الهجوم الذي وقع قرب البرلمان في لندن الأربعاء الماضي ليس إلا آخر هجوم في سلسلة طويلة من الحوادث في العالم الغربي. ولم يكن من المفاجئ أن يدعي داعش علاقة مشكوكا فيها بالهجوم.
ويبدو أن خالد مسعود، الـذي يبلغ الثانية والخمسين من العمر وولد في بريطانيا واعتنق الإسلام، استلهم أفكاره من الفكر الإسلامي المتطرف للقيام بهجمته العنيفة.
ليس هناك أدنى شك بأن الإسلام السياسي الجهادي يمثل تهديدا كبيرا لسلامة الناس في كل أرجاء العالم، ومن المحزن كون الكثير من ضحايا تلك الهجمات التي ينفذها الإسلاميون هم من المسلمين ذاتهم، وهذا لا يمكن أن يتماشى مع أي تأويل سليم للمبادئ الإسلامية.
وخالد مسعود، في عمره هذا، لا يتناسب مع الصورة النمطية لمقاتل جهادي. في الماضي القريب كانت شخصيات من قبيل محمد إموازي، المعروف باسم “جون الجهادي”، تمثل شبابا غير راض عن الحياة في الغرب. ويتطلع هؤلاء الرجال إلى حياة ذات مغزى ووجهة واضحة لذلك يريدون قضية مهمة يناضلون من أجلها ويشعرون أنهم وجدوا هذه القضية في الدعوة إلى الإسلام المتطرف.
في لندن لدينا الكثير من الأشخاص الذين تم تحويلهم إلى متطرفين ليس في المساجد فحسب بل وكذلك من خلال الرسائل التي تنتشر على شبكة الإنترنت وتمجد حياة الجهاديين. ولندن ذاتها هي مدينة معروفة بتعدديتها وتنوعها، ومعروفة أيضا بأنها حاضنة للنشاط المتطرف بتشجيع من الأشكال العنيفة للإسلام.
على سبيل المثال من المعروف بشكل واسع بأن لندن هي مقر لحركة الإخوان المسلمين لسنوات طويلة الآن، إن لم نقل عقودا. لقد أصبحت الآن ثمة ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى أمام الحكومة البريطانية كي تستمر في تعميق التزامها بموقف صلب ضد الجهادية أينما ترفع رأسها. الكثيرون من بين سكان لندن يتطلعون الآن إلى المزيد من الإجراءات الأمنية ضد الأنشطة الإجرامية والقاتلة في الكثير من الأحيـان لدى الجهاديين والمتطرفين الـدينيين الذيـن يستخـدمون الدين لتبرير الأعمال الوحشية وغير الإنسانية.
أصابت رئيسة الوزراء تريزا ماي عندما قالت في مجلس العموم “جاء إرهابي إلى المكان حيث يجتمع أناس من كل الجنسيات والثقافات للاحتفاء بما معنى أن تكون حرا، وصب غضبه دون تمييز على رجال ونساء وأطفال أبرياء”.
لقد توخت الحذر لكي لا تصف تلك الأعمال بأنها “إرهاب إسلامي”. لكن ما توصل إليه الكثير منا ممن له دراية وخبرة بالمنطقة هو أنه من الصعب جدا فصل مثل هذه الأعمال الإرهابية عن الأساس الفكري والسياسي المستعمل لتبريرها.
كان لافتا للنظر كون تنظيم داعش سارع بادعاء مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع الأربعاء، حيث قال بيان نشرته وكالة الدعاية التابعة للتنظيم دابق قام “جندي من جنود الدولة الإسلامية” بتنفيذ العملية في مجلسي البرلمان.
لا يمكننا الفصل بتلك السهولة بين مختلف الأنواع من الإسلام السياسي، ومن الصعب رسم تلك الأنواع من الاختلافات بين التنظيمات الإسلامية بمختلف أشكالها.
بعض المؤيدين للإسلام السياسي يسعون حقا للوصول إلى الحكم عن طريق الآليات الديمقراطية، لكن آخرين يشعرون بأن الديمقراطية غير مشروعة. وهناك أقلية صغيرة ترفض كل أشكال المشاركة السياسية وتسعى إلى الاستيلاء على الحكم فقط باستعمال السلاح.
وهذه الأقلية الصغيرة كانت مسؤولة في الغالب عن الأعمال الإرهابية الفظيعة التي حدثت في الغرب. هجوم الباتلكلان في باريس والهجومان اللذان وقعا في برلين ونيس والاعتداء الأخير على البرلمان البريطاني، هي نتائج فكر مريض يدعي بأنه يسعى إلى إقامة دولة خلافة إسلامية، ويستعمل المبادئ الإسلامية لتبرير أعماله المريضة.
نحن نعرف كلنا بأن مقاربتهم هي تشويه تام للدين الإسلامي، لكنهم يتبنون قضية الإسلام السياسي عن طريق العنف. وأهدافهم لا تختلف عن أهداف الإخوان المسلمـين، حتى وإن كانـت أساليبهـم مختلفة.
وبناء على ذلك قد يكون من الأسلم التشكيـك فـي الإســلام السيـاسي عمـوما بـدل رسم حدود صعبة واعتباطية بين مختلف الأشكال التي تتخذها هذه الأيدولوجيا.
> كواسي كوارتنغ*
*عضو في البرلمان البريطاني
الإسلام السياسي المتشدد خطر كبير على المملكة المتحدة
الوسوم