها إرادة لتفعيل حل سياسي على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي، وفي إطار الدور الحصري للأمم المتحدة، وما فتئت تعمل من أجل الاستقرار والسلام بالمنطقة، ومن أجل التنمية والرفاه للشعوب المغاربية.
ومقابل هذا، هناك نظام عسكري يرعى جماعة مسلحة فوق أراضيه، ولا يمتلك أي رؤية للسلام، وإنما هو لا يخفي العداء والتهديد بالحرب، كما أنه يرفض كل مسار سياسي يسعى لبلورة حل.
ننتظر اختتام كل محطات زيارة المبعوث الأممي دي مستورا، لتتأكد هذه الخلاصة، ولنعرف ماذا سيقول جينرالات الجزائر، أو، على الأصح، كيف ستكون الهزيمة الجديدة أمام الزيارة الأممية.
محتات الرقاص