بيان24: محمد حجيوي
عبرت شرفات أفيلال عضوة الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والبيئة المكلفة بالماء، عن استيائها لقرار محكمة العدل الأوروبية، القاضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوربي.
وقالت شرفات أفيلال التي حلت ضيفة على برنامج “ضيف الأولى” الذي يقدمه الزميل محمد التيجني على القناة الأولى، أول أمس الثلاثاء، إن قرار هذه المحكمة مخالف للشرعية الدولية، ووصفته بـ”القرار الانحيازي” و”الغريب من نوعه” على اعتبار أن مؤسسة قضائية تبث في أمور تعتبر من اختصاصات الأمم المتحدة، ويتعلق الأمر بالنزاع المفتعل حول القضية الوطنية، مضيفة أن القرار ذاته، يحمل في طياته شحنة سياسية معادية للمغرب، وأن من يقف وراءه هم لوبيات تشتغل ضد مصالح المغرب، على مختلف الأصعدة.
وأكدت أفيلال على أن علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي، هي علاقة مبنية على التعقد وعلى الثقة المتبادلة وتحترم الشرعية الدولية، معربة عن ثقة المغرب في صلابة ومتانة الاتفاقيات الدولية التي تربطه مع دول الاتحاد الأوروبي، كما سجلت بارتياح كبير قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي القاضي باستئناف قرار محكمة العدل الأوروبية.
ووصفت شرفات أفيلال مشروع القانون المعروض على البرلمان، والمتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، بـ”المشروع المتقدم” الذي قالت إنه ارتكز في صياغته على مبادئ باريس التي تؤطر هذا النوع من المؤسسات الوطنية، لكن في الوقت ذاته، أبرزت أن البرلمان يمكن أن يضيف كل ما من شأنه أن يساهم في تجويد هذا النص.
ونفت أفيلال أن تكون الحكومة هي من أحالت مشروع هذا القانون على لجنة الشؤون الاجتماعية بمجلس النواب، مؤكدة أن الإحالة من اختصاص رئيس مجلس النواب الذي يعرض الأمر على مكتب المجلس الذي يقرر عرضه على اللجنة النيابية التي ستناقش المشروع، وأشارت إلى أنه ليس هناك أي تراتبية بين نواب الأمة، وليس هناك نائب من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية، في إشارة إلى عدم وجود فرق بين لجنتي العدل والتشريع ولجنة الشؤون الاجتماعية. وأفادت الوزيرة والقيادية السياسية أن مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، يوجد في مراحل جد متقدمة، وقد يشكل في حال اعتماده، ثورة في مجال حماية النساء من العنف الممارس ضدهن، مؤكدة على أن القانون لوحده غير كاف لمحاربة هذه الظاهرة، وأن الأمر يقتضي تضافر جهود كل الفاعلين في المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وكل أفراد المجتمع من أجل حماية المرأة من العنف.
وبخصوص قضية المساواة في الإرث والتي أثارتها إحدى توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أوضحت شرفات أفيلال، أن هذه التوصية غير ملزمة، وأن الغاية منها هي إثارة النقاش العمومي، علما أن هذا المجال يرتبط بالحقل الديني الذي يشرف على تدبيره أمير المؤمنين، داعية في الوقت ذاته، إلى إعمال الاجتهاد الخلاق بنوع من الهدوء والاتزان وعدم التحجر والانفتاح على الآراء الأخرى، من أجل إقرار وتفعيل ما جاء به الدستور في مجال المساواة والمناصفة، والوصول إلى توافق مجتمعي بخصوص هذه القضايا الخلافية، مثلما تم التوافق في العديد من المحطات كما هو الشأن بالنسبة لمدونة الأسرة، وموضوع الإجهاض، مشيرة إلى أن المجتمع المغربي له ما يكفي من النضج والذكاء الجماعي للوصول إلى توافق بهذا الخصوص، دون استغلال سياسوي من أي طرف كان.
في المقابل، اعتبرت أفيلال الرسالة الملكية الموجة إلى المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية، بالحدث التاريخي، حيث حملت مفاجأة سارة للعديد من الفئات، وخاصة النساء السلاليات تمثلت في الدعوة إلى تملك أراضي الجموع الواقعة في المناطق السقوية لذوي الحقوق، داعية إلى التعبئة الجماعية من أجل بلورة الإطار القانوني الذي سيبلور هذا القرار الشجاع على أرض الواقع.
من جانب آخر، وصفت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء الاتفاق الذي تمخض عن قمة الأطراف حول المناخ بباريس بـ”التاريخي” و”الشجاع” اتجاه الأجيال المقبلة واتجاه البشرية جمعاء، والمنظومة البيئية الكونية بصفة عامة، مشيرة إلى أن هذا الاتفاق يجبر الأطراف الموقعة على العمل على تخفيض الانبعاثات المسببة للانحباس الحراري، ومؤدية إلى التقلبات المناخية وآثارها السلبية.
وفي السياق ذاته، أفادت أفيلال أن المغرب قدم مساهمات جد متطورة، في قمة باريس، رغم أنه ليس بلدا ملوثا، لكنه يسعى إلى الانتقال من اقتصاد يسعى إلى الربح إلى اقتصاد مستدام.
من جانب أخر، اعتبرت الوزيرة أن قطاع الماء هو القطاع الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، خاصة الفيضانات، ما يستوجب، في نظرها، وضع آليات لتكييف قطاع الماء مع هذه التغيرات المناخية ووضعها في صلب السياسة المائية ببلادنا، على كل المستويات بدءا من البرمجة والتخطيط وصولا إلى مرحلة التدبير، أي في كل مراحل الدورة المائية.
وقالت أفيلال، في السياق ذاته، إن “السياسة الوطنية المائية هي من أنجع السياسات العمومية، وهي التي مكنت البلاد من تأمين حاجاتها المائية وتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب وتوسيع المساحة الزراعية المسقية والتي وصلت إلى 1.5 مليون هكتار، بالإضافة إلى انتاج الطاقة الكهرومائية، كل ذلك بفضل السياسة الحكيمة التي نهجها الراحل الحسن الثاني والمتمثلة في سياسة السدود، التي مكنت البلاد أيضا من اجتياز فترات جفاف عصيبة خاصة في ثمانينات القرن الماضي”، لكن الآن، تضيف الوزير شرفات، أصبح الاعتماد على السدود غير كاف، وبات من الضروري البحث عن موارد أخرى وتنويع مصادر التزويد، وهو ما تشتغل عليه الوزارة حاليا، كتحلية مياه البحر، التي قالت إن المغرب يتوفر على الإمكانيات التقنية والعلمية للقيام بذلك، بالإضافة إلى البرنامج المتعلق بمعالجة وإعادة استعمال المياه المستعملة.
وذكرت المسؤولة الحكومية أن قطاع السدود أصبح قطاعا محفزا وواعدا، وأن هناك، اليوم، العديد من المستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار في بناء السدود خصوصا بعد تحرير قطاع الطاقات المتجددة، حيث بات بإمكان المستثمرين الخواص إنتاج الطاقات المتجددة بما فيها الطاقة الكهرومائية، مشيرة في السياق ذاته، إلى وجود نموذج على هذا المستوى، في منطقة أزيلال، حيث هناك تجربة لبناء ثلاثة سدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، من قبل أحد المستثمرين الأجانب الذي ضخ الملايير من الدراهم، سواء لانجاز الدراسات، أو لبناء هذه السدود بالإضافة إلى مستثمر آخر يرغب في بناء سد كلفته مليار ونصف، كل ذلك يتم في إطار الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام.
وأفادت شرفات أفيلال أن 75 إلى 80 في المائة من المياه المغربية هي موجهة للسقي، مشيرة إلى أنه على الرغم من الأهمية القصوى التي تكتسيها الفلاحة ببلادنا والتي توفر الأمن الغذائي للمغاربة، إلا أن هذه النسبة تبقى مرتفعة، ويتعين العمل على ترشيد مياه السقي، في إطار المخطط الوطني، بشراكة مع وزارة الفلاحة، والرامي إلى الاقتصاد في مياه السقي، وذلك عبر تحويل أنظمة السقي التقليدية إلى أنظمة سقي عصرية مثلا السقي الموضعي، مؤكدة على وجود تحفيزات مالية لتشجيع الفلاحين للانخراط في هذا المخطط الوطني.
ومن أجل مواكبة التنمية الفلاحية والاقتصادية التي تعرفها الأحواض المائية التسعة ببلادنا، قالت شرفات أفيلال “إن هناك حاجة إلى إضافة وكالة جديدة تغطي الحوض المائي درعة واد نون” مشيرة إلى أن الوزارة وضعت طلب في هذا الشأن بهدف مواكبة التنمية التي تعرفها جهة درعة تافيلالت.
وعبرت الوزيرة عن ارتياحها لحصيلة القطاع الذي تشرف عليه، كما اعتبرت حصيلة الحكومة بصفة عامة، حصيلة إيجابية ومشرفة، والتي بات المواطن المغربي يلمسها على أرض الواقع، مشيرة إلى أن هذه الحكومة كانت لها الشجاعة والجرأة السياسية لمباشرة العديد من الملفات الحارقة، كإصلاح نظام المقاصة والإصلاح الضريبي والتقاعد وغيرها من الملفات التي لم تجرأ أي حكومة سابقة على مباشرتها.
وشددت الوزيرة أفيلال، في علاقة بموضوع الإضراب الذي نفذته المركزيات النقابية، على أن الحكومة لم تغلق باب الحوار وهي مستعدة للتعاطي الإيجابي مع مطالب المركزيات النقابية، بشكل موضوعي وفي حدود ما يتحه الاقتصاد الوطني والظرفية الاقتصادية ببلادنا، مشيرة إلى أن النقابات تعتبر شريكا أساسيا للحكومة، وهي نقابات وطنية ومواطنة.
ونفت في سياق متصل، أن يكون هناك أي تصدع داخل الحكومة التي قالت إن كل أعضائها يشتغلون في انسجام وفي جو من التناغم، وهم مصرون على مواصل العمل بنفس الروح ونفس التماسك إلى نهاية الولاية، لكنها لم تنف وجود بعض ما وصفتها ب”الاختلالات” بين بعض مكونات الأغلبية، في إشارة إلى عدم احترام ميثاق الأغلبية، خاصة خلال تدبير نتائج انتخابات الرابع من شتنبر على مستوى رؤساء الجماعات الترابية والجهات.
وبخصوص رؤية حزب التقدم والاشتراكية لإصلاح التعليم، أوضحت عضو الديوان السياسي أن حزبها يتوفر على رؤية شمولية متكاملة لإصلاح التعليم، وقد قدم بشأنها مذكرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من أجل إصلاح منظومة التعليم، بشكل متكامل، يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، ولا يركز فقط على الشق المتعلق باللغة، الذي أثير حوله نقاش هامشي طغى عليه البعد الأيديولوجي والهوياتي.
الحكومة مصرة على مواصلة العمل بنفس الروح ونفس التماسك إلى نهاية ولايتها
الوسوم