الخروج من الانتظارية

مرة أخرى يعود حزب التقدم والاشتراكية للتحذير من وضعية الانتظارية والجمود التي تخيم على الأوضاع العامة ببلادنا منذ مدة، وهو بذلك يبعث للجميع رسالته بأن المغرب لم يعد قادرا على تحمل هذه «الانتظارية»، وذلك لما لها من انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني وعلى الأوضاع الاجتماعية لجماهير شعبنا، وأيضا لما ينجم عنها من تعطيل لمسار الإصلاح وتفويت لفرص التقدم.
في البلاغ الصادر عن الاجتماع الأسبوعي الأخير لمكتبه السياسي، كرر الحزب الدعوة إلى التعجيل بتجاوز وضعية الجمود الحالية، وهو، من خلال ذلك، إنما ينبه إلى أن الأساسي اليوم ليس هو لعبة التنجيم والتخمين التي صارت تستهوي المحللين والصحفيين، وحتى بعض السياسيين، كما لو أن الأهم اليوم للبلاد هو من سيدخل الحكومة ومن سيخرج منها، ومن سيكون الرابح ومن سيكون الخاسر، ونسي البعض أن كل هذا مجرد تفاصيل، وأن الأساس هو ما نريده جميعا لهذا البلد، وكيف يمكن إنقاذه اليوم من… الانتظارية.
كم هو غريب اليوم أن يحتفي بعض سياسيينا بربيع العرب، ويعيدون نقل تفاصيل التفاصيل عما يجري في الجغرافيات المشرقية، ويرددون على مسامعنا كلنا بأن الأزمان هناك تغيرت، ولكن بمجرد أن يولوا وجوههم وأقلامهم نحو المغرب، يغرقون في ماضوية مثيرة للشفقة، ويخرجون أدوات التحليل القديمة نفسها، ولغة المواقف ذاتها، وأمراض الذات عينها، تماما كما لو أننا بعد في سبعينيات القرن الماضي واقفين، جامدين، لم نتحرك أبدا.
إن البلاد تغيرت، والأحجام والقامات أيضا، ووقتنا أيضا صارت له أدوات تحليل، وتوصيفات لموازين القوى فيه، وتشكل واقع مختلف هو موجود اليوم على الأرض، ويتطلب تحليله كما هو، وليس كما يتوهمه البعض أو كما يريده أن يكون.
البلاد اليوم في حالة جمود، ومن المصلحة السعي الجماعي للتعجيل بالخروج منها، والانطلاق للانكباب على معضلات الاقتصاد والاستثمار والتنمية والنهوض بالأوضاع الاجتماعية لشعبنا، ومواصلة تقوية البناء الديمقراطي والمؤسساتي وتفعيل أحكام الدستور الجديد.
إنها مهمة المرحلة اليوم، وكل ما عداها مجرد تفصيل، أو لعبة محدودة المدى.
المغاربة لا يهمهم كثيرا من يصرخ أكثر تحت قبة البرلمان، ولا يهمهم أيضا من تحول بين ساعة وأخرى من هذا التحالف إلى ذاك وكأن الأمر لعبة جوارب أو ضحك على الناس، وهم أيضا لا يبالون لمن يرمي بكامل الخطايا والزلات على خصمه، ويعفي الذات من كل قصور أو عرقلة، ثم إنهم يحزنون لواقع حال عدد من سياسيينا وبرلمانيينا، حيث لفهم الجمود والتكلس وعقم الأفكار، ويحزنون لمؤسستنا التشريعية ولمشهدنا الحزبي، وكيف صارا ملاذا لعدد من التائهين والقاصرين.
لتلتف إذن كل الإرادات الوطنية الصادقة من أجل العمل على توفير الشروط الكفيلة بإعادة مسار الإصلاح إلى وجهته الصحيحة، وذلك ارتكازا على مؤسسات قوية قادرة على صنع التغيير المنشود في إطار الاستقرار.
[email protected]

Top