نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى- وشعبة الماستر في التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، يوم الجمعة 27 ماي 2016 يوما دراسيا تحت عنوان: «التواصل السياسي وأخلاقيات المجال العام» برحاب المعهد العالي للإعلام والاتصال.
انطلق اليوم بالكلمات الافتتاحية لكل من الدكتور محمد عبد الوهاب العلالي منسق ماستر التواصل السياسي الذي أكد على الحاجة ملحة لجعل طلبة الماستر ينخرطون في مجال التفكير وإنتاج المادة العلمية حول قضايا الإعلام، مؤكدا على أن هناك خصاص كبير جدا في الدراسات العلمية بالمجال وخصوصا موضوع التواصل السياسي؛ ثم الدكتور المختار بنعبدلاوي المدير المؤسس لمركز الدراسات والأبحاث الإنسانية –مدى- الذي أكد على وجود تقاطعات كبيرة بين ماستر التواصل السياسي والجامعات بشكل عام والمجتمع المدني والمتمثلة أساسا في تطلعهم جميعا إلى شباب مبادر وفاعل، بالإضافة إلى الاهتمام المتبادل بالتواصل (الداخلي والخارجي)، فالتفكير في مجال عمومي لن يتحقق الانتقال الديمقراطي بدونه، والمجال العمومي يتأسس على المشاركة النقدية والإنصات والحوار؛ ثم الدكتور عبد المجيد فاضل مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال الذي أكد في مداخلته على أهمية التأكيد على أخلاقيات المجال العام والإعلام في هذا اللقاء الدراسي، كما أشار إلى أن أهم أهداف الاتصال والتواصل هو الحوار على مختلف المستويات.
خلصت جل المداخلات التي تقدم بها أساتذة مشاركون في اللقاء الدراسي وطلبة باحثون إلى تعميق الحديث والبحث في مسألة «المجال العام» باعتباره ذلك الوسط بين الدولة والمجتمع والذي يتميز بالدينامية والتغير مع الزمن، كما أكدت المداخلات على أن فهم «المجال العام» لا يتم إلا عبر فهم السيرورة التاريخية لتشكله. فيما ركزت عديد المداخلات على تمظهرات «المجال العام» داخل المجتمع العربي والمغربي ورصد سيرورته التاريخية، حيث تم التأكيد على أن هذه المجتمعات عرفت ما يسمى ب «الدولة المركزية» ولم يبرز «التواصل السياسي» بشكله الحديث إلا مع ظهور المطبعة التي أوردها أحد القضاة المغاربة من المشرق (مصر تحديدا)، ثم ظهور الصحافة حيث كانت البداية مع صحيفة بالإسبانية ثم الإنجليزية وصولا إلا أول جريدة بعنوان «المغرب» والتي كانت تعكس قضايا سياسية.
المجتمع العربي ومن ضمنه المغرب –حسب بعض المداخلات- كان مجتمعا قبليا تغيب فيه التمايزات لذلك لم يكن شرط تشكل «المجال العام» متحققا معه، ف «المجال العام» يقتضي أساسا وجود مسافة واضحة بين الدولة والمجتمع المدني وهذا ما لا يمكن توضيح فواصله حتى في المرحلة الراهنة.
ركزت عديد المداخلات –كذلك- على بروز «مجال عمومي» حديث وتساءلت كيف سيتم التعامل مع «المجال الافتراضي» الذي يشكل في المغرب وحده نشاط 32 بالمائة من المجتمع المغربي أغلبهم تحديدا من الشباب. حيث تم التأكيد على أن «المجال العام اللافيزيائي» غير من قواعد اللعبة السياسية وقدمت مجموعة من النماذج التي دفعت إلى التأثير على سياسة الحكومة بالمغرب انطلاقا من «المجال العمومي الافتراضي».
في علاقة بالتواصل السياسي ركزت مداخلات أخرى على تمظهرات هذا التواصل لدى السياسيين المغاربة، وانطلق أحد الباحثين من نموذج ثلاثة سياسيين «عبدالإله بنكيران، إلياس العماري، نبيل بنعبدالله»، وقدم تصريحات لبنكيران يؤكد فيها على أنه كان يعتبر «التواصل السياسي» في بعده العلمي غير مهم، لكنه أصبح شخصية تواصلية بالاتكاء على العفوية. لكن «عبدالإله بنكيران» سيجد في «التواصل السياسي» وصفة جيدة لهزم خصومه السياسيين كما يعتمد في صراعه مع الخصوم على تظيف رموز سياسية لها وزنها من داخل أحزابهم.
أما بخصوص «إلياس العماري» فقدمه كشخصية غامضة كان يعيش في الظل إلى حدود 2011، وكان أول توظيف له ل «التواصل السياسي» كان في الانتخابات الجماعيى لسنة 2015 يقدم إجابات لكل الصحافيين وحول كل القضايا وركز صراعه على حزب العدالة والتنمية ويوظف أيضا الخطاب الديني.
فيما تم توصيف «نبيل بنعبدالله» باعتباره الشخصية السياسية الأكثر اعتمادا على «التواصل السياسي» يعتمد خطاب المواجهة والهجوم وكانت جل خطاباته منذ 2012 تبريرا لتحالفه مع الإسلاميين.
في شق آخر، ترى بعض المداخلات أن زمن الاتصال المتميز بالخطية قد انهار وأصبحنا أمام زمن التواصل، ويمكن إعطاء شعار لهذه المرحلة «دعه يتواصل دعه يتفاعل»، وأن المؤسسات الإعلامية التي تسمح للتفاعل الآن لا مكان لها بين وسائل الإعلام الحديثة.
أثارت الكثير من المداخلات مسألة «المفاهيم» والخلط الحاصل بين «المجال العام» و «المجال العمومي»، وهنا أكد الدكتور المختار بنعبدلاوي على أن المشكلة التي نعاني منها في المغرب هو غياب «مجمع للغة العربية» الذي لا يعد توفره ترفا بل ضرورة للحسم في مثل هذا الخلط وتأسيسا لتركيز «اللغة مرآة للفكر».
بيان24