غلق المعابر بين إسرائيل والأردن يخنق الفلسطينيين في الضفة

أغلقت إسرائيل جميع المعابر الحدودية البرية مع الأردن، بعد الهجوم على معبر اللنبي (جسر الملك حسين) في وادي الأردن الذي أدى إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين، وهو ما يعني خنق الضفة الغربية وتوقف حركة البضائع والمساعدات الإنسانية.

وأثار الهجوم ردود فعل واسعة في الأوساط الإسرائيلية، إذ دعت منظمة “ريغافيم” الاستيطانية إلى وقف إدخال البضائع والمساعدات من الأردن إلى الأراضي الفلسطينية، كما طالب مسؤولون إسرائيليون آخرون بتشديد إجراءات التفتيش على المعبر، وتقليل الاعتماد على الجانب الأردني.

وتؤكد التقارير أن الحدود الأردنية الإسرائيلية كانت تشهد هدوءا نسبيا منذ نحو 30 عاما، مما يجعل هذا التصعيد خطيرا وقد ينعكس على العلاقات بين الجانبين.

وقالت سلطة المطارات المسؤولة عن المعابر الحدودية في بيان “بناء على تعليمات مسؤولي الأمن، تم تعليق جميع الأنشطة في المعابر الحدودية البرية من إيلات في الجنوب إلى بيت شان في الشمال”، حسب الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت، الأحد.

وكان ثلاثة إسرائيليين قد قتلوا في عملية إطلاق نار بالقرب من معبر جسر اللنبي (جسر الملك حسين) من الجانب الإسرائيلي، على الحدود بين الضفة الغربية والأردن.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن “3 أشخاص في الخمسينيات من العمر قتلوا” إثر إطلاق النار.

وأضافت نقلا عن مصدر أمني إسرائيلي، أن منفذ الهجوم هو “سائق شاحنة جاء من الجانب الأردني من المعبر، وبدأ في إطلاق النار”.

وحدثت الواقعة في منطقة للبضائع التجارية، خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، حيث تقوم شاحنات أردنية بتفريغ بضائع متجهة من المملكة إلى الضفة الغربية المحتلة. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن الشرطة الإسرائيلية، أن منفذ الهجوم قُتل.

وذكر شهود عيان في الضفة الغربية، أن القوات الإسرائيلية أعادت 4 حافلات تقل مسافرين فلسطينيين إلى الأردن، وأغلقت الجسر بشكل كامل في كلا الاتجاهين.

كما قامت بنصب حواجز عسكرية في محيط مدينة أريحا والطرق التي تؤدي إلى معبر اللنبي، مع القيام بعمليات تفتيش للمركبات.

ومن الجانب الأردني، أعلن الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأحد إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة السفر إثر إغلاقه من الجانب الآخر لإشعار آخر.

وأهاب الناطق، بمستخدمي الجسر التقيد ومتابعة وسائل الإعلام حول أي تغير في حركة السفر والتي سيعلن عنها أولا بأول.

ولن تقتصر تداعيات إغلاق المعبر على الجانب الأمني، بل ستشمل أيضا تأثيرات اقتصادية كبيرة، فمعبر اللنبي هو الشريان الوحيد الذي يربط الضفة الغربية بالأردن، وهو ما سيزيد من معاناة الفلسطينيين ويؤثر على حركة البضائع والمساعدات الإنسانية.

وللسفر إلى الخارج يتعين على الفلسطينيين الوصول إلى الأردن عبر جسر اللنبي أولا، ثم استخدام أحد المطارات الأردنية في رحلة يصفونها بالشاقة والمكلفة.

ويقع معبر اللنبي فوق نهر الأردن إلى الشمال من البحر الميت وفي منتصف المسافة تقريبا بين مدينة عمّان والقدس، ويربط الضفة الغربية بالأردن، ويستخدمه المسافرون الفلسطينيون للوصول إلى الأردن ثم للسفر إلى الخارج.

وفرضت إسرائيل قيودا خلال الأشهر الماضية، خصوصا في ظل الحرب على قطاع غزة، مما تسبب في ازدحامات كبيرة عند المعبر. وأعرب الجانب الأردني مرارا عن انزعاجه من تعقيدات المرور التي يواجهها الفلسطينيون.

ويقول موقع الحكومة الإسرائيلية إنه أحد خمسة معابر برية تربط بين إسرائيل وجاراتها من الشرق ومن الجنوب.

ويقع المعبر على مسافة نحو 5 كيلومترات، شرقي مدينة أريحا، على ارتفاع 273 مترا فوق مستوى سطح البحر، ويبعد مسافة سفر نحو 54 دقيقة من مدينة عمان. ويشكّل الجسر اليوم أقصر طريق بين مدن مركز إسرائيل وبين مدينة عمان.

ومع توقيع اتفاقيات السلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994، تم تنظيم عملية مرور الأشخاص والبضائع، وبات يستخدم لاجتياز الأشخاص الحدود، وهم في الأساس الفلسطينيون والسياح، ويستخدم أيضا لمرور البضائع بين الأردن والسلطة الفلسطينية.

ويعمل طوال السنوات الماضية بالتعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن.

وكانت وزارة الداخلية الأردنية أعلنت أن الجهات الرسمية باشرت التحقيق في حادثة إطلاق النار التي وقعت على الجانب الآخر من جسر الملك حسين.

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن “إرهابيا وصل عبر الأردن على متن شاحنة باتجاه معبر اللنبي وترجل من الشاحنة وفتح النار على القوات التي تحرس المعبر”.

وكان الأردن أكد في غشت عام 2022، أن المعبر الحدودي شهد “ارتفاعا غير مسبوق في عدد المسافرين” الفلسطينيين.

وفي تعليق على الهجوم ألمح وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت إلى دور إيراني. وقال في تصريحات الأحد، خلال زيارة لمحور نتساريم في قطاع غزة “إن الجيش الإسرائيلي سيزيد استعداداته وإجراءاته لمواجهة المحاولات الإيرانية في نشر الإرهاب سواء في الضفة أو شمال إسرائيل”.

وأوضح أنه مستعد لتحريك القوات الإسرائيلية من غزة إلى الشمال بسرعة (عند الحدود اللبنانية).

كذلك أردف أن القوات الإسرائيلية مستعدة لإحباط تلك المحاولات الإيرانية في كل الساحات القريبة والبعيدة. وأكد أن “زعيم حماس يحيى السنوار ليس محصناً، تماما مثل محمد الضيف ومروان عيسى، وسيرتكبون خطأ وسنصل إليهم”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد بدوره أنه أبلغ الجيش بضرورة تغيير الوضع في الشمال.

كما اعتبر أن بلاده تواجه محور الشر الإيراني، في تكرار لاتهامات سابقة وجهتها تل أبيب لطهران زاعمة أنها تدعم الهجمات الفلسطينية في الضفة.

وجاء هذا الهجوم فيما لم تهدأ بعد التوترات في الضفة الغربية والاقتحامات الإسرائيلية لمناطقها، وسط استنفار عسكري إسرائيلي في الضفة والقدس وتل أبيب، خوفا من هجمات وعمليات انتقامية.

وكانت إسرائيل بدأت يوم الأربعاء الماضي، واحدة من أكبر عملياتها العسكرية في الضفة منذ 2002، زاعمة أن “جماعات مسلحة مدعومة من إيران تخطط لمهاجمة أهداف مدنية”.

وشارك مئات الجنود مدعومين بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر في العملية التي تسببت في أضرار جسيمة للمنازل والبنية التحتية في جنين ومخيم اللاجئين المزدحم المجاور للمدينة.

بينما قُتل ما لا يقل عن 39 فلسطينيا، وأعلنت فصائل مسلحة منها حماس وحركة الجهاد الإسلامي أن معظمهم أعضاء بها، حسب رويترز.

وتشهد الضفة التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام، لكن الوضع تدهور منذ اندلعت الحرب بقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 إثر الهجوم الذي شنته حركة حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة. وقتل مذاك ما لا يقل عن 640 فلسطينياً برصاص المستوطنين والقوات الإسرائيلية، حسب بيانات رسمية فلسطينية.

كما تزايدت اعتداءات المستوطنين المتطرفين على المدنيين الفلسطينيين، ما دفع الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات على عدة مجموعات.

Top