دلالات زيارة

تندرج زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى الجزائر ضمن مؤشرات تحول بدأت تتضح في المنطقة، ما يرجح إمكانية انطلاق دينامية جديدة على الصعيد المغاربي في الفترة المقبلة.
زيارة العثماني إلى الجزائر، تعتبر الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس الديبلوماسية المغربية الجديد إلى الخارج، كما أنها تمثل استمرارا للعديد من الإشارات التي ما فتئ المغرب يوجهها سعيا نحو تطبيع العلاقات مع البلد الجار، ومن أجل إعادة الحياة إلى العمل المغاربي المشترك.
الزيارة تأتي أيضا بعد التحولات السياسية الكبرى التي شهدتها تونس وليبيا، وفي خضم الدينامية الديمقراطية المتميزة التي تعيشها المملكة، وهذا ما سيفرض على البلدين المغاربيين الجارين وضع حوارهما الثنائي، وعلاقاتهما المشتركة، ومستقبل المنطقة ضمن اشتراطات المشهد السياسي والجيو استراتيجي الجديد، ومن ثم الانكباب على دراسة التحديات المشتركة، وسبل مواجهتها وكسب رهاناتها.
لم يعد مقبولا في عالم اليوم، خصوصا بالنسبة للنظام الجزائري، مواصلة التفكير بعقلية الحرب الباردة، وبالتالي إغماض الأعين عما يجري في المحيط، وأيضا عما تنادي به الشعوب المغاربية من ديمقراطية وتنمية وحرية وتواصل…
من جهة ثانية، لا بد من استحضار المواقف التي عبر عنها القادة الجدد في كل من ليبيا وتونس بشأن العمل المغاربي المشترك، وأيضا التصريحات الصادرة عن مسؤولين أوروبيين وأمريكيين، للتأكيد على أن تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية كمدخل ضروري لإحياء وتطوير الاتحاد المغاربي، تفرضه اليوم رهانات أمنية واستراتيجية إقليمية ودولية، بالإضافة إلى كونه حاجة اقتصادية وتنموية موضوعية للشعبين والبلدين، دون إغفال الجوانب الإنسانية والاجتماعية التي تهم الأسر الجزائرية والمغربية…
ليس مهما هنا مواصلة استعراض الاعتبارات التي تحتم تطوير العلاقات الجزائرية المغربية، فهي معروفة لدى الجميع، ومتفق عليها في مختلف الأوساط السياسية والاقتصادية في البلدين وخارجهما، ولكن الأساسي اليوم أن انتفاضات الشعوب العربية، وثوراتها الديمقراطية، حملت أيضا رسائل ترتبط بالوحدة القائمة على خدمة مصالح الشعوب ومطالبها.
وعندما نشاهد اليوم كيف تتعدد أشكال التضامن بين الشعوب المغاربية، ونتابع تواصل الشباب المغاربي فيما بينه، والتفاعل المشترك مع الأحداث، نخلص إلى مسؤولية الأنظمة في الإنصات إلى هذا النبض الشعبي الواضح، وإلى هذا النداء المشترك الذي تبعثه شعوب المنطقة إلى حكامها، والقائم على ضرورة تعزيز العمل المشترك، وفتح الحدود، وتيسير التواصل والتنقل بين دول الاتحاد المغاربي، وتقوية مجالات التعاون والشراكة، بما يسهم في تمتين الاتحاد المغاربي، وجعله قوة إقليمية حقيقية اقتصاديا وتجاريا وسياسيا.
زيارة العثماني اليوم إلى الجزائر هي إشارة جديدة من المغرب للتأكيد على إرادته السياسية الواضحة لتقوية العلاقات مع البلد الجار.
ليس من حق أحد مواصلة تضييع الفرص.

[email protected]

Top