درس الهزيمة الكروية

خلفت هزيمة منتخبنا الوطني أمام نظيره التونسي في أولى مباريات الدور الأول لمنافسات كأس إفريقيا لكرة القدم المقامة بكل من الغابون وغينيا صدمة في أوساط الجماهير الرياضية، واستياء لدى عموم المغاربة، من دون أن يفقدوا مع ذلك الأمل في صحوة أسود الأطلس ابتداء من مباراة غد الجمعة.
من المؤكد أن منطق المنافسة الرياضية يفرض توقع الانتصار والهزيمة أو التعادل، لكن تصريحات مدرب النخبة الوطنية وتكهنات المراقبين، إضافة إلى غياب عدد من المنتخبات القوية عن التنافس هذه السنة، كل هذا جعل الجمهور يعيش شبه يقين بأن النقاط الثلاثة الخاصة بمباراة تونس في الجيب، وبأن الطريق سالكة لحمل الكأس القارية، ومن ثم جاءت الهزيمة فعلا صادمة وقاسية، وباتت تفاصيلها حديث الكل هذه الأيام وفي مختلف المجالس.
لن نعيد هنا التحاليل والتعليقات التي رددها الكل، عارفا أو جاهلا، حول التفاصيل التقنية للمباراة، وعن الأخطاء التي قادت إلى الهزيمة، إنما نريد أولا التأكيد على حاجة فريقنا الوطني إلى مواصلة التشجيع خلال مبارتي الدور الأول المتبقيتين، وبعد ذلك نرى ما سيحصل، ويكون حينها لكل حادث حديث.
ومن جهة ثانية، فإن زمننا المغربي الجديد بكل تطلعاته الإصلاحية والتخليقية والتأهيلية يجب أن ينشر ربيعه على الرياضة الوطنية أيضا، وخصوصا كرة القدم، فلم يعد مقبولا من بلد كالمغرب أن يستمر دائما في تكرار البدايات، وفي اقتراف الأخطاء والخطايا، ثم قلب الصفحة، وكأن شيئا لم يحدث.
لم يعد مقبولا أيضا أن يكون مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة غريبا في حقل التسيير الرياضي، حتى بات راتب مدرب المنتخب سرا محاطا بسبعة أقفال..
لم يعد مقبولا كذلك أن يكون لنا فريق وطني يحمل علم البلاد وقلوب الملايين من المغاربة، وفيه كثير من التفكك واللامسؤولية وغياب النضج…
إن كرة القدم الوطنية، والرياضة بصفة عامة، في حاجة إلى تغيير جذري، ينطلق من المكاشفة والصراحة، ومن التشخيص الحقيقي، ويقوم على منظومة تسييرية احترافية وشفافة يخضع مسؤولوها لمبدأ المحاسبة.
الرياضة تصنع اليوم، فضلا عن الفرح والحلم والمثال للشعوب، الصورة الإعلامية والديبلوماسية للدول، وهي تحولت إلى قطاع اقتصادي واستثماري وتنموي منتج وتحكمه قوانين التدبير الذكي والحكامة الجيدة والتخطيط والاستراتيجيات والأهداف.
واعتبارا لهذا، لابد من وقفة حقيقية حول رياضتنا الوطنية، وخصوصا كرة القدم، ومن غير المسموح لأي كان أن يضحي بالتاريخ الرياضي والكروي للبلد، وجعله يستجدي آخر المراتب قاريا.
بغض النظر اليوم عما ستؤول إليه المشاركة المغربية في الكان، فإن ربيع التأهيل والتخليق وجودة الحكامة يجب أن يحل على  منظومتنا الكروية والرياضية ضمن ما يحياه البلد من دينامية إصلاحية متميزة.

[email protected]

Top