بعد أن فشلت كل المناورات الجزائرية، التصعيدية والعبثية، ضد الوحدة الترابية المغربية، وتوالت الصفعات التي تلقاها النظام العسكري على الصعيد الديبلوماسي والسياسي بهذا الخصوص، استمرت الخيبات في الفترة الأخيرة، ووجهت للنظام هناك ضربات مدوية، وأصابت صورته العامة، وكذلك ديبلوماسيته وإعلامه، ولفته السخرية من الشعب الجزائري نفسه، ومن مختلف المراقبين عبر العالم.
لقد سخر الكثيرون من الجنون الذي ميز تعامل السلطات الجزائرية مع مشاركة منتخبهم المحلي في منافسات كأس إفريقيا لكرة القدم بالكاميرون، وحجم الضغوط التي مورست على اللاعبين والمدرب من لدن الجينرالات ووسائل الإعلام، ونجم كل ذلك عن نتيجة صادمة، حيث تعرض بطل الكان السابق للإقصاء المهين من الدور الأول.
ونفس التعامل البئيس جرى مع منتخب الكرة أيضا في كأس العرب التي احتضنتها قطر، وحتى الفوز بالبطولة لم يخف بشاعة الاستغلال السلطوي، وبقي سؤال حارق يفرض نفسه بعد كل الذي حدث: وماذا بعد؟
الخروج من منافسات الكان بالكاميرون، تزامن أيضا مع إرجاء انعقاد القمة العربية التي كانت منتظرة في الجزائر، وكان النظام العسكري هناك جعلها من أبرز رهاناته الديبلوماسية للعام الجديد، وفرصة يستغلها كذلك لمزيد من استفزاز المغرب وتجديد المناورة ضد وحدته الترابية.
وبرغم أن إرجاء هذه القمة العربية لا زالت أسبابه لم تعرف كاملة، وأيضا مصير القمة لا زال مجهولا، فإن القرار يكرس عزلة عسكر الجزائر في المحيط العربي، ويعني فشل ديبلوماسيتهم لاختراق الحضور القوي للمملكة على هذا الصعيد.
نستحضر هنا الموقف الخليجي القوي والواضح لمساندة الحقوق الوطنية المشروعة للمغرب، ونستحضر أيضا مذكرة جامعة الدول العربية التي تنص على اعتماد خريطة موحدة في جميع تظاهراتها، وضمنها الخريطة الكاملة للمملكة المغربية، ثم نضيف لهاتين الرسالتين البليغتين، أن كأس العرب نفسه الذي فاز به المنتخب الجزائري انتصر لخريطة المغرب كاملة غير مبتورة.
هذه الخيبات على الصعيد العربي، يمكن أن نضيف إليها أيضا الانتصارات المتتالية التي تحققت للديبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة على الصعيد الإفريقي، وداخل الاتحاد الإفريقي، وهو ما يعني فشل المناورات الجزائرية وسقوطها الفاضح.
وفي الأيام الأخيرة، جرت الزيارة الأولى لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء، ستافان دي ميستورا، وبرغم أن الديبلوماسية الجزائرية صرحت من قبل بكونها ترفض المشاركة في الموائد المستديرة، وفي كامل المسلسل السياسي الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن، وبأن الجزائر، بحسبها، ليست طرفا في النزاع، فإن دي ميستورا زار الجزائر فعلا، وأدرك العالم أن النظام العسكري هو من يرفض أي حل سياسي لهذا النزاع المفتعل، وهو العرقلة الجوهرية أمام استقرار وأمن المنطقة.
أما الإيجابيات الأخرى التي يواصل المغرب تحقيقها في الفترة الأخيرة على صعيد علاقاته الثنائية مع كل من ألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومع قوى إقليمية ودولية أخرى، فكلها تبين أن المناورات والتاكتيكات الجزائرية القديمة، والموروثة عن زمن الحرب الباردة، قد فشلت، ولم تنجح في إضعاف المواقف المغربية أو التأثير على النجاحات الديبلوماسية والسياسية والميدانية التي يراكمها بواقعية وذكاء.
أمام كل هذه المؤشرات، نجح النظام العسكري الجزائري في إحكام العزلة الإقليمية والدولية حواليه، ونجح في فضح نفسه وأن يتقدم أمام المجتمع الدولي كمعرقل لكل تنمية أو تقدم لفائدة الشعوب المغاربية، وباعتباره فعلا نظاما ديكتاتوريا متكلسا وجامدا ومعتوها، وبلا نظر أو عقل.
محتات الرقاص