انتخابات في … الكويت

تجري في الكويت انتخابات تشريعية جديدة بعد غد السبت، وتعيش هذه الإمارة الخليجية الثرية أجواء استنفار على الصعيدين الأمني والميداني بالمناسبة، سواء لمحاربة عمليات شراء الأصوات واستعمال المال في الانتخابات، أو بغاية تأمين صناديق الاقتراع يوم التصويت.
الكويتيون يحبسون هذه الأيام أنفاسهم، خاصة بعد حل مجلسين متتاليين، ويتطلعون كي ينجح اقتراع السبت في بناء استقرار مؤسساتي وسياسي في البلاد في ظل محيط إقليمي كثير التحرك والسخونة.
إن الكويت، وعلى عكس بلدان خليجية أخرى، تتميز بتاريخ سياسي وانتخابي يحفل بالتراكمات منذ عشرات السنين، لكن ما عاشه البلد في السنوات الأخيرة، جعله يغرق في صراعات طائفية ودينية حولت الممارسة البرلمانية نفسها إلى عبث لا ينتهي، وفقدت الإمارة، جراء ذلك، الكثير من تميزها السياسي مقارنة ببلدان الجوار، وهذا ما يجعل أهلها اليوم يأملون أن يكون اقتراع بعد غد السبت بداية النهاية لمرحلة عمرت أكثر من اللازم.
انتخابات السبت يتنافس خلالها 321 مرشحا، ضمنهم ثماني سيدات، وذلك من أجل شغل 50 مقعدا في مجلس الأمة الكويتي، وتشمل الهيئة الناخبة أزيد من 400 ألف ناخب يحق لهم التصويت، تمثل النساء ما يفوق 53 في المائة منهم، وتفيد هذه الأرقام لوحدها أنه منذ إقرار قانون حقوق المرأة السياسية في الكويت عام 2005، ومنذ الانتخابات التكميلية للمجلس البلدي التي كانت جرت في أبريل 2006، فإن انتخابات السبت، التي تعتبر الثانية في ظرف ثمانية أشهر فقط، تعرف أدنى مستوى لترشح النساء (ثمانية فقط ضمن 321 مرشحا)، وهذا المعطى يعتبر نتيجة مباشرة للاحتقان السياسي الذي ساد البلاد في السنوات الأخيرة، ولتنامي خطابات التعصب والتطرف، التي تكون النساء عادة هدفها وأولى ضحاياها.
وتؤكد التجربة الكويتية، بغض النظر عن كل الملاحظات الممكنة في هذا المقام، إصرارا واضحا على الممارسة الانتخابية، وعلى تقوية الاستقرار من خلال هذا المدخل الديمقراطي، بكل ما يحمله من تجليات هشاشة وسوء فهم.
كما تبين المعطيات ذاتها، أنه بالرغم من كون النساء يزيد عددهن عن الرجال ضمن قائمة المصوتين، فإنهن لم يشاركن كمرشحات بما يوازي هذه الغلبة العددية، ما يعني أن أفكار وخطابات التطرف والتعصب بإمكانها تغيير معادلات الأرقام والنسب إذا لم تتم مواجهتها بالإجراءات العملية، وبالرد الثقافي والفكري والإعلامي المضاد، وأيضا بالإصرار على بناء الديمقراطية كما هو متعارف عليها كونيا.
الكويتيون اليوم مدعوون، مع ذلك، لتأمل تجربتهم السياسية والانتخابية، وقراءتها في ضوء تحديات المرحلة الحالية، واستخراج الدروس اللازمة من أجل تعزيز الاستقرار وتقوية المؤسسات والتقدم إلى الأمام على الصعيد السياسي والديمقراطي والتنموي.
[email protected]

Top