اعتبر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري جياني إنفانتينو، أن بطولة كأس العرب «فيفا 2021» التي أقيمت في قطر، كانت بطولة رائعة ومذهلة، مؤكدا أن الدولة الصغيرة والغنية بالغاز الطبيعي، أوفت بعهودها من حيث بناء ملاعب بمواصفات دولية.
وقال إنفانتينو الذي حل ضيفا على برنامج «بلا حدود» الذي تبثه قناة «الجزيرة» الإخبارية القطرية، إن كأس العالم 2022 التي ستقام في قطر ستكون متميزة واستثنائية، لأنها ستقام لأول وآخر مرة على منطقة جغرافية صغيرة ووسط الموسم الكروي وفي فصل الشتاء.
وتحدث رئيس (فيفا) عن تقارير صحفية تتهم قطر بسوء معاملة عمال تشييد ملاعب المونديال، مؤكدا أن الإمارة الخليجية أوفت بكافة عهودها في ما يخص تحسين ظروف عمل العمالة الأجنبية بشكل يشابه دولا متقدمة في أوروبا الوسطى والولايات المتحدة، داعيا المنتقدين إلى القدوم إلى قطر والوقوف بأنفسهم قبل طرح آرائهم على الرأي العام.
وشدد إنفانتينو على أن نسخة قطر ستكون الأفضل على الإطلاق في تاريخ البطولة، خاصة أنها تكون آخر دورة تقام بـ 32 منتخبا، معربا عن إعجابه بمستوى المنتخبات العربية في كأس العرب رغم انه كان قلقا نوعا ما بسبب غياب اللاعبين المحترفين بالدوريات الأوروبية.
وبخصوص مقترح إقامة المونديال كل عامين بدل 4 أعوام، أكد إنفانتينو أن 88 في المائة من الاتحادات المنضوية تحت لواء (فيفا) صوتوا لصالح المقترح، معددا جملة من الأسباب التي يراها منطقية، كمنح الفرصة لدول أخرى ولاعبين آخرين وقصر مدة السفر واتساع رقعة الممارسين للعبة.
> كيف تقيم بطولة كأس العرب التي أقيمت في الدوحة؟
< هذه البطولة رائعة ومذهلة، وأقول ذلك بحذر ودون الانسياق إلى حماستي من حيث تنظيمها. إنها اختبار لكأس العالم القادمة. لم أكن أتوقع ماذا سيحدث؟ كنت أنتظر بصيص أمل صغير، لكن البطولة تحولت إلى شعلة نار كبيرة. قطر استطاعت تحقيق نصر كروي، وشاهدنا كيف كان كل جمهور يراقب ويتلهف لمتابعة نتائج المباريات. أنا سعيد للغاية بهذه النقطة وبنتائج الاختبار أيضا. كل الملاعب تتوفر على أحدث مستجدات التكنولوجيا وتم التعامل مع كافة الأمور بشكل ممتاز.
> هل يعني هذا أن البطولة ساهمت في تعزيز رؤية (فيفا) لاستعداد قطر لاستضافة المونديال؟
< نحن نثق في قطر وكنا نثق فيها سابقا. زرت قطر عدة مرات في السنوات الخمسة الأخيرة منذ انتخابي رئيسا لـ (فيفا). قبل 5 سنوات نظرت إلى حجم العمل المنجز، والآن وقفت على مدى وفاء الشعب القطري بعهوده. ما وعدت به قطر تحقق وفاق التوقعات. شاهدت منذ سنوات كيف قامت قطر بتنظيم العديد من البطولات الكبيرة، وصراحة لم أر بلد أجرى تحضيراته بهذه الطريقة قبل سنوات من موعدها! الملاعب ليست فقط جاهزة، بل بأعلى المعايير الدولية. رأينا بطولة كأس عرب رائعة ومذهلة. في العام المقبل نتوقع بين مليون ونصف إلى مليوني مشجع سيأتون إلى قطر وسيستمتعون بتجربة فريدة. البطولة ستكون مميزة وكل شيء يتم التحضير له بأعلى مستوى.
> قلت في تصريحات سابقة إن مونديال قطر سيكون استثنائيا، في وجهة نظر (فيفا) ما الشيء الذي ستتميز به نسخة 2022؟
< ستكون هناك الكثير من الأمور المميزة في نهائيات كأس عالم ستكون فريدة من نوعها، لأنه لن يكون قبلها أو بعدها بطولة منظمة في منطقة جغرافية صغيرة. كل الملاعب بعيدة عن بعضها البعض بمسافة لا تتجاوز 50 كلم. يعني في حدود 20 أو 30 دقيقة يمكن تتنقل بسيارتك أو بالموصلات العامة إلى ملعب آخر. هذا لم يكن موجودا في الماضي، ولن يكون موجودا في المستقبل .. بالنسبة لمشجع كرة القدم ستكون هذه التجربة هي الأمثل. أن يشاهد عدة مباريات ويحتفي بمنتخبات من جميع أنحاء العالم. مليونا متفرج سيتابعون البطولة من الملاعب، و4 مليارات عبر التلفاز. العالم سيتعرف على هذا البلد وعلى منطقة مجلس التعاون الخليجي وعلى ثقافته التي تواجه في بعض المناطق من العالم نوعا من التعصب. وأولئك الذين سيأتون إلى قطر وسيتابعون المباريات، سيدركون ثراء ثقافة العالم العربي ومدى كرم وضيافة العرب. نعلم أن التعصب موجود، لكن النهائيات ستلعب في أفضل الملاعب بالعالم وأفضل الظروف. الأرضيات رائعة والجو والطقس رائع. كما أن البطولة ستقام بين شهري نونبر ودجنبر أي في ذروة الموسم الكروي، وليس -كالسابق- في الصيف عندما يأتي اللاعبون بعد موسم متعب. سيكونون في قمة لياقتهم البدنية. في النهاية سنجتمع سوية في مكان واحد لنحتفي بكرة القدم في سلام ووئام.
> عملية تشييد الملاعب ترافقت مع تقارير صحفية تتحدث عن إخلال قطر بمعاملة العمالة الأجنبية وحقوقها، كيف تعاملتم مع حكومتها في هذا الموضوع؟
< أتذكر منذ زيارتي الأولى إلى قطر منذ 5 سنوات، أنني تعاملت مع هذه النقطة تحديدا مع أعلى سلطة ابتداء من سمو الأمير ورئيس الوزراء والوزراء الآخرين المعنيين بالموضوع. في البداية ككثيرين فكرت بنوع من السلبية، لكن قطر أوقت بما قطعته من عهود فيما يخص التعامل مع قضايا حقوق العمال ليس فقط فيما يتعلق بتشييد الملاعب. وقبل قدومي إلى هذه المقابلة، كنت في اجتماع مع خبراء ومنظمات دولية نبحث هذه القضية، والكل وقف على التغير الذي تحقق. أعتقد أنه من نوعه في تاريخ البشرية بعد أن تحقق كل هذا التقدم في هذه الفترة الوجيزة. ينبغي أن نعترف بذلك، لأنه من السهل أن تنتقد. مع الأسف نرى بعض التقارير الزائفة تتحدث عن موت عمال وغير ذلك. نعم هناك حوادث تقع في قطر كما يحدث في باقي بلدان العالم. هناك الكثير من التقدم التي تم إحرازه، والعمال يعاملون بنفس الطريقة التي يعامل بها العمال في أوروبا الوسطى والولايات المتحدة. هناك حد أدنى للأجور. تنظيم كأس العالم شكل دافعا للتغيير الإيجابي في قطر …
> رغم ذلك بعض اللاعبين يقولون إنهم سيرفعون قضية حقوق العمال خلال مباريات كأس العالم سواء عبر تصريحات لوسائل الإعلام أو كتابة شعارات تحت القمصان، كيف ستتعاملون مع ذلك؟
< علينا أن نتعامل مع ذلك بشكل فعال وإيجابي، أي نفسر ونشرح ونبرهن لهم الحقيقة. البعض يتحدث منطلقا عن جهل بالواقع. سنتعامل بطريقة مفتوحة وشفافة. نظهر لهم ما هي التغييرات التي تحققت وماذا لم يتحقق؟ علينا أن نظهر للمنتقدين ذلك، وعليهم من جانبهم أن يأتوا بأنفسهم إلى قطر ويروا ماذا يحدث حتى يكونوا صورة عن الموضوع قبل طرحها على الرأي العام.
> ما هي تطلعات (فيفا) من أول كأس عالم بالمنطقة العربية؟
< نتطلع إلى أن نجعلها الكأس الأفضل على الإطلاق. فأفضل مونديال كان أقيم في روسيا. نريد أن تكون نسخة قطر 2022 الأفضل لأنها آخر دورة تقام بـ 32 منتخبا. البطولة المقبلة ستتكون من 48 منتخبا. طبعا ستجرى المباريات في منطقة جغرافية صغيرة وفي فصل الشتاء، وهي أفضل الظروف لكرة القدم. ومن وجهة نظر بحتة، ستكون بطولة رائعة.
ما رأيك في مستوى المنتخبات العربية في كرة القدم؟
< رأينا مباريات ممتازة في كأس العرب. قبل انطلاقة البطولة كنت قلقا بعض الشيء، لأن الكثيرين من اللاعبين المحترفين بالدوريات الأوروبية لا يستطيعون المشاركة، لكن الأسماء المتاحة لعبت بشكل استثنائي ورأينا مواهب رائعة. المنتخبات الأربعة التي بلغت نصف النهائي تقدم عروضا رائعة. البقية كانوا رائعين أيضا. شاهدنا مباراة رائعة بين المغرب والجزائر انتهت بضربات الترجيح. لست فقط أنا من أقول ذلك. لدينا فريق فني بقيادة آرسن فينغر وهو من أفضل المدربين في العالم، يراقب ويقيم المباريات. رأينا كيف أن لاعبين قاموا ببذل مجهود من أجل التأكيد على أحقيتهم في الظهور بتشكيلات كأس العال
> لماذا تقوم بتخريب كأس العالم بمقترح إقامتها كل سنتين بدل كل 4 أعوام، هكذا يقول المعارضون، ما الهدف والجدوى من ذلك؟
< نحن في مؤتمر (فيفا) الذي يحضره 211 اتحادا، طلب منا دراسة إمكانية جعل كأس العالم مرة كل سنتين بدلا من أربع سنوات. لجأنا إلى تصويت ديمقراطي، حيث صوت 88 في المائة لصالح المقترح. البعض وقف ضده كما وقف آخرون معه. من وجهة رياضية ومالية نبحث عن كل هذه الأمور والأسباب وراءها. قبل 100 عام اتخذ قرار تنظيم البطولة كل 4 أعوام. آنذاك الرحلة من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية كانت تستغرق 3 أشهر. 40 في المائة من بلدان العالم كانوا يمارسون اللعبة والآخرون لا. حاليا تسافر من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية في غضون ساعات. وجميع بلدان العالم تمارس كرة القدم. كرة القدم تأتي بالفرص وتجمع العالم دون إقصاء أي أحد. حاليا إذا فشل في منتخب في التأهل إلى المونديال، مثلا كما حدث لإيطاليا في كأس العالم 2018، فاللاعبون يحرمون من الظهور في البطولة لمدة 8 سنوات. نريد إتاحة فرص أكبر للاعبين في العالم كله ليحتفلوا ويشاركوا، ليس من خلال زيادة عدد المباريات، بل بهدف تخفيف العبء عليهم ومنحهم الفرصة للتنافس الدولي في عدة مناسبات.
إعداد: صلاح الدين برباش