هذا هو حزب التقدم والاشتراكية

وجه المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إلى السيد رئيس الحكومة، يوم 21 ماي 2024، رسالة مفتوحة هي الثانية من نوعها، وتتعلق برؤية الحزبِ إلى الحصيلة الحكومية من وِجهة نظره التي يتقاسمها معه جزءٌ كبير من المواطنات والمواطنين وأوساط واسعة من الفعاليات السياسية والمدنية والنقابية والاجتماعية والاقتصادية.
إن هذه الرسالة، بالإضافة إلى أنها تندرج ضمن الممارسة السياسية الراقية، فإنها جاءت من حيث مضمونُها مسؤولة ومدروسة وقوية، ومبنية على تشخيص واقعي وتحليل عميق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المواطنات والمواطنين.
أولا: بكل مسؤولية ومنطق وديموقراطية صيغت هذه الرسالة التي تعبر عن معاناة الناس من غلاء الأسعار، ومن تدهور القدرة الشرائية، ومن تفشي البطالة، ومن الحرمان والإقصاء من التغطية الصحية، ومن الدعم الاجتماعي المباشر (وهنا يظهر ارتباك الحكومة في تحديد معايير عادلة ومنصفة، أو ما يسمى بالمؤشر، الناتج عن التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد).
ولقد اعتمدت الرسالة على إحصائيات مضبوطة، من خلال الحصلية والمعطيات التي قدمها رئيس الحكومة، وانطلاقاً من تقارير عدد من المؤسسات الوطنية، كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمندوبية السامية للتخطيط. كما جاءت الرسالة محملة بالأرقام التي تبين بالأدلة أن الحصيلة الحكومية المرحلية مخيبة للآمال والانتظارات.
ثانيا: حزب التقدم والاشتراكية حزب وطني ديموقراطي وتقدمي عريق، يشهد له تاريخه وحاضره بأدواره وإسهاماته، وهو حزب مؤسسات، وحزب الممارسة الديموقراطية التي تجعل من جميع قراراته مستقلة وجماعية. وهو حزب لديه أمينه العام الذي هو أيضاً الناطق الرسمي باسمه. كما لديه عضوات وأعضاء مكتب سياسي يناقشون ويتداولون في قضايا مختلفة وملفات مختلفة وينتجون أفكار ومواقف ومبادرات.
كما أن الحزب يتوفر على رفيقات ورفاق أطر من طرازٍ عالٍ، متخصصين في مجموعة من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وحزب التقدم والاشتراكية لديه مناضلون ومناضلات كرسوا حياتهم للدفاع عن الفئات الفقيرة والمستضعفة والهشة.
وحزب التقدم والاشتراكية لديه مبادئ وقيم، وله مرجعية وهوية، وله خط سياسي واضح، وله أفكارٌ ومقترحات.
وهو حزب يناضل من أجل الوطن أولا وأخيرا، ومن أجل المساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية وكرامة المواطنات والمواطنين.
وللتذكير، فقد قدم حزب التقدم والاشتراكية عشرات المذكرات عبر تاريخه النضالي الطويل والمشرق. وفي السنوات الثلاث الأخيرة أنتج على وجه الخصوص:
* مذكرة مساهمته في بلورة النموذج التنموي الجديد، والتي كانت من أعمق المذكرات، شكلا ومضمونا، وتم تداولها وتناولها من طرف أوساط رسمية وإعلامية وشعبية واسعة؛
* مذكرة اقتراحات الحزب لمواجهة وضعية ما بعد كوفيد 19، التي قدمها الحزب، واقترح فيها اقتراحات وبدائل عملية وواقعية للخروج من أزمة الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية؛
* وثيقة «البديل الديموقراطي التقدمي» التي اعتمدها بالإجماع خلال المؤتمر الوطني الأخير في أواخر شهر نونبر 2022.
إن حزب التقدم والاشتراكية، عندما قدم الرسالة المفتوحة رقم 2، بروح المسؤولية العالية، جعلها وثيقة من أجل نقاشٍ عمومي حول السياسات العمومية، وليس حول الأشخاص. لكن البعض خرج لمهاجمة الحزب وتاريخه العريق ونضاله الوطني المشرف وقادته النزهاء.
لقد كنا ننتظر، إثر الرسالة المفتوحة، أن يعقد رئيس الحكومة، الذي وُجهت إليه الرسالة وليس إلى أي طرفٍ آخر، ندوة صحفية حول موضوع الرسالة المفتوحة رقم 2، وربما إصدار بيان حقيقة يكذب فيها الأرقام التي حملتها الرسالة بخيباتها. وكنا ننتظر تجاوبا حكوميا لتدارك أخطاء الحكومة وتقویم سياستها العمومية.
لكن نتفاجأ بالهجوم من طرف البعض على تاريخ الحزب، حزب التقدم والاشتراكية، الذي خرج من رحم الشعب المغربي منذ أربعينيات القرن الماضى، وكافح من أجل استقلال الوطن واستكمال وحدته الترابية وتثبيت الدولة الديمقراطية الحديثة. واضطلع بمهامه السياسية بروح وطنية عالية لمدة فاقت 80 سنة. فحزبنا حزب وطني أصيل يقوم على خدمة الوطن والشعب باستقامة ونكرانٍ للذات، ولا يقوم على المال في الانتخابات.
نتفاجأ، إذن، بالهجوم على أشخاص ورموز الحزب، وعلى الناطق باسم الحزب الذي هو الأمين العام. وهذا أمر غير معقول ولا مقبول، ويدل على أن أصحاب هذه الخرجات لا يفقهون شيئاً في قواعد الممارسة السياسية السوية.
نتفاجأ بالهجوم على إنجازات الحزب لما كان رفاقنا في الحكومة، فيما يخص الماء والتعمير والصحة. وكلها اتهامات باطلة ومزايدات فارغة لا تُفلح ولا تُجدي، لأن المواطن له من الذكاء الكافي للحُكم على الأمور.
والحقيقة أن التاريخ شاهد على الحصيلة المشرفة لوزيرة ووزراء الحزب طوال المشاركة الحكومية: ويكفي التذكير بإنجاز وزارة التشغيل، المتمثل في إقرار التعويض على فقدان الشغل وقانون العمال والعاملات المنزليات؛
وفي وزارة السكن والتعمير وسياسة المدينة، من خلال تأهيل مدن بدون صفيح، وتأهيل المراكز القروية والمراكز الصاعدة، وإرساء أسس سياسة المدينة؛
وفي وزارة الصحة، عبر إطلاق بناء وتأهيل وتوفير عدد من البنيات التحتية الصحية، وتخفيض أثمنة عدد من الأدوية.
نتفاجأ اليوم بنعت الحزب ومناضليه بالفهم الثقيل، وهو، بشهادة العديدين، حزبُ المناضلين والمثقفين والمتنورين والتقدميين الذي أطَّرَ مئات الآلاف من المواطنين؛ وأنتج المئات من الأدبيات التي يستعملها كثيرٌ من الأكاديميين والباحثين؛
نعم، تفكرينا «ثقيل» أي أنه وازِن ورزين ومتزن ورصين، لهذا صغنا مذكرات مختلفة وصغنا الرسالة المفتوحة رقم 1 ورقم 2؛ وربما تأتي رسائل أخرى، حتى تقتنع الحكومة بضرورة تغيير المسار في اتجاه الإصلاح.
وأقول للذين خرجوا بتحامُلٍ على حزب التقدم والاشتراكية: إنكم تتطاولون على الديموقراطية، وعلى المؤسسات السياسية التي في مقدمتها الأحزابُ السياسية، وتريدون تكميم الأفواه، دون وجه حق، ودون وعيٍ بالتاريخ ولا بالدستور؛
وإلا لكان جوابكم أرقى ومحملا بالقرائن والحجج والأرقام، لتقارعوا الفكرة بالفكرة، بدلا من رمي السماء بالسهام.
إن حزب التقدم والاشتراكية يؤمن بالديموقراطية قولا وفعلا، وبأدوار ومكانة الفضاء السياسي، وبوظائف المعارضة البناءة والمسؤولة، الوطنية والديمقراطية، وبالنقد البنَّاء، استناداً على مرتكزات علمية ودقيقة وموثوقة، وعلى تقارير مؤسسات رسمية. إنه حزب لا يمارس المزايدة، ولا يجري وراء الكراسي، ولا يمارس الشعبوية الفارغة، ولا يتهجم على الأشخاص، ولا ينطلق من العبث، بل هاجسه الأول والأخير هو مصلحة الوطن والشعب…. هذا هو حزب التقدم والاشتراكية.

 بقلم: نادية تهامي 

عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية

Top